لم يكن غريباً أن تعلن الصحف الإسرائيلية موقفها الرافض لاستضافة قطر لمونديال 2022 باعتبار أن ذلك الحدث الفريد من نوعه سوف يزيل من أذهان العالم الغربي وإلى الأبد تلك المقولات السخيفة التي رسخها الإعلام الصهيوني على مدى عقود من الزمن والمتمثلة في تخلف المجتمعات العربية وارتباط أفرادها بركب الجمال ورعي الغنم. فمن يطلع على التفاصيل التي اشتمل عليها ملف قطر من منشآت رياضية ضخمة سيتم إقامتها في السنوات العشر القادمة لتناسب الحدث الكبير، يدرك على الفور سر انزعاج الإسرائيليين مما ستوفره قطر من تسهيلات غير مسبوقة في تاريخ المونديال، وبما يجعل فعاليات الحدث في عام 2022 معجزة شاهدة على إبداع الإنسان العربي القطري، وقدرته على تحدي الصعاب، ومدى حبه للحياة والعيش بسلام مع كافة شعوب العالم.
وإذا كانت شاشات القنوات الفضائية ستنقل أثناء الحدث في عام 2022 فعاليات المباريات والتعليق عليها بكل اللغات لكل أنحاء العالم، وتنقل معها صوراً من ملامح الحياة العصرية المتحضرة التي تعيشها قطر ولبُنيتها التحتية البالغة التطور، فإن التجهيز لهذا الحدث الكبير سوف يكون محط أنظار العالم مع كل منشأة يتم تجهيزها حتى ذلك التاريخ. ويحضرني في هذا المجال ما اشتمل عليه الملف القطري من إقامة 12 ملعباً جديداً تستخدم تقنيات حديثة وأنظمة تبريد باستخدام الطاقة الشمسية، في الملاعب ومناطق التبريد ومناطق المشجعين، من أجل التغلب على درجات الحرارة العالية صيفاً بحيث ينقلب الصيف إلى ربيع بارد بنسمات هواء عليلة. ومن حيث التسهيلات المساندة يتضمن الملف إقامة مدينة سكنية ضخمة في الوسيل يقوم فيها 4 ناطحات سحاب و 47 برجا سكنياً، وشبكة سكك حديدية ومترو لقطارات عالية السرعة.
هذه المنشآت الضخمة سيتم إقامتها على مدى السنوات العشر القادمة بحيث تكون جاهزة في عام 2020، أي قبل بدء المونديال بفترة كافية، وستتكلف نحو155 مليار ريال بمعدل 15.5 مليار ريال سنوياً، فهل ستتحمل قطر تكلفة إقامة هذا الحدث؟
إن من المتوقع أن تتمكن قطر من تمويل ما يمكن أن نطلق عليه من الآن برنامج قطر في مواجهة استحقاق المونديال إذا ما استمر سعر برميل النفط مرتفعاً بما يزيد عن 65 دولاراً للبرميل، باعتبار أن المبالغ المطلوبة يمكن استقطاعها من فائض الموازنة العامة للدولة. ولكن ذلك يتطلب تغيير السياسات الاقتصادية الراهنة بما يساعد على توفير الأموال اللازمة دونما حاجة للاقتراض من الخارج -وخاصة إذا ما انخفضت أسعار النفط دون 65 دولار للبرميل-.فالمعروف أن توسع دولة قطر في إقامة المشروعات الصناعية الجديدة بكافة أنواعها، وكذا التوسع في مجال الاستثمارات في الخارج، قد ساهم في زيادة وتيرة الاقتراض الحكومي والعام في السنوات الأخيرة بحيث بات الدين العام القطري يزيد في عام 2010 عن 75 مليار دولار. ومن ثم فإن فوز قطر باستضافة المونديال يستدعي التوقف فوراً عن إقامة أية مشروعات صناعية أو غازية جديدة خاصة وأن البرنامج الطموح جداً الذي بدأته قطر في التسعينيات من القرن الماضي لاستغلال حقل الشمال للغاز، قد أوشك على الانتهاء، وباتت قطر تتبوأ المركز الأول في مجالات غازية وصناعية عديدة. كما يجب على قطر الحد من توسعها الاستثماري في الخارج، وأن تعمل على تصفية أية استثمارات قد تجدها غير مربحة حتى لا تتبعثر جهودها وإمكانياتها بما يعوقها عن تحقيق أهدافها النهائية العليا.
ومن جهة أخرى يجب أن تعمل الجهات المسئولة في مصرف قطر المركزي ووزارات الدولة على اتخاذ السياسات والإجراءات الكفيلة بإبقاء معدل التضخم تحت السيطرة حتى لا يؤدي تسارع الإنفاق العام المنتظر على المشروعات الخاصة بالمونديال والزيادة الكبيرة المتوقعة في عدد السكان، إلى ارتفاع كبير في تكلفة المعيشة، لأن ذلك سيكون له عواقب غير سارة على التكلفة المقدرة لتلك المنشآت، وعلى مستقبل الاقتصاد القطري وعلى الحياة الإنسانية في قطر بوجه عام.
� إن احتمالات فوز قطر باستضافة المونديال تبدو الآن كبيرة في ظل النجاح القطري المنقطع النظير في الترويج لملفها الرائع، إضافة إلى عناصر أخرى مؤكدة تعمل في صالح هذه الملف منها أن معظم الدول المنافسة سبق لها أن استضافت مونديال أو أكثر، وأن آسيا عام( 2022) تستحق استضافة مونديال آخر بعد مونديال اليابان وكوريا عام 2002، كما أن العالم العربي الذي تمثله قطر لم يَشرُف باستضافة أي مونديال رغم المشاركات العربية المتفرقة فيه منذ أن شاركت مصر في المونديال الأول عام 1932. كما أن حجم المشروعات الضخمة المرتبطة بإقامة المونديال في قطر ستساهم في تنشيط الاقتصاد العالمي بما تتضمنه من فرص عمل كبيرة داخل قطر وللشركات الأجنبية المصنعة للتجهيزات خارجها. وهذا العامل بمفرده سيكون من بين العوامل الإيجابية جداً في صالح الملف القطري.
إن الاستحقاق القادم يتطلب مراجعة عاجلة للسياسات المالية والنقدية والاقتصادية حتى تظل كافة الأمور في مرحلة ما قبل المونديال وما بعده تحت السيطرة وبدون مفاجآت. ويتطلب هذا الموضوع تفصيلات أخرى قد نعود لها في مقالات أحرى إذا لزم الأمر.
كلنا قـطر 2022
دولة قطر تسير الى القمه بخطى واثقه ومن خلفها قيادات مثقفه وأفق عالي بالتفكير كم اتمنى زيارتها . موفقين اهلنا في قطر ومزيدا من التقدم الكلاسك من الرياض
تحياتي اعتقد ان دولة قطر لن تمر بمرحلة نقص سيولة، اذ حسب تقرير لمعهد التمويل الدولي فانه يتوقع ات تحقق قطر فائضا ماليا للسنة المالية 2010 بمقدار 19 مليار دولار، وهو كافي للقيام بكل المشاريع القطرية الواعدة. كل الاحترام