حظي الجزء الأول من هذا المقال باهتمام لا بأس به من جانب القراء منذ نشره قبل أسبوعين، وأبدى بعضهم ملاحظات دفعتني للكتابة فيه مجدداً للرد على تلك الملاحظات التي ربما استشكل فهمها على عدد منهم. فقد حدث أن اتصل بي السيد مروان أبوشنب هاتفياً في إطار حلقة خاصة أفردها برنامجه المعروف إحداثيات اقتصادية بتلفزيون قطر لموضوع استضافة قطر للمونديال، فعرضت في مداخلتي بالحلقة لأهم ما ورد بالمقال من ملاحظات واقتراحات. وقد علق أحد ضيفي الحلقة وهو السيد محمد العبيدلي قُبيل نهاية الحلقة مقللاً من أهمية ما ذكرت باعتبار أن تكاليف المشروعات التي يتضمنها ملف قطر ليست بتلك الضخامة من ناحية، وأنه بتقسيمها على عشر سنوات فإن القسط السنوي لن يزيد عن 15 مليار ريال، وهو مبلغ مقدور عليه ولا يشكل عبئاً على الموازنة السنوية للمشروعات الرئيسية للدولة من ناحية أخرى. وأضاف السيد العبيدلي أن لدى الدولة إيرادات أخرى كثيرة بخلاف النفط.
وفي وقت لاحق نشر موقع أرقام على النت المقال ضمن زاويته المعروفة ألفا بيتا، وعلق أحد القراء بأن تقديرات فائض الموازنة العامة للدولة هذا العام تصل إلى 19 مليار دولار بما يعني أنه لا توجد مشاكل متوقعة في التمويل. والحقيقة أنني قد نوهت في الجزء الأول من المقال إلى أن دولة قطر قادرة بفضل الله على إقامة كافة المنشآت المقترحة، ولكنني علقت تلك القدرة على أمرين الأول بقاء سعر النفط فوق مستوى 65 دولاراً للبرميل، والثاني ضرورة اتخاذ بعض القرارات المهمة في مجال السياسات الاقتصادية ومنها وقف التوسع في الاستثمارات الخارجية من ناحية وعدم الارتباط بمشاريع توسعية جديدة في مجال صناعات الغاز والبتروكيماويات من ناحية أخرى. وقد عللت هذا الأمر بأنه من قبيل التحوط حتى لا يزداد الدين العام بأكثر مما ينبغي، وحتى لا يصبح تمويله عبئأً على الموازنة العامة للدولة في حالة ما إذا حدث تراجع مفاجئ في أسعار النفط دون 65 دولاراً للبرميل في فترة العشر سنوات القادمة.
ولقد رأيت أن أرد على تعليقات السيد العبيدلي وقراء موقع أرقام في جزء ثانٍ، خاصة وأن السيد وضاح طهبوب -الذي يُصدر مع جريدة الوطن الملحق المعروف بـ "مشاريع"- قد أبدى اهتماماً بنشر بعض ما ورد في المقال من اقتراحات في ملحقه القادم.
وبداية أشير إلى أنني عندما ربطت القدرة القطرية على التمويل بسعر 65 دولاراً لبرميل النفط فذلك لأن الموازنة العامة للدولة تحقق فائضاً عند هذا المستوى يزيد عن عشرين مليار ريال سنوياً، وهو مبلغ جيد يغطي الالتزامات الناشئة عن مشروعات ملف المونديال ويزيد. وأنوه إلى أن الحديث هنا هو عن فائض الموازنة العامة للدولة بكل مُدخلاتها التي تصل إلى خزانة الدولة من إيرادات نفطية وغازية واستثمارية، ومن ضرائب ورسوم منوعة، لا عن فائض صادرات النفط فقط. ومن جهة أخرى أشير إلى أن المصروفات العامة للدولة كانت في حالة تزايد مستمر سنة بعد أخرى نتيجة الزيادات الكبيرة التي تطرأ سنوياً على عدد السكان. ومن شأن تزايد المصروفات أن ينكمش الفائض المالي المتوقع تحققه في سنوات قادمة حتى لو ظل سعر برميل النفط في حدود 65 دولاراً للبرميل.
ومن جهة ثالثة، أذكر بأن الفائض الذي يتحقق بعد إنفاق المصروفات المعتمدة في الموازنة العامة لا يبقى في خزائن الدولة أو يتحول إلى ودائع لدى البنوك خارج أو داخل قطر، وإنما يتم إنفاقة على استثمارات خارج الموازنة كمشروعات النفط والغاز والبتروكيماويات، أو الاستثمارات التي تقوم بها شركة الديار خارج قطر. وقد رأينا في السنوات الخمس الماضية كيف تضاعف الدين العام للحكومة والقطاع العام عدة مرات حتى تجاوز 75 مليار دولار، وهو أمر لم يكن ليحدث لولا أن الإنفاق العام على الموازنة العامة وخارجها قد تجاوز الإيرادات العامة مما استوجب الاقتراض. والمقصود بالدين العام هنا كافة التمويلات التي احتاجتها الحكومة وأصدرت بشأنها سندات وصكوك في الداخل والخارج، إضافة إلى ديون الشركات والمؤسسات الحكومية والعامة.
وكما هو معروف فإن أي ارتفاع كبير في أسعار النفط قد يتبعه تراجع في وقت لاحق نتيجة حدوث ركود اقتصادي عالمي أو نتيجة حدوث اكتشافات نفطية جديدة قد تزيد من المعروض في مواجهة الطلب ، أو بحدوث تقدم تكنولوجي في مجالات بدائل النفط أو في طرق استخراجه أو استهلاكه. ومن هنا فإن انخفاض سعر النفط دون مستوى 65 دولاراً للبرميل هو أمر وارد وقد يحدث في أي من السنوات العشر القادمة، مما يستدعي اتخاذ تدابير الحيطة والحذر أثناء تنفيذ مشروعات طموحة بحجم المشروعات التي يتضمنها ملف قطر لاستضافة المونديال.
وقد أشرت في الجزء الأول من المقال أيضاً إلى أهمية قيام الجهات المسئولة في مصرف قطر المركزي ووزارات الدولة باتخاذ السياسات والإجراءات الكفيلة بإبقاء معدل التضخم تحت السيطرة حتى لا يؤدي تسارع الإنفاق العام المنتظر على المشروعات الخاصة بالمونديال، والزيادة الكبيرة المتوقعة في عدد السكان، إلى ارتفاع كبير في تكلفة المعيشة وبالتالي معدل التضخم، لأن ذلك سيعمل على زيادة التكلفة المقدرة لتلك المنشآت.
وعلى ضوء ما تقدم أكرر ما سبق أن أشرت إليه في ختام الجزء الأول من المقال بأن استحقاق المونديال يتطلب مراجعة للسياسات الاقتصادية المعتمدة في الدولة، وهي دعوة يمكن النظر إليها بالحد الأدنى على أنها دعوة احترازية تفيد ولا تضر حتى تظل كافة الأمور في مرحلة ما قبل المونديال وما بعده تحت السيطرة وبدون مفاجآت، كما حدث لبلدان أخرى.
الأستاذ بشير الكحلوت أتابع مقالاتك منذ سنوات طويلة خصوصا وانك من بين القلائل الذين له باع طويل في الكتابة الاقتصادية حول دولة قطر سواءا الاقتصاد أو السوق القطرية... سؤالي هو هل تم عمل اي دراسة في قطر حول العوائد والاثار الايجابية لاستضافة المونديال أو كما درسنا في الجامعة في مادة الاقتصاد الهندسي بأن اي مشروع يصبح مجديا عندما تكون الفوائد الناتجة عنه على المديين المتوسط والطويل معادلة على الأقل لتكلفة المشروع..... أم أن الدراسة سيتم عملها بعد الموافقة على الاستضافة ؟؟؟ في الأعوام 1994 - 1998 كنت أعيش بالقرب من مدينة "اتلانتا" الامريكية وحتى بدون النظر للاحصاءات استطيع ان اقول أن استضافة "اتلانتا" للالعاب الاولمبية في عام 1996 قد أفادت بشكل كبير المدينة بحيث يمكنني التأكيد على أن المدينة قد استفادت اقتصاديا بأكثر كثيرا مما أنفقته على الألعاب والأمثلة التي شاهدناها آنذاك كثيرة وليس هنا مجال لتعدادها..
شكراً د أحمد على إطرائك وأحمد الله على التوفيق، وفيما أشرت إليه من موضوع المونديال أؤكد لك أنني خارج الدائرة الرسمية منذ أن تركت الديوان وبعده المصرف المركزي، وبالتالي لا أدعي معرفة بمجريات الأمور. ويمكن القول إن دولة قطر باعتبارها من الدول ذات الفائض المالي قد وجدت منذ سنوات أن انفاقها في المجال الرياضي يصب في خانة تحقيق تنمية سريعة للبنية التحتية بعد أن تأخرت في قطر عن بعض مثيلاتها الخليجية. وقد كان لذلك أسبابه التي ترجع إلى اهتمامها المبكر بمجالات إنمائية أخرى كالصناعة وتطوير حقول الغاز. وعندما تم التعاقد على انتاج نحو 77 مليون طن من الغاز المسال سنوياً منذ بداية الألفية الحالية وجدت قطر أنها استكملت برنامجها الإنمائي باتجاه تنويع مصادر الدخل وأن عليها بالتالي البحث عن أهداف أخرى لبرامجها الإنمائية. وقد حفزها النجاح الباهر في تنظيم الأسياد عام 2006 إلى طلب استضافة مونديال 2018، وعندما لم يتحقق لها بذلك عملت بقوة من أجل استضافة مونديال 2022. واعترف لك أن التكلفة ستكون أكبر من العائد المادي الذي ستجنيه قطرباعتبار أن المشروعات المطلوبة ضخمة التكاليف من ناحية وتفوق تكاليف مونديال جنوب أفريقيا وما قبله. وبالتالي فالعجز سيكون كبيراً، ولذا طالبت في مقالتي بضرورة توخي الحذر حتى لا يتفاقم العجز إذا ما ارتفعت أسعار تكاليف الإنشاء أو إذا ما انخفضت أسعار النفط. ولكن على الرغم من التكلفة المرتفعة التي تفوق العائد بكل تأكيد فإنه إذا ما سارت الأمور بحسب ما هو ظاهر حتى الآن فإن قطر والمنطقة العربية ستجني فوائد سياسية واجتماعية كبيرة من وراء المونديال ولن يتوقف الأمر على الفوائد الاقتصادية وهذا ما تتطلع إليه قيادة قطر.
المثل الشعبي يقول(((( اذا برد هان أكله)))),,,,,, نعم فدولة قطر قادره على الاستضافه,, وشعبها سيكون بصف قيادته للاستضافه,, وسنكون كلنا كعرب وكمسلمين سعداء لتلك الاستضافه,,,, لكن يبقى السؤال هل تمت الموافقه,, ام لا , الجواب طبعا, حتى الآن لم يبت في المضوع, فدوله مثل قطر لا اتوقع منها انها تنظر للجانب المادي في المدى القصير,,, مثلما لم تنظر للجانب المادي عندما استضافة اولمبياد آسيا,,, فجزء من مرددود آسيا وظف لملف طلب قطر الترشح لاستضافة كأس العالم لعام 2022,,,,فحتى اللحظه لا نملك الا ان نقول ان شاء الله توافق اللجنه على الملف القطري,,, اما الآن فنقول لكل حادثه حديث.
تستاهل قطر وشعبها لكن حنا الله ييخلف علينا