لقد خرج مفهوم الشركات المساهمة عن النطاق الاقتصادي التي وضعت له هذه الشركات من مفهوم المشاركة في رؤوس الأموال والمشاركة في الأرباح إلى مفهوم المضاربة وتحقيق الأرباح السريعة المحفوفة بالمخاطر العالية. هناك الكثير ممن لا يعلم أسس الاستثمار الصحيح وأن الوعي الاستثماري والمالي متدني لدرجة كبيرة في مجتمعاتنا مما أدى لوصول الشائعات والتوصيات والتي تعتمد على المضاربة المحفوفة بالمخاطر الكبيرة وأصبح أكثر المستثمرين يتأثرون بأي خبر أو توصية لتحقيق أرباح دون الرجوع إلى الهدف من الاستثمار في شركات المساهمة. ظهرت قبل فترة نتائج شركة سابك للربع الأول وكانت نتائجها سلبية وتكبدت خسائر تقارب المليار ريال وتعتبر شركة سابك من الشركات القيادية والاستثمارية التي حققت أرباح خيالية خلال الأعوام السابقة السؤال هل ما زالت شركة سابك شركة استثمارية أم لا؟ وهل تورطت فعلاً بشرائها لوحدة البلاستك المبتكرة لشركة جنرال إلكتريك؟
وهل كانت مبررات رئيسها التنفيذي المهندس محمد الماضي في انخفاض الأرباح معقولة وغير مُبالغ بها؟ وكما ذكر أن سبب الانخفاض هو مخصص الشهرة وقلة الطلب بسبب أزمة الائتمان، كما يتبادر إلى المستثمر سؤال في غاية الأهمية والذي لم يجب عليه أحد هل سوف يتم خصم الشهرة في الربع الثاني والثالث...؟ أي ما هو إجمالي الشهرة الذي سوف يتم خصمه؟
وما هي التزامات الشركة المالية خلال عام 2009م؟ كل هذه الأسئلة لم يتم الإجابة عليها من مسئولين الشركة ولكن سوف نوضح تلك الأسئلة بما يتسع لنا من معلومات من القوائم المالية والتي تحتاج إلى شرح لكي يعي المستثمر في هذه الشركة لبعض المفاهيم وارتباطها مع بعضها البعض وهي كالتالي: - المحور الأول:
هل تورطت شركة سابك فعلاً بشرائها لوحدة البلاستك المبتكرة لشركة جنرال إلكتريك؟
هناك رأيين الرأي الأول وهو إن أكثر المحللين الماليين يعتقدون أن سابك تورطت فعلا بشرائها لوحدة البلاستك المبتكرة ويعود السبب في ذلك الرأي لغموض تلك الصفقة وعدم وجود بيانات ومعلومات كافية لتحليل تأثير هذه الصفقة على شركة سابك.
الرأي الثاني يعتقد أن شركة سابك قد نجحت في شرائها لوحدة البلاستك المبتكرة والتي ستكون نتائجها ممتازة على المدى الطويل بعد إعادة هيكلة وحدة البلاستك المبتكرة. - المحور الثاني:
هل كانت مبررات الرئيس التنفيذي المهندس محمد الماضي في انخفاض الأرباح معقولة وغير مُبالغ بها؟
نعم كانت المبررات معقولة وغير مُبالغ بها حيث ذكر أن سبب الانخفاض هو مخصص الشهرة وهو صحيح حيث تم خصم مبلغ 1181 مليون ريال خلال الربع الأول من عام 2009م، وقلة الطلب بسبب أزمة الائتمان وهذا واضح بسبب الأزمة المالية والصعوبة التي تواجه عملاء سابك في الحصول على التسهيلات الائتمانية والمالية من البنوك وانخفاض أسعار البتروكيماويات في العالم إلا أن هناك بعض من الغموض وخاصة في العلاقة بين مبيعات الشركة وسعر البتروكيماويات فأسعار البتروكيماويات انخفضت بنسبة 65 % وانخفاض مبيعات سابك بنسبة 97% وهي بعيدة كل البعد عن أسباب الانخفاض فكما اعتقد فإن تبرير أن أسعار البتروكيماويات انخفضت ولكن ليس بنسبة الانخفاض في المبيعات وهذا واضح من القوائم المالية للشركة حيث انخفضت مبيعات الربع الأول بنسبة 49.5% عن الربع الأول للعام الماضي. - المحور الثالث:
هل سوف يتم خصم الشهرة في الربع الثاني والثالث...؟ أي ما هو إجمالي الشهرة الذي سوف يتم خصمه؟ للجواب على هذا السؤال يجب علينا أولا توضيح بعض النقاط وهي كالتالي:
• بلغت الموجودات غير الملموسة مبلغ وقدره ( 21.023.609) في قائمة المركز المالي بتاريخ 31 مارس 2009م.
• تم شرح الموجودات غير الملموسة في القوائم المالية لشركة سابك وكانت كالتالي " تشتمل الموجودات غير الملموسة على الشهرة وتكاليف ما قبل التشغيل وبراءات الاختراع والعلامات التجارية والموجودات غير الملموسة الأخرى. تمثل الشهرة السعر المدفوع بالزيادة عن القيمة العادلة لصافي الموجودات المشتراة. اشتملت الموجودات غير الملموسة على صافي شهرة قدرها ( 13.222 ) مليون ريال سعودي كما في 31 مارس 2009م. بناء على اختبار تقويم الشهرة الذي أجري مؤخراً تبين بأن قيمتها انخفضت بمبلغ 1181 مليون ريال سعودي على مستوى المجموعة. أن الفرق في قيمة انخفاض الشهرة على مستويي المجموعة والشركة التابعة المعنية يمثل أثر المنافع المتوقع تحقيقها على مستوى المجموعة، واختلاف تواريخ إعداد التقارير المالية والمعايير المحاسبية المستخدمة ".
• المعالجة المحاسبية للأصول غير الملموسة وهي " تقيد المبالغ المدفوعة بالزيادة عن القيمة العادلة لصافي الموجودات المشتراة كشهرة، ويعاد قياسها في نهاية كل سنة مالية ويتم إظهارها في القوائم المالية الموحدة بالقيمة الدفترية بعد تعديلها بمقدار الانخفاض في قيمتها إن وجدت.
• وبرجوع إلى القوائم المالية المفصلة لعام 2008م ذكر " يتم إجراء اختبار للشهرة دورياً للتأكد من وجود إنخفاض في قيمتها وطبقا لإختبار الشهرة الذي تم إجراؤه من قبل شركة مهنية مستقلة، تبين بأن القيمة الدفترية للشهرة، بتاريخ قائمة المركز المالي، كانت أقل من القيمة القابلة للإسترداد لها، تم تحديد القيمة القابلة للاسترداد للشهرة على أساس المعلومات المستخدمة في احتساب القيمة الحالية باستخدام التدفقات النقدية المتوقعة المبنية على التوقعات المالية ". أن الموجودات غير الملموسة لا تتضمن فقط الشهرة بل تتضمن الشهرة وتكاليف ما قبل التشغيل وبراءات الاختراع والعلامات التجارية والموجودات غير الملموسة الأخرى هذا للعلم والإحاطة، وبالرجوع إلى القوائم المالية المفصلة لعام 2008م نستنتج أن النصيب الأكبر من الموجودات الغير ملموسة هي الشهرة التي تولدت بسبب المبالغ المدفوعة بالزيادة عن القيمة العادلة لصافي الموجودات المشتراة من وحدة البلاستك المبتكرة والتي تقدر بمبلغ وقدره (10.400) مليار ريال، وفي الفقرة " بناء على اختبار تقويم الشهرة الذي أجري مؤخراً تبين بأن قيمتها انخفضت بمبلغ 1181 مليون ريال سعودي " ولتوضيح معنى صافي الشهرة وهي عبارة عن رصيد بداية السنة وتسويات توزيع سعر الشراء وفروقات تحويل عملات أجنبية، كما تم ذكر " واختلاف تواريخ إعداد التقارير المالية والمعايير المحاسبية المستخدمة" هل تم استخدام معايير محاسبية تختلف عن المعايير المحاسبية المتبعة في المملكة العربية السعودية والصادرة من الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين، السؤال ما هي هذه المعايير وكيف لنا أن نعرف ما تتضمنه هذه المعايير لكي نطلع عليها وعلى ما تتضمنه، كما أن هناك ازدواجية في المعالجة المحاسبية حيث ذكر في القوائم المالية " تقيد المبالغ المدفوعة بالزيادة عن القيمة العادلة لصافي الموجودات المشتراة كشهرة، ويعاد قياسها في نهاية كل سنة مالية ويتم إظهارها في القوائم المالية الموحدة بالقيمة الدفترية بعد تعديلها بمقدار الانخفاض في قيمتها إن وجدت" السؤال لماذا تم تقييم الشهرة خلال الربع الأول وليس في نهاية السنة المالية؟ ذكر في القوائم المالية المفصلة " يتم إجراء اختبار للشهرة دورياً للتأكد من وجود انخفاض في قيمتها وطبقا لاختبار الشهرة الذي تم إجراؤه من قبل شركة مهنية مستقلة، تبين بأن القيمة الدفترية للشهرة، بتاريخ قائمة المركز المالي" ما هو المقصود بتاريخ قائمة المركز المالي هل هي السنوية أو الربع سنوية؟ ولكي لا أطيل عليكم بالشرح أتمنى توضيح تلك النقاط التي تحتاج إلى بعض التوضيح من المسئولين أو أصحاب الاختصاص حتى يتسنى لنا معرفة بعض الغموض الذي يدور حول شركة سابك وخاصة بما يتعلق بالشهرة وطريقة معالجتها محاسبياً. وكما اعتقد فأن المشكلة الأساسية في شركة سابك هي عدم الإفصاح والشفافية الكافية المتعلقة بصفقة شراء وحدة البلاستك المبتكرة وغموض هذه الصفقة وكذلك الكثير من الأسئلة التي لم يتم الإجابة عنها من قبل المسئولين والتي تدور حول هذه الصفقة، وأخيرا هل ستحقق سابك إرباح خلال عام 2009م لو لم تكن تورطت في شراء وحدة البلاستك المبتكرة؟
شكرا لك يا أستاذ حسين على هذه المقالة الراقية في مضمونها و أسلوبها. رأي الشخصي أن سابك تورطت في شراء شركة البلاستيك من جهتين: الأول من ناحية السعر المبالغ فيه يدلالة الفرق الشاسع بين عرض سابك و الشركة التي تلتها في المناقصة لشراء البلاستيك. الثاني و هو التوقيت السيء و الذي تمت فيه الصفقة عند ظهور بوادر الأزمة الأقتصادية. هناك شيء واحد إذا قامت به سابك سوف يجعل من هذه الصفقة ناجحة بشكل استراتيجي الا و هو نقل و توطين مهارات و أسرار و تقنيات صناعة البلاستيك الى المملكة و جعلت من هذه الصفقة فاتحة لنقل و توطين الصناعات المتقدمة.