شكل "الخط الأحمر" خلال العقود الماضية حاجزا قويا أمام حرية الرأي والتعبير في الإعلام العربي ، كما لعب مقص الرقيب دورا مؤثرا في إخفاء أو تشويه الحقائق ، بل و فشل الإعلامي العربي – نسبيا - في مواجهة الترويض والتدجين وقبل- أحيانا - أن ترسم له السلطة الرسمية حدود حريته ووافق - ضمنيا - على عدم تخطي تلك الحدود . وحتى هذه اللحظة ما زالت نسبة من الإعلاميين العرب سجينة الرقابة الذاتية ولا تكتب أو تتكلم إلا تحت سقف تراه هي "سقفا آمنا ".. أنا لا ألوم أي إعلامي فلكل ظروفه ورأيه وفلسفته في الحياة ، لكني أكتب هذه المقدمة لتكون أساسا مناسبا لطرح السؤال التالي .. هل "الإعلام الجديد" قادر على إزاحة الرقيب أو تجاوزه ونفيه إلى مزبلة التاريخ ؟ .
قبل التعمق في مناقشة أي مفهوم ، أود وضع تعريف مختصر لمصطلح الإعلام الجديد : " هو إعلام اليوم بشكل مختلف كليا عم سبقه ، يجمع بين الوسائط الإعلامية التقليدية القديمة –صحف ، مجلات ، إذاعة ، تلفزيون، سينما – و الوسائط الإعلامية الرقمية الجديدة المتمثلة بشبكة الإنترنت وما يحتويه فضاءها من مواقع إخبارية و علمية و اجتماعية وسياسية واقتصادية وحوارية وفنية ورياضية تفاعلية ، وقادر - باستخدام الحاسوب والهاتف الذكي - على نشر المعلومات والأخبار بسرعة فائقة وتوفير بيئة تفاعلية ذكية وخلاقة تكفل فضاء حرا للجدل و تبادل الرأي حول جميع القضايا الإنسانية والمعرفية والفكرية بالإعتماد على الكلمة والصوت والصورة " .
لولا أجهزة الكمبيوتر – بما تحتويه من وسائط - و شبكة الإنترنت وما يضمه فضاؤها من مواقع شهيرة مثل "الفايسبوك " و " اليوتيوب" و "تويتر" وغيرهم من المواقع لما كنا نتحدث اليوم عن "الإعلام الجديد" .. هذا الإعلام الذي أصبح قادرا على تجاوز جميع الحدود والقيود والخطوط الحمراء بل و منح الإنسان و بأدوات بسيطة جدا تفوقا هائلا في مخاطبة شرائح اجتماعية واسعة والتفاعل معها وتحريضها وتحريكها بشكل مباشر وسريع ، ولعل هذا ما جعله أي "الإعلام الجديد" عدوا لدودا للرقيب الرسمي بدليل تصاعد المشاكسة والصراع بين هذا الرقيب وبين المدونين - عربا أو عجما - إما من خلال الملاحقة أو من خلال الحجب والمنع والحظر .
مشكلة الرقيب في العالم العربي لم تعد اليوم مع الفضائيات وأجهزة الكمبيوتر وشبكة الإنترنت وما تنتجه من مدونات تتوالد بالعشرات يوميا بل امتدت مؤخرا إلى جهاز الهاتف الذكي وخاصة "البلاك بيري " هذا الجهاز السحري العجيب ( بعيدا عن عيوبه و سوء استخدامه وتشفير بياناته وأثر ذلك على الأمن الوطني والقومي ) القادر على تمكين مستخدمه من تصوير أي حدث "قصة إخبارية" – مظاهرة ، شجار ، تمرد ، تعذيب ، حادث ،جريمة ، معركة – وتخزينها كشريط فيديو ثم وضعه على شبكة الإنترنت والتعليق عليه أو إرساله عبر البريد الإلكتروني إلى آلاف الناس خلال لحظات وبهذا المعنى أصبح من الممكن لأي إنسان عادي العمل كصحفي – مراسل عالمي- ونقل الخبر خلال دقائق إلى كافة أرجاء المعمورة بعيدا عن عين الرقيب ومقصه .
أعتقد مرجحا أن زمن الرقيب الرسمي في العالم العربي إلى زوال – طال الزمن أم قصر – وأن الصراع القادم سيكون بين "الإعلام الجديد " المسير مباشرة من قبل أفراد عاديين ، وبين القنوات التلفزيونية العربية المتحكم بها من حكومات ومنظمات وشركات أعمال .. صحيح أن قنوات كبرى مثل الجزيرة والعربية بدأت تتحوط ضد "الإعلام الجديد" وبادرت إلى خطب ود العديد من المواقع الإجتماعية - كالفايسبوك واليوتيوب- من خلال إنشاء صفحات خاصة بها على جدران تلك المواقع إلا أني أعتقد جازما أن مشكلة هذه المحطات ستتفاقم تدريجيا خلال السنوات القادمة خاصة عندما تنتشر عشرات الآلاف من المحطات التلفزيونية العربية على شبكة الإنترنت – محطات تلفزيونية يديرها شخص واحد هو المدير والمنتج والمراسل ورئيس التحرير والمعد والمصور والمخرج والمذيع – والتي سيكون بمقدور أي شخص يسير في الشارع ويحمل هاتفا ذكيا متابعة هذه المحطات دون الحاجة إلى صحن لاقط و مستقبل وجهاز تلفزيون .
أستاذ محمد,, أنت متفائل حتى هذا الاعلام الجديد بدأت الحكومات في متابعته, وستنظم بقية الدول الى الركب... المشكله في تعريف (( هذا الرقيب)), فبعض المواقع(( ايلاف مثلا)) ليس لديه رقيب في التعرض للدين, او الصور الخلاعيه مع انتقائيه في التعرض لبعض الدول(( دائما ما يتعرض لقطر وعائلته الحاكمه)) بينما تجد لديه رقيب في الامور السياسيه وكل ما يمس بعض الدول(( الامارات الكويت البحرين السعوديه الاردن المغرب...))(( ولا اعتراض)) , في المقابل تجد اعلام داخل بعض الدول ليس لديه رقيب في التعرض للنسيج الاجتماعي(( بعض من قنوات الكويت والسعوديه والعراق)) ولكن لديهم رقيب سياسي. لذا اينما وليت نظرك. تجد اعلام يتلون حسب مصالحه وليس حسب مبادئ, حتى ولو كان اعلام جديد. وأوضح شاهد على ذلك هو أعلام مجموعة(( الام بي سي)) فقد طوعت الاعلام الجديد, (( لحلب جيوب المراهقين والمراهقات)) والتي سبق وان ((وصفها أحد متابعيها)) بأنها(( اكثر مجموعه اعلاميه امتصت المال من جيوب مشاهديها ومستمعيها)), تبقى مجموعة قنوات(( الجزيره)) التي على الاقل حتى الآن لم تضع (مال مشاهديها) ضمن خطة (( تفريغ منظمه, لتعزيز وضعها المالي)), وأبقت الهم الدولي في سلم اولوياتها, وجدية هذا المطروح(( سواء في الرياضه او السياسه او حتى للاطفال)) اما جهد اعلام الافراد فيبقى دون ذلك التأثير المأمول. لذا المأمل ان يعي افراد كل المجتمعات الى مايقدم لهم ومقدار الفائده التي يخرجون بها منه(( سواء في الترفيه, او السياسه او الرياضه)), اما الدول فلن تلام اذا ما استطاعت ان تتحكم في اعلامها,وتقزمه,لانها تريده طوع يدها, طالما ان غالبية مواطنيها مستكين الى ذلك وراضي عنه.
توضيح::: المقصود ب(( بعض من قنوات الكويت والسعوديه والعراق)) هو بعض من القنوات المملوكه لكويتيين وسعوديين وعراقيين.
أشكر مرورك أخي بروتون .. والتفاؤل خير من التشاؤم