هل فشل تحرير قطاع الاتصالات الثابتة في السعودية؟ قراءة لأسباب تعثر شركة اتحاد عذيب

09/06/2010 7
عبدالهادى بن عبدالله

منحت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية في أبريل 2007 الترخيص لثلاث شركات لتقديم خدمات الاتصالات الثابتة، منهية بذلك احتكار شركة الاتصالات السعودية لخدمات الهاتف الثابت.

في منتصف عام 2009 بدأت شركة اتحاد عذيب تقديم خدماتها تجارياً، وأعلنت في مارس 2010 خسائر تصل إلى 37% من رأسمال الشركة، في حين لم تتمكن شركتا اتحاد الاتصالات الضوئية، واتحاد المتكاملة من الحصول على التمويل اللازم لتنفيذ مشاريعهما في مناطق المملكة، في هذا المقال نلقي نظرة سريعة على أسباب تعثر شركة اتحاد عذيب في عامها الأول:

1- بالنظر إلى نشرة القوائم المالية السنوية التي أعلنتها الشركة، فإنه من الواضح أن الشركة ما زالت تعول في خططها التوسعية على أن معدل انتشار الإنترنت للمنازل (حسب آخر تقدير لهيئة الاتصالات) يصل إلى ما نسبته 32% (للمنازل)، إلا أن ارتفاع معدلات انتشار خدمات الإنترنت المتحرك اللاسلكي HSPA لا بد أن يؤخد في الحسبان بشكل جدي، الذي بلا شك سيؤثر في جميع الخطط التي أعدتها الشركة.

2- ركزت شركة اتحاد عذيب بشكل كامل على قطاع البيع بالتجزئة للأفراد لخدماتها للنطاق العريض- حيث المنافسة الشديدة من مشغلي الاتصالات الثابتة والمتحركة الآخرين- وتجاهلت تماما قطاع الأعمال، حيث لا تمتك أي خدمات أو قيمة مضافة حقيقية لقطاع الأعمال، كذلك لم تبدأ الشركة ببناء شبكات الدوائر المحلية للألياف البصرية داخل المدن الخاصة بها لخدمة قطاع الأعمال والمشاريع الحكومية الكبيرة.

3- قد يكون قرار الشركة بالحصول على طيف ترددي من هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات على نطاق 3.5 جيجاهيرتز وبسعة نطاق مقداره 65 ميجاهيرتز بتكلفة مقدارها 522.9 مليون ريال، قرار استراتيجي غير حكيم على المديين القصير والبعيد، حيث إن أجهزة الواي ماكس التي تعمل بمعيار 802.16e التي تستخدم هذا التردد لا تتمتع بمرونة عالية Mobility، مقارنة بالترددات الأقل (مثل 2.5 جيجاهيرتز)، كما يعتبر من الترددات التي توفر تغطية داخلية Indoor coverage سيئة في العموم، أيضا تحتاج الشركة إلى بناء عدد أبراج أكبر منه في حال اختارت ترددات أقل.

 وأخيرا، فإنه في الوقت الذي ستتجه فيه شركات الاتصالات المتنقلة (الاتصالات السعودية، موبايلي وزين) إلى البدء في استخدام تقنية LTE تجارياً فيه عام 2012 وتقديم سرعات تصل نظرياً إلى 100 ميجابت في الثانية، فإن اتحاد عذيب لن يستطيع الانتقال إليها مطلقا باستخدام الترددات والبنية التحتية الحالية لشبكة الواي ماكس من شركة موتورلا، بالتالي قد تضطر الشركة إلى إعادة بناء أجزاء كبيرة من الشبكة من الصفر وبتكلفة عالية.

4- قد لا تكون تقنية الواي ماكس أحد الرهانات الناجحة للمشغلين الجدد بمفردها بدون الأخذ في الاعتبار المشاركة في البنية التحتية مع شركة الاتصالات السعودية كالوصول إلى دوائر شبكة النفاذ المحلية Local Loop Unbundling والمشاركة في المقاسم وغيرها من المواقع (التمديدات( لخدمة DSL على سبيل المثال، في الواقع هذا لن يتم بدون تطبيق قواعد المنافسة العادلة بصرامة من هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات.

5– بالنظر إلى القوائم المالية السنوية المعلنة لشركة اتحاد عذيب فقد قامت الشركة بتوظيف 409 موظفين ثابتين يتقاضون ما مجموعه 160 مليون ريال سنوياً. في الواقع إن متوسط رواتب الموظفين الذي يبلغ 39 ألف ريال شهريا لكل موظف رقم مبالغ فيه جدا في قطاع مثل قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات الذي تكثر فيه الخبرات والمتخصصون محليا ومن الخارج. أيضا بلغ مجمل رواتب ومكافآت أكبر خمسة تنفيذيين في الشركة 5.5 مليون ريال سعودي، كما دفعت الشركة مكافآت نهاية خدمة لعدد من كبار الموظفين قبل نهاية السنة الأولى من التشغيل مبلغ 4.9 مليون ريال.

6- تخوض شركة اتحاد عذيب "جو" منافسة شديدة وحادة وخاصة بعد قيام مشغلى الخدمات الآخرين، خصوصا شركة الاتصالات السعودية، وشركة اتحاد اتصالات موبايلي بالتركيز الشديد على خدمات الإنترنت السريعة والتي أدت في مجملها إلى الوصول لعروض متدنية جدا غير مسبوقة في السوق في تسعير خدمات الإنترنت السريعة، كما تعدت تلك المنافسة إلى خفض أسعار المكالمات المحلية والدولية بشكل كبير.

7- هنالك تأخير في مراجعة الإطار التنظيمي للربط البيني مع المشغلين RIO من قبل هيئة الاتصالات، وحيث إن هذه المراجعة من المتوقع أن تقلل من التكاليف التشغيلية لشركة اتحاد عذيب، بالتالي، فإن هذا التأخير سيؤدي إلى مزيد من التأخير في خفض التكاليف التشغيلية للشركة.

8- هنالك أيضا تأخير في مراجعة العرض المرجعي لدوائر النفاذ المحلية RODA من قبل هيئة الاتصالات، حيث كان من المتوقع أن تقلل تكاليف مجموعة من خدمات البيع بالجملة Wholesale التي تقدمها شركة الاتصالات السعودية إلى شركة اتحاد عذيب. بالتالي، فإن التأخير في تلك المراجعة أدى إلى التأخير في خفض التكاليف التشغيلية للشركة، وفي قدرتها على تقديم خدمات جديدة مرخص لها ومبنية على تلك الخدمات من شركة الاتصالات السعودية.

9- لم يتم تطبيق قواعد المنافسة بشكل فعال للتحكم في إساءة استخدام السيطرة في قطاع الاتصالات، ولا سيما سوق التجزئة للإنترنت، واستمرار ذلك أدى إلى التأثير على ربحية الشركة.

10- شركة الاتصالات السعودية ملزمة بقبول استقبال وإنهاء حركة الاتصالات الصوتية الدولية الواردة إلى شبكتها، لكن هيئة الاتصالات لم تتمكن من تطبيق هذا الالترام، والتأخير في تطبيق هذا الالتزام أثر سلبيا في إيرادات الشركة.

11- بالرغم من التزام شركة اتحاد اتصالات (موبايلي)، وهي الشركة التي تتحكم في الشبكة السعودية الوطنية للألياف الضوئية SNFN أمام الجهات الحكومية والتنظيمية في المملكة العربية السعودية بتمكين المشغلين الجدد– ومنهم شركة اتحاد عذيب- من المشاركة في استخدام هذه البنية التحتية، فإن شركة اتحاد عذيب لم تتمكن حتى الآن من المشاركة في الاستخدام، وتأخر هيئة الاتصالات في تنفيذ هذا الالتزام أثر على قدرة شركة اتحاد عذيب في تخفيض التكاليف التشغيلية.

12- في حين تنص أنظمة هيئة الاتصالات على أن توفير إمكانية اختيار المشغل Carrier Selection سوف تطبق خلال 24 شهراً من حصول أول منافس في الاتصالات الثابتة على الرخصة، إلا أن الاستعدادات لتطبيق هذه الإمكانية لم يبدأ بعد بالرغم من توقع هيئة الاتصالات أن يبدأ ذلك في عام 2009م، والتأخير في إمكانية اختيار المشغل أثر سلبيا على إيرادات وربحية الشركة.