في انجاز رائع ويضاف الى مجهودات ومساعي الوزير رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة وقعت مصر مؤخرآ اتفاقية التجارة الحرة مع دول تجمع الميركسور مما يسمح بتخفيض التعريفات الجمركية بأكثر من 90% بين مصر ودول ميركوسور، وكذلك تحرير البضائع الصناعية والزراعية من الجمارك، ووجود حلول لقواعد المنشأ، وإيجاد حل للخلافات التجارية، والضمانات التفضيلية والتعاون في مجال الاستثمار والخدمات وغيرها وعل هامش تلك الاتفاقية قامت مصر بتوقيع اتفاقية إنشاء خط تمويل للمشروعات بين مصر والبرازيل وعقد اتفاقية تعاون على مستوى المواصفات والجودة .
وفي نظرة موجزة لتجمع الميركسور نجد أنه أنشئ في عام 1991 منذ التوقيع على معاهدة اسونسيون، بعضوية البرازيل ، الأرجنتين ، أوروجواي ، وباراجواي ودخل حيز النفاذ في عام 1994 ، بعد توقيع الدول الأعضاء على بروتوكول "أورو بريتو" Ouro Preto ، الذي وضع الهيكل المؤسسي المالي للميركوسور كبداية فعلية للميركوسور ، علي طريق تحقيق الهدف الرئيسي للتجمع ، وهو الوصول للسوق المشتركة ثم توالى انضمام بقية دول أمريكا اللاتينية .
أما المبرر الأساسي لقيام هذه الجماعة (الميركسور) فيشرحه واحد من أقرب مساعدي الرئيس البوليفي وهو الوزير «خوان كنتانا» حين يقول بصراحة مباشرة : لا تستطيع أي دولة في قارتنا أن تنهي آفة الفقر بمفردها والمطلوب هو وضع استراتيجية إقليمية متوازنة في ميادين من قبيل التعاون الدولي والاتصالات.
وتعد البرازيل والأرجنتين أكبر دول أمريكا اللاتينية ، ووفقاً لتقرير جهاز التمثيل التجارى فإن حجم التبادل التجارى بين مصر والبرازيل وصل إلى ١.٤ مليار دولار، خلال العام الماضى، فيما وصل مع الأرجنتين إلى ١.٢ مليار دولار، خلال ٢٠٠٨، لتعد الأرجنتين ثانى أكبر الشركاء التجاريين لمصر فى أمريكا اللاتينية ، وارتفع حجم التبادل التجاري بين مصر ودول ميركوسور 58.7%، ما بين أعوام 2004 و2009 ليصل إلى 2.1 مليار دولار .
ومن المعروف أن مصر تسعى الى مضاعفة حجم صادراتها الى 200 مليار جنيه بحلول العام 2013 مما يستلزم ضرورة فتح أسواق جديدة وعلى رأسها أسواق أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا خاصة وأن التصدير يساهم بنحو 30% من مجمل الناتج القومي المصري .
ولا يمكن قصر الفوائد من هذه الاتفاق على الجانب الاقتصادي بل ان فوائد هذا الاتفاق تتعداه الى المجالات السياسية والعسكرية و العلمية و الاستراتيجية ، حيث يمثل هذا الاتفاق مدخلآ نحو تفعيل التعاون مع مجموعة من أهم دول العالم وتمثل مجموعة من أهم الاقتصادات الناشئة ، مما يفتح الطريق واسعآ نحو تغيير العقلية السياسية الحاكمة لمفهوم المصلحة المصرية نحو فضاء أوسع بغية الاستفادة من الخبرات ودعم التعاون مع مجموعة جديدة و هامة من الدول بعيدآ عن قصر فضاءات التحرك الخارجي المصري في الفضائين الأوروبي و الأمريكي تأسيسآ لمفاهيم جديدة للشراكة والعمل المشترك بمعزل عن الاشتراطات التي يطولها في كثير من الأحايين الاجحاف و التقييد والتي تحكم كثيرآ من أوجه تعاوننا مع أوروبا و أمريكا . ويعد مثل هذا الاتفاق اعترافآ وتفعيلآ مصريآ في نفس الوقت لعالم يتغير ويتجه نحو نمو الجنوب بعيدآ عن ركود الشمال .
لقد استطاعت دول أمريكا اللاتينية أن تنطلق في رحاب النمو والتنمية على كافة الأصعدة وذلك عندما استطاعت التخلص من حكم الطغم العسكرية التي كانت جاثمة على مقدرات هذه الدول وتخلصت هذه الدول مؤخرآ من سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية عليها تلك السيطرة التي كانت تتم اعمالآ لمبدأ مونرو الذي يعتبر أمريكا اللاتينية الحديقة الخلفية للولايات المتحدة وهو ما استغلته الولايات المتحدة في دعم الانقلابات العسكرية على النظم الديموقراطية في تلك البلدان مما تسبب بالحاق خسائر ضخمة بهذه البلدان على جميع الأصعدة ، وبدأت الآن هذه الدول مرحلة جديدة من الانفتاح العالمي ويمثل النمو في العلاقات مع روسيا و أوروبا و آسيا دليلآ على انعتاق دول أمريكا اللاتينية من السيطرة الأمريكية خاصة في ظل تراجع الدور والهيمنة الأمريكية في العالم .
ولابد لمصر أن يكون مسعاها نحو اقامة علاقات تعاون وشراكة حقيقية و فعلية مع الميركسور جزءآ من الهدف و المسعى المصري نحو بناء وتفعيل العلاقات على مستويات أكثر تطورآ و فاعلية مع مختلف الدول الأفريقية في اطار منظمة الاتحاد الأفريقي وكذلك مع دول منتدى حوض البحر الأبيض المتوسط الذي تربط دوله علاقات تاريخية و واقعية بشكل استثنائي ، هذا بالطبع بالاضافة الى المنظمات العربية والاسلامية التي تنتمي مصر اليها .
ان مصر تتوافر لها فرصة لا مثيل لها نحو ربط كل هذه التجمعات والتنظيمات ببعضها البعض لتكون مصر حجر الزاوية و الجسر الذي تعبر عليه المنافع والموارد و أشكال التعاون بين هذه المنظمات والتجمعات هذا بالطبع بالترافق مع اصلاح البيت المصري من الداخل وفق أسس ومعايير جديدة مما يوفر كل هذا لمصر ميزة وفرصة هائلتين لا مثيل لهما مما يعود على مصر بمنافع ومكاسب ضخمة على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية وهو ما يعطي مصر وزنآ عالميآ استراتيجيآ ويساهم في دفعها دفعآ حثيثآ لا لاستعادة تأثيرها ونفوذها بل نحو مكانة ودور عالمي لم تعهدهما مصر من قبل .