دروس مستفادة من بحث مراحل مسيرة دار الأركان منذ نشأتها حتى يومنا الحاضر

20/11/2010 13
سعود المعلى

كثر اللغط حول شركة دار الأركان وكثر المتسائلين من جمهور المساهمين الذين يمكن تلمس مدى حيرتهم ومدى نقص المعلومة لديهم حول أوضاع الشركة، فعلى حد تعبير بعضهم "(نقاش في جميع المنتديات الاقتصادية والحسرة والألم هي العلامة المميزة في تلك النقاشات ... الخ، وقول أخر يسوؤني ما يتعرض له ملاكه من ظلم كبير)"، كان هو الدافع وراء البحث عن معلومات تتصف بالمصداقية لعلها تشفي غليل المتعطشين لمعرفة مسببات ما يحدث من تدهور لسعر السهم. إن الشح بالمعلومات المتاحة فرض الإنتقال إلى إعداد دراسة مستندة على ما نشرته الشركة نفسها من تقارير.

لقد كانت المفاجأة الأولى للباحث اكتشاف بأن حوالي (19%) من أسهم الشركة قد أكتتب بها المساهمين غير المؤسسين بسعر (195) ريال (50 سعر السهم + 145 ريال علاوة إصدار)، رغم أنه لم تمضي مدة زمنية كافية تبرر التغير بسعر سهم الشركة. والمفاجأة الثانية هي صافي علاوة الإصدار البالغة (2,6) مليار ريال المتحصلة من طرح (11%) من أسهم الشركة  للإكتتاب قد استحوذ عليها المؤسسون فقط، حيث لم تشمل المساهمين غير المؤسسين الذين يملكون حوالي 19% من الأسهم بالرغم من دفعهم في مرحلة سابقة علاوة إصدار بلغت حوالي (3) مليار ريال والتي ضمت في حينه إلى إحتياطيات الشركة. والمفاجأة الثالثة هي إسترجاع المؤسسين لمبالغ مشاركتهم برأسمال الشركة بالإضافة إلى ربح مبالغ نقدية بلغت حوالي (2775) مليون ريال بعد طرح الشركة للإكتتاب العام مباشرة وقبل إدراجها للتداول بسوق الأسهم السعودية. أما المفاجأة الرابعة هي تجسير الديون، إستبدال دين بدين اخر، والإرتفاع التصاعدي لتكلفة الاقتراض أو الديون بالتوازي مع صرف أرباح عالية جدا بلغ مجموعها (14) ريال خلال خمس سنوات فقط، بالإضافة لرفع رأسمال الشركة للضعف وذلك بمنح أسهم مجانية. وأخر المفاجآت هي تحرير نصف أسهم المؤسسين وجعلها قابلة للتداول (تساوي عدد أسهم المؤسسين الأساسية برأس مال الشركة) نتيجة رفع رأسمال الشركة وذلك بمنح أسهم مجانية، حيث أصبح نسبة المحظور تداوله من أسهم الشركة (35%) بعد أن كان (70%)، الأمر الذي مكن ثمانية من المؤسسين من بيع جل أسهمهم المجانية حتى نهاية سنة 2009م.

إن الدروس المستفادة من إستعراض هذه الوقائع أو الحقائق ينبغي أن تناقش من قبل هيئة سوق المال من أجل تطوير أنظمة الهيئة. لذا يقترح ما يلي:

أولا: حظر عملية التخارج حين تحويل أي شركة إلى شركة مساهمة تطرح للتداول بسوق الأسهم.

ثانيا: الإقرار بأن علاوة الإصدار هي حق للشركة وليس للمؤسسين، أي أنها تصبح جزء من حقوق جميع المساهمين برأسمال الشركة. الأمر الذي يعني إيداع مبالغ علاوة الإصدار في حساب الاحتياطيات والأرباح المحتجزة أو الأرباح المبقاة للشركة.

ثالثا: تطبيق فترة الحظر على تداول أسهم المؤسسين الممنوحة كأسهم مجانية خلال مدة الحظر، حتى لايصبح رفع رأسمال الشركة وسيلة لتسييل المؤسسين لجزء من حصصهم قبل إنتهاء فترة الحظر.

وأن لم يتحقق ذلك، فعلى أقل تقدير وضع قائمة في صفحة كل شركة داخل موقع تداول الاسهم السعودية تحتوي على حصص المؤسسين الأساسية مهما كانت نسبتها تبين ما يطرء عليها من تغيير حتى إنتهاء فترة الحظر، حتى يتمكن المستثمرون من متابعة تغيير نسبة ملكية المؤسسين.

رابعا: إيجاد ألية صارمة لتقييم الأصول العينية للمؤسسين في رأسمال الشركة المقترح تحويلها لشركة مساهمة، لعله من المناسب أن يكون من ضمنها:

أ - تقيم السعر العادل من قبل أكثر من جهة، أحدها جهة محايدة غير ربحية مشهود لها بالكفاءة والنزاهة.

ب - إلزام المستشار المالي ومدير سجل الإكتتاب والمتعهد الرئيس للتغطية بدور صانع السهم لمدة لا تقل عن سنة مالية كاملة من تاريخ إدراج الشركة بالسوق بحيث يلتزم بشراء أسهم الشركة حال هبوطها دون سعر الإكتتاب لضمان التقيم العادل لسعر السهم المطروح للإكتتاب.

ج - طرح النسبة المخصصة للصناديق السيادية والمؤسسات المالية بمنافسة عامة تعلن نتائجها قبل طرح الشركة للنسبة المخصصة من أسهمها للبيع على جمهور المساهمين من خلال إدراج الأسهم مباشرة للتداول اليومي في سوق الأسهم.

خامسا: ينبغي أن لا يدرج في سوق الأسهم إلا الشركات المساهمة التي سيكون لها قيمة مضافة للإقتصاد الوطني. فعلا سبيل المثال أصبحت بعض الشركات العقارية عبء على الاقتصاد الوطني حيث ضخمت أسعار الأراضي البيضاء، الأمر الذي حد من قدرة المواطنين على إمتلاك منزل ملائم لدخولهم، فضلا عن أنها زادت نسبة التضخم في قيمة الإيجارالسنوي للعقارات. لذا يقترح وضع تنظيم لعمل الشركات العقارية المساهمة بحيث يحصر نشاطها على التطوير العقاري فقط، أي يمنع متاجرتها بالأراضي البيضاء مقابل منحها أراضي مجانية، ووضع تشريعات تيسر لها توفير السيولة لبناء الوحدات العقارية، التي منها السماح للشركات المساهمة بالبيع على المخطط للمستفيدين من الوحدات السكنية تسدد على دفعات تواكب نسب الإنجاز.

سادسا: إستبعاد أصوات (أسهم) أعضاء مجلس الإدارة من المؤسسين أو من يمثلهم في المجلس حين التصويت على إبراء ذمم أعضاء مجلس الإدارة في الجمعية العمومية، وهذا ينبغي أن يطبق على عموم كبار الملاك في جميع الشركات المساهمة.