هل يكفي دائما الركون إلى تصريحات مسؤولي الشركات وإلى القوائم المالية للشركة؟

08/12/2010 8
سعود المعلى

لفت انتباهي تعليق في أحد منتديات الأسهم حول سهم دار الأركان مفاده أن " الشركة أكدت أن موقفها المالي سليم وما يجري للسهم في البورصة لا علاقة لها به ... إن ما يهم ملاك السهم وأنا أحدهم تفسير منطقي لما يحصل للسهم والذي يتنافى تماما مع التحليل الأساسي ولكن للأسف كثرت المواضيع وطالت ولم أجد ما يشفي الغليل". وهنا لابد من تبديد الحيرة وشفاء الغليل، بالرغم من تردد المرء في بعض الأحيان في طرح نتائج نبش وثائق الشركة المنشورة، التي بعضها منشور على موقع الشركة نفسها وبعضها الأخر منشور على موقع تداول ومعلومات أخرى مستخلصة من تصريحات المسؤولين بالشركة، "خشية زيادة جرح ملاك السهم إدماءً"، ولكن تلمس الموضوعية وتوقع قبول مبدأ إتاحة المعلومات للقارئ ليتخذ ما يراه من قرار محفز لتدوين هذه السطور :

أولا: استقصاء أثر الاقتراض على تمويل توسعات الشركة ومشاريعها:  لجأت شركة دار الأركان للحصول على قروض بمبلغ (6) مليار ريال خلال النصف الأول من عام 2007م تحت مبرر تمويل مشاريعها ( قرض ب 600 مليون دولار أمريكي بما يعادل 2,25 مليار ريال سعودي بتاريخ 7 مارس 2007م وقرض آخر بمليار دولار أمريكي بما يعادل 3,75 مليار ريال سعودي بتاريخ 17 يوليو 2007م)، إلا أنه بالمقابل يلاحظ انكماش نشاط الشركة في نطاق المشاريع التي تحقق رؤيتها ورسالتها وإستراتيجيتها المعلنة. وهذا بيان للانكماش المقصود:

1-  تقليص الشركة لمشروع التلال بالمدينة المنورة حيث ألغت الشركة المرحلة الثانية (1،589 فلة) والثالثة (1،840 وحدة سكنية (شقق) ووحدات تجارية) نتيجة بيع الشركة للأراضي الخام المجاورة للمشروع والأراضي البيضاء (2,2 مليون م2) المطورة داخل المشروع، حيث لم يستخدم منها سوى (170) الف م2 لبناء (500) فله كمرحلة أولى انتهى تنفيذها فعليا في 2009م. هذا المشروع كان يفترض وفق ما هو مخطط إنهاء كافة أعمال المرحلة الأولى في 2007م والانتهاء من تنفيذ كامل المشروع بمراحله الثلاث في 2010م ولكن الواقع يخالف ما هو مخطط للمشروع.

2-  تشير خطط  تنفيذ مشروع شمس الرياض إلى أن تاريخ الانتهاء من كافة أعمال تنفيذ المشروع هو في عام 2008م، حيث بلغت نسبة إنجاز مشروع المخطط 13,4 % كما في 31 ديسمبر من العام 2006 م. إلا أنه جرى تأجيل تاريخ انتهاء كامل المشروع حتى نهاية عام 2011م  ثم أجل مرة أخرى حتى نهاية العام 2012م ، أما أخر التصريحات لمسئولي الشركة فهو تجميد مشروع شمس الرياض لما بعد 2013م.

3- أفصحت الشركة في أكتوبر من العام 2009 عن مشروعها الجديد “ شمس العروس” المكون من أكثر من 10.000 وحدة سكنية وكافة مرافق الخدمة العامة والذي يستغرق تنفيذه  مدة خمس سنوات. وكانت خطط  الشركة تشير بأن بدأ أعمال الإنشاءات للمرحلة الأولى، والتي تتضمن بناء 2000 وحدة سكنية، خلال العام 2010م . أما أخر التصريحات لمسئولي الشركة حول ما نفذ من المشروع فهو استكمال الشركة البنية التحتية للمشروع. لذا يتبين وفق هذه المعلومات عدم تمكن الشركة من بناء 2000 وحدة سكنية كما هو مقرر.

4-  بدأ العمل في تنفيذ مشروع القصر بالرياض في عام 2005م وقد تمَ إنجاز حوالي 40 % من مخطط المشروع كما في 31 ديسمبر من العام 2006 م والتي تم  بيعها خلال عام 2007م، ووفق خطط الشركة تكتمل كافة أعمال المشروع في مراحله المختلفة عام 2008م. ولكن بنهاية العام 2008م أفادت الشركة بأنه تم استكمال نسبة  75 % من أعمال المشروع ويتوقع الانتهاء من كامل الوحدات السكنية والتجارية في ديسمبر 2009م. وقد أوضح تقرير مجلس إدارة الشركة بنهاية العام 2009م بأنه تم استكمال نسبة  97 % من أعمال المشروع ويتوقع الانتهاء من كامل الوحدات السكنية والتجارية قريباً ببداية العام 2010م. وهنا ينبغي ملاحظة بيع 40 % من مخطط المشروع خلال عام 2007م، الأمر الذي يفترض توفر السيولة لاستكمال الجزء المتبقي من هذا المشروع.

5- مشروع منطقة قصر خزام بجدة دشن بتاريخ 11 / 10 / 2008م ويتوقع أن تبلغ التكلفة الكلية  للمشروع حولي 10 مليارات ريال سعودي ويتوقع أن ينتهي تنفيذه خلال 6سنوات بالتعاون والشراكة مع أمانة مدينة جدة ممثلة بشركة جدة للتنمية والتطوير العمراني . إن الغرض من المشروع هو تطوير منطقة قصر خزام والأحياء المحيطة به (أحياء السبيل والنزلة اليمانية وأجزاء من حي البلد وحي القريات) والذي يُعد أضخم مشروع لإعادة تأهيل المناطق العشوائية بمدينة جدة، حيث يتطلب المشروع نزع الملكيات وتثمين المباني القائمة والبالغ عددها 6000 عقار والتي يقطنها  قرابة المائة ألف نسمة. المشروع بفكرته مشابه للتحالف الخاص بمشروع تطوير المنطقة المركزية لمدينة الرياض (تطوير منطقة الظهيرة وسط مدينة الرياض). أما أخر المعلومات حول المشروع فهو الانتهاء من تصاميم المخطط العام المبدئي الذي تم اعتماده من قبل وزارة الشؤون البلدية والقروية وأمانة جدة كما تم مسح كامل الملكيات واستكمال صحائف الملكية وتقييم المباني القائمة والبالغ عددها 6000 عقار.

من خلال هذا الاستعراض لم يتبن أثر الاقتراض لمبلغ (6) مليار ريال خلال النصف الأول من عام 2007م على تمويل المشاريع، حيث ما حدث هو تجميد أحد المشاريع وتغيير وجهة آخر، بإلغاء المراحل المتبقية منه وبيع أراضي المشروع، وتأخر إنجاز كافة مشاريع الشركة. في وقت أن الديون تراكمت حتى بلغت 7,8 مليار ريال بالرغم من بيع معظم فلل المرحلة الأولى لمشروع التلال وأراضيه وبيع جل الوحدات السكنية لمشروع القصر بالرياض.

ثانيا: أهمية استقصاء مسيرة تطور كل شركة يتدهور سعرها السوقي : باستقصاء مسيرة الشركة نجد أهم جذور مشكلة تأكل السعر السوقي للسهم في وقت مبكر وسقوطه لمستويات متدنية تكمن باستعجال قيادة الشركة قطف ثمار الشركة في وقت مبكر جدا حيث استنزفت سيولة الشركة أولا بأول، فما مضى من قرارات لمجلس إدارة الشركة انعكس على حاضر قيمة السهم السوقية. إن المبالغ المتحصلة نقدا من قبل المساهمين منذ إعلان الشركة كشركة مساهمة بلغت (10178) مليون ريال، أي نحو ضعف رأسمال الشركة الأساسي وذلك خلال خمس سنوات فقط ، نتيجة صرف الشركة أرباح بلغت (14ريال) زائد استلام المؤسسون صافي علاوة الإصدار(2,6مليار ريال). لقد كان نصيب المؤسسين (الاثنى عشرة) من المبالغ المتحصلة نقدا هو (8444) مليون ريال.

إن الدرس المستفاد من سرد هذه الحالة العملية  يؤكد ضرورة البحث والاستقصاء حيث لا يكفي دائما  الاتكاء على تصريحات مسؤولي الشركات وعلى القوائم المالية المعلنة أو حتى على ما تعلنه بعض المؤسسات المالية حول تقيم أسعار الأسهم.