(وحدة بوحدة يا وزارة العمل)

31/07/2010 0
محمد العنقري

صدرت بيانات نسبة البطالة لدينا من قبل مصلحة الإحصاءات العامة في آخر تقريرها للعام 2009 وظهر الرقم عند مستوى 10.5 في المئة وأول ما يلفت نظرك بهذا الرقم أنه يذكرك بمعدلات البطالة في أمريكا وأوروبا لأنه متقارب معها بشكل كبير التي هي موطن الأزمة، فما الذي اختلف لدينا بهذا الجانب تحديدًا عن بقية دول العالم التي دخلت اقتصادياتها في ركود قاسٍ ومثقلة بالديون بالرغم من أن الوضع لدينا مختلف من حيث ارتفاع حجم الإنفاق الحكومي والملاءة المالية الكبيرة ونسبة دين عام تُعدُّ من الأقل على مستوى العالم، فبنهاية المطاف أي نمو اقتصادي مدعوم بسياسة مالية توسعية لا يخفض نسبة البطالة لا بد من أن يكون هناك خللٌ ما أفضى إلى هذه النسبة المرعبة خصوصًا أن هناك جهودًا كبيرةً يتم القيام بها من قبل وزارة العمل لإقفال ملف البطالة من خلال حزمة إجراءات كالتدريب والتأهيل والمساهمة بجزء من مرتبات المتدربين على رأس العمل مع توسع هائل لعدد الجامعات وانتشارها على مستوى مناطق المملكة بخلاف آلاف المعاهد التدريبية، فكل ذلك لم يشفع بأن نتميز أيضًا بالقضاء على البطالة لدينا، فالأرقام تشير إلى قرابة 450 ألف طالب عمل من مختلف الجنسين وفي نفس الوقت هناك استقدام سنوي لوافدين بضعف عدد العاطلين لدينا هي مفارقة غريبة والأكثر غرابة عندما تسمع نفس الحجج والأعذار، فالقطاع الخاص مازال يرمي السبب في عدم قدرته على توظيف السعوديين على مخرجات التعليم وكذلك عدم رغبة السعوديين بالعمل أو بالمعنى الأدق ثقافة العمل لديهم وحس المسؤولية وإلى غير ذلك من توصيفات لم تعد أكثر من أسطوانة مشروخة ملّ سامعوها، فكيف يكون هناك ضعفٌ بمخرجات التعليم ومن بين العاطلين 44 في المئة يحملون شهادة البكالوريوس وأعلى منها ونسب كبيرة من حملة الدبلوم والثانوية وهناك كامل الاستعداد لبرنامج تنمية الموارد البشرية لتدريبهم أليس من يحمل مؤهلًا علميًا بعد الثانوية أصبح مؤهلاً للعمل وبالتالي لا بد من إعطائه الفرصة، وهل كل الوافدين على درجة من التأهيل أفضل من شبابنا، ومن قال: إن كل من يأتي من الخارج هو على كفاءة علمية وتأهيلية وخبرة لا يمكن الحصول عليها بين الشباب السعودي، الوقائع تشير إلى غير ذلك ولعل أحدًا من المعنيين بالتوظيف وخصوصًا القطاع الخاص لديه من النماذج التي تؤكد أن الكثيرين يأتون إلى سوق العمل بالمملكة من دون أي خبرة أو بخبرات متواضعة لا قيمة لها وهنا يدربون ويعطون الفرصة الكاملة ثم إن الأعذار السابقة لم تعد مجدية صراحة وعلى القطاع الخاص إما أن يبحث عن أعذار مختلفة أو يواجه الحقيقة بأنه مقصر ولا يبالي بالمشاركة الفعلية في تنمية الاقتصاد السعودي الذي يشق طريقه نحو آفاق جديدة لن تكتمل صورتها إلا بتوظيف العنصر البشري السعودي كركيزة أساسية في مستقبله، فالحكومة أقرت مشاريع جبارة وحركة العمل والنشاط التجاري لا يمكن القول بأنها عادية، بل هي فوق إمكانات القطاع الخاص مما استدعى الاستعانة بشركات من الخارج لتنفيذ مشاريع حكومية بخلاف ما يتوقع أن يحمله قادم الأيام من نمو في الطلب على مختلف الخدمات والسلع وغيرها، فهل سنستمر فقط في استقدام عمالة وافدة تكون هي المستهلك والمنتج أم يجب النظر إلى المستهلك والمنتج الدائم المتمثل بالمواطن، فكل القطاعات في المنشآت الخاصة تعليمية خدمية إنتاجية لا يتخطى فيها السعوديون نسبة 15 في المئة من مجمل العمالة أي أن زيادة بنسبة 5 في المئة فقط كفيلة بتوظيف كل هذه الأرقام التي ذكرتها إحصائية البطالة، نسبة البطالة مؤشر على تحسن الاقتصاد وفعالية الخطط الداعمة لنموه وإذا كانت الإحصائية تمثل عامًا سابقًا فهذه نقطة تعد سلبية في حق المصلحة التي يفترض بالتعاون مع وزارة العمل أن تقدم نسبًا شهرية وتجعل ملف البطالة والتوظيف وحركته في واجهة الإعلام وأخباره بشكل دوري حتى تكون عامل ضغط حقيقي على كل من يلعب دورًا سلبيًا اتجاه توظيف الشباب السعودي كما يجب أن تتوسع وزارة العمل في فرض قيود إضافية على القطاع الخاص من خلال تغيير نسب السعودة ورفعها، بل وحتى منح تأشيرة لمهنة أو درجة علمية مقابل أن يتم توظيف شاب مهني أو متعلم مقابلها وكذلك تدريب وتوظيف من لا يحملون شهادة مهنية متخصصة مقابل أي تأشيرة مهنية وترك باقي التأشيرات التي تخص العمالة العادية دون قيود، فموضوع البطالة من الواضح أنه أصبح لا رابط حقيقي بينه وبيَّن كل الأعذار التي تطلق منذ عقدين إلى الآن، فهل يعقل أن كل هذه الإجراءات الرسمية التي تمت لم تغير من الوقع ولو 10 بالمئة، فلابد لمرحلة المشاركة والحوار بين الجهات الرسمية والقطاع الخاص أن تتوقف ليبدأ منطق التطبيق والتنفيذ المرن من قبل وزارة العمل بأن تتحرك وفق ما تراه مناسبًا من طرفها هي لا من باقي الأطراف فلم يجد نفعًا كل ما أعطى من وقت ووفر من إمكانات، فالتجربة أثبتت ألا شيء يتغير في حقيقة الأمر والمتضرر هو المواطن والو طن، أما القطاع الخاص فمازال ينعم بالدعم الكبير دون أن يكون مردوده الإيجابي على كافة الأصعدة المطلوبة منه وأولها توظيف شباب الوطن.