آبار .. وسر معاكسة التيار

22/06/2010 4
محمد سليمان يوسف

في 8 أبريل 2010 من العام الحالي كتبت هنا في أرقام مقالا بعنوان صفقة ” آبار دايملر ” .. قد تصبح “دجاجة تبيض ذهبا” ويومها اتصل بي أحد مصادري التي أعتز بعلاقتي بها وقال لي بالحرف الواحد: طالما كتبت هذه المقالة فخذ هذا الخبر " قريبا ستتحول آبار إلى شركة مساهمة خاصة "، لقد فاجأني المصدر بهذا الخبر وفي البداية لم أصدق فسألته: ما مصير صغار المساهمين.

فقال سيتم إرضاءهم بثلاثة دراهم ثمنا للسهم.. وقتها لم أتجرأ على نشر الخبر رغم ثقتي بالمصدر لأن نشره قد يولد "بلبلة" بالتأكيد السوق في غنى عنها، بعد ذلك بعشرة أيام نشرت في نفس المكان وتحديدا بتاريخ 20 أبريل 2010 مقالة أخرى بعنوان صفقة“آباردايملر”..إلى الواجهة مرة أخرى ويومها أيضا اتصل بي نفس المصدر السابق وقال لي: خلال الفترة القادمة سيتم الاستحواذ على نسبة أكبر قد تزيد عن 75% من أسهم آبار وبسعر 2.5 درهم للسهم ..

فسألته: وماذا عن التحول من مساهمة عامة لمساهمة خاصة؟.. قال : الاستحواذ القادم يؤكد ما قلته لك.. أما الخبر الجديد هو أن سقف إرضاء المساهمين انخفض من 3 درهم إلى 2.5 درهم أي نفس سعر تحويل أسهم الاستحواذ الجديد، وقد صدق مصدري بجميع أخباره.

المقدمة السابقة كانت ضرورية للقول أني لم أتفاجأ أمس بالخبر بالرغم من أنه كان مفاجأة للكثيرين، وبما أن الخبر أصبح معروفا الآن ومجلس الإدارة متجه لدعوة الجمعية العمومية غير العادية لمناقشة التحول من مساهمة عامة إلى مساهمة خاصة وإلغاء إدراجها في سوق ابوظبي إذن أصبح بالإمكان مناقشة السيناريوهات التي قد تلجأ إليها الجمعية العمومية غير العادية لتمرير قراراتها علما أنه لا يوجد مانع قانوني يعيق تطلعات الأكثرية لأن القانون الاتحادي رقم 8 لعام 1984 وتعديلاته فرض على الأقلية الالتزام بقرارات الأكثرية في الجمعية العمومية غير العادية حتى لو كانت هذه الأقلية رافضة للقرارات الخطيرة التي قد تتخذها هذه الجمعية بأغلبية 75 % علما أن هذا الشرط متوفر  لشركة "آيبيك " التي أصبحت بعد التحويل الأخير للسندات  مالكة لأكثر من 75% من أسهم آبار .  

إن مصير شركة آبار اليوم بيد شركة الاستثمارات البترولية الدولية " آيبيك " وهي صاحبة الكلمة الفصل في تحويل آبار من مساهمة عامة إلى مساهمة خاصة، لأنها مالكة لنسبة النصاب المطلوب لتمرير ما تريده من قرارات الجمعية العمومية غير العادية، أما صغار المساهمين فسيكونون بمثابة "الكومبارس" لا حول لهم ولا قوة سوى الاحتجاج والنقاش وربما الغضب والصراخ لكن كل ذلك لن يجدي نفعا لأن القانون رقم 8 لعام 1984 في صالح "آيبيك" ولا يحمي حقوق الأقلية خلافا لما ذهب إليه قانون الشركات الكويتي الذي حمى حقوق الأقلية في مثل هذه الحالات.

في اجتماع الجمعية العمومية غير العادية لآبار سيكتشف المساهم الصغير أو المستثمر الذي اشترى أسهم شركة آبار إلى أي مدى كانت ثقته بالشركة وإدارتها في محلها، وسيكتشف أيضا فيما إذا كان سيظلم من القرارات المتخذة أم لا وفي العموم فإن قرارات الجمعية العمومية غير العادية قد لا تخرج على الأرجح عن واحد من السيناريوهات التالية:

السيناريو الأول: تمسك آيبيك بحرفية القانون وتصويتها بمفردها في الجمعية العمومية على تحويل شركة آبار من مساهمة عامة إلى مساهمة خاصة وسحبها من التداول مع بقاء صغار المساهمين فيها كمساهمين في شركة خاصة لهم الحق بالأرباح التي سيتم توزيعها لاحقا، ومن لا يريد التحول إلى مساهمة خاصة عليه البيع بسعر السوق خلال الفترة التي تلي اجتماع الجمعية وحتى التحول إلى مساهمة خاصة حتى لو كان سعر السوق نصف درهم وليس درهما ونصف كما هو الحال الآن.

السيناريو الثاني: أن تتجه نية آيبيك لتملك جميع أسهم الشركة مما يعني قيامها بعرض سعر مغر على باقي المساهمين- في السوق مباشرة- أو عبرة صفقة وهنا يجب على شركة آبار ولحماية حقوق صغار المساهمين فيها انتداب جهة مستقلة لتقييم سعر السهم وأن يكون هذا التقييم تحت إشراف هيئة الأوراق المالية والسلع، ومن المرجح أن يكون السعر المناسب لأيبيك وبعض المساهمين في مثل هذه الصفقة هو 2.5 درهم باعتباره سعر التحويل الذي قبلته آيبيك قبل فترة قصيرة.

السيناريو الثالث: أن يشكل ضجيج الأقلية في الاجتماع إرباك ووجع رأس لشركة آيبيك فتقبل بأن تشتري ممن يريد عند سعر 2.5 درهم – من السوق مباشرة أو عبر صفقة -  مع قبول بقاء من لا يريد بيع أسهمه كمساهم في الشركة المساهمة الخاصة.

السيناريو الرابع: أن يدخل شريك استراتيجي إلى المسرح (شركة حكومية أخرى مثل مبادلة مثلا ) ويشتري من الأقلية حصتها من السوق مباشرة أو وفقا لسعر تحدده جهة تقييم مستقلة وتحت إشراف هيئة الأوراق المالية وفي هذه الحالة سيكون من حق الأقلية التمادي في طلب سعر عادل أعلى من 2.5 درهم خاصة وأن الكثير من المستثمرين اشترى سهم آبار على أسعار أعلى من ثلاثة دراهم وما زال عالقا  فيه حتى هذه اللحظة.

السيناريو الخامس: أن يحدث من الآن وحتى انعقاد الجمعية العمومية غير العادية لشركة آبار مفاجآت تجعلها تتراجع عن نيتها بالتحول إلى مساهمة خاصة وهو أقل السيناريوهات احتمالا لأن النية مبيته لدى مجلس الإدارة بدليل ما ذكره لي مصدري منذ  فترة طويلة.

إن صمت الأقلية في اجتماع الجمعية العمومية أو عدم رفع صوتها بما يكفي قد يؤدي إلى توجه الأكثرية باتجاه السيناريو الأول، في حين أن الضجيج الذي قد يحدثه نقاش الأقلية والمطالبة بسعر عادل للسهم والتوجه لوسائل الإعلام لإحراج آيبيك قد يقود إلى السيناريو الثالث كما يبقى السيناريو الرابع في هذه الحالة واردا، وكي لا يظلم المستثمرون على هيئة الأوراق المالية والسلع أن تكون بجانبهم في هذه القضية - السابقة -  لأن حماية صغار المساهمين من مهامها الأساسية.

أعتقد أن لجوء آبار لخيار التحول إلى مساهمة خاصة و"معاكسة التيار"  دليل على انزعاجها الشديد جدا من هبوط السهم لمستويات غير عادلة وعدم امتلاكها للقدرة أو للأخبار والبيانات المالية الكفيلة بإعادة السهم إلى مستوياته السابقة في ظل شح السيولة وانحسار الثقة وخشيتها من تعرض السهم لمزيد من الهبوط، وتأثرها بالانتقادات اللاذعة التي تلقتها من بعض المحللين بسبب تحوطها تجاه استثمارها في دايملر هذا التحوط الذي أفرغ  صفقتها "العظيمة" في دايملر من محتواها وحولها إلى مجرد "مقامرة" كما يحلو للبعض تسميتها وإلا فما هو المبرر لإقدامها على هذه الخطوة الآن والسهم قاب قوسين أو أدنى من قاعه التاريخي؟