نهاية الواي ماكس، موبايلي وعذيب أكبر الخاسرين

06/10/2010 8
عبدالهادى بن عبدالله

في هذا المقال، نلقي الضوء على حقيقة تخلي كبار المصنعين لتقنيات شبكات الإتصالات ومشغلي الخدمة الرئيسيين عن تقنية الواي ماكس في مصلحة تقنية الـ LTE  واثر ذلك على شركات الإتصالات العاملة في المملكة العربية السعودية واستثماراتها الرأسمالية في البنية التحتية لهذه التقنيات والترددات التي تعمل عليها. لتوضيح سبب قناعتنا بأن مصير الجيل الرابع اصبح محسوم لصالح تقنية الـ LTE  وأن كبار المصنعين قد لا يستمرون في تطوير البنية التحتية اللازمة لإستمرار تقنية الواي ماكس لفترة تزيد عن 3 سنوات وجدنا انه من المناسب أن نبدأ بخلفية الموضوع التقنية.

خلفية تاريخية وتقنية

تدل جميع المؤشرات في صناعة الإتصالات الى هزيمة متوقعة وقرببة جدا لتقنية الواي ماكس WiMax أمام تقنية الجيل الرابع"لونغ تيرم إفليوشن" أو ما يعرف بـ LTE كخدمة موجهة للمستهلك النهائي أو قطاع الأفراد وهما التقنيتان اللتان تم تطويرهما بالأساس لكي تواكب التطبيقات العصرية الحديثة والتي تحتاج إلى نطاق عريض أسرع وأكبر سواء في تطبيقات الهاتف أو البرودباند المحمول.

في الواقع قد تعمل التقنيتين جنبا الى جنب بدون وجود علاقة تنافسية بينهما بحيث تكونا مكملتين لبعضهما البعض. ولكن في ظل تراجع القوى الشرائية للعملاء واحتدام المنافسة بين المشغلين على تقليص الكلفة الرأسمالية وكلفة التشغيل والصيانة للشبكات والعمل على وضع القرارات السليمة والخطط المثلى لتطوير الشبكات والإستفادة منها بالشكل الأمثل، بالتالي فإن مشغلي قطاع الإتصالات عند مفترق طريق في تحديد هوية التقنية التي ستستخدم في الجيل الرابع والتي غالبا ما ستتطلب استثمارات رأسمالية عالية للترقية.

تقنيات الواي ماكس والـ LTE متشابهة بنسبة تصل الى 85% في الخصائص الفنية والتقنية لكنها تعتمد على ترددات مختلفة بالتالي فإن أجهزة البنية التحتية يتم بنائها بشكل مختلف تماما. تقنية الـLTE ستعمل على الترددات 700 ميجاهيتز والترددات  1.6, 1.7, 1.9, 2.5, 2.6 جيجاهيرتز. كما أن التوقعات المنطقية ان تكون البنية التحتية لشبكات الـLTE  جاهزة وقيد العمل التجاري بحلول 2013، لكن الأجهزة التي تدعمها ستبدا في الظهور في الأسواق تباعا و بكثافة خلال فترة 6 الى 24 شهرا.

على اي اساس يتم تحديد المعيار الجديد والتقنية الخاسرة ؟

دعم اي تقنية اتصالات جديدة وبالتالي وصلوها كمعيار قياسي معتمد، يعتمد على ثلاثة عوامل فقط، هي دعم مصنعين تقنيات الإتصالات Vendors والمشغلين Carriers ومصنعي الأجهزة الطرفيه Chipset Makers

أولا : تحول اهتمام المشغلين

خلال الشهرين الماضيين، تحول إهتمام أهم ثلاثة مشغلي اتصالات داعمين لتقنيات الواي ماكس حاليا وهم كليرواير الأمريكية Clearwire (شريك سبرينت نكستل) وشركتا الإتصالات في كوريا الجنوبية كوريا تيليكومKT  Telecom  و إس كي تيليكوم Telecom SK الى إختبار تقنية LTE و عمل الترتيبات الازمة لحجز وتهيئة الترددات المطلوبة، إن أي تحول لهذه الشركات الثلاث بالتحديد يعني فعليا نهاية الواي ماكس وذلك بسبب إعتباهم أكبر الداعمين للتقنية على الصعيد العالمي وهم بذلك يقدمون وزن عالي جدا لتقنية الواي ماكس في منافسة LTE على صعيد المشغلين.

 في الجانب الآخر نرى أن مشغلى الإتصالات الكبار الآخرين في الولايات المتحدة والعالم قد بدأوا بالفعل في دعم تقنية الـ LTE منذ مدة وإعتمادها كمعيار للجيل الرابع، مثال ذلك شركات اي تي اند تي  AT&T، فرايزون Verizon، تشاينا موبايل China Mobile، فودافون Vodafone، تيليفونيكا Telephonica، أمريكا موبايل America Mobial، تشاينا يونيكوم China Unicom، دوكومو DoCoMo، بالتالي نرى ان فرصة تقنية الواي ماكس في أن يكون المعيار الجديد للجيل الرابع تكاد تكون معدومة تماما.

ثانيا: ابتعاد المصنعين الكبار عن دعم الواي ماكس

تعتبر سامسونج تليكوميونيكيشن سيستمز ووحدة أعمال الوايرلس في موتورولا أهم المصنعين العالميين الكبار خلف تقنية الواي ماكس.

يمكن اعتبار صفقة استحواذ تحالف نوكيا سيمنس نيتوركس NSN على وحدة أعمال الويرالس في موتورولا التي اعلنت في يوليو الماضي وبمبلغ 1.3 مليار دولار، بداية النهاية لتقنية الواي ماكس حيث ينظر لتحالف نوكيا سيمنس نيتوركس أنه من كبار الداعمين لتقنيات الـLTE وبالتالي يتوقع ان يقوم بأخذ الخبرة ودعم الجزء الخاص بتقنيات TD-LTE من شركة موتورولا ومن ثم وضع نهاية لتطوير تقنيات الواي ماكس في موتورولا بعد الإندماج. اذا حدث ذلك وهو متوقع تماما لن يتبقى سوى مصنع عالمي واحد رئيسي يدعم تقنيات الواي ماكس وهي شركة سامسنوج، والتي هي بدورها قد أعلنت خط إنتاج للـ LTE وإمكانية الترقية مستقبلا للمشغلين الذين يستخدمون تقنيات الواي ماكس التي تنتجها الشركة.

المشكلة الحقيقية ليست في هزيمة تقنية الواي ماكس مقابل الـLTE كتقنية جيل رابع معيارية محتملة، لكن المشكلة الحقيقة تكمن في توقف المصنعين الكبار عن دعم تطوير خطوط انتاج البنية التقنية لأجهزة الواي ماكس على المدى المتوسط، اي خلال  فترة 3 سنوات.

أخيرا، الواي ماكس لن يختفي ! ستبقى تقنية تستخدم ولفترات طويلة، لكنها ستعود للنقطة التي بدات، مثال على استخداماتها الأخرى كشبكات نقاط خدمة التوزيع متعددة القنوات MMDS ، خدمات متعدّد النقاط المحليّة الموزعة LMDS ، أو الحلقة المحلية اللاسلكية WLL أو حتى كشبكات ربط نقطة إلى نقطة عبر المايكروويف على ترددات عالية Backhaul، وعلى اي حال الدول التي تتوفر لديها ترددات تدعم الواي ماكس كالهند مثلا ستستمر في بناء وتطوير بنية تحتية تعتمد على شبكات الواي ماكس خلال السنتين ونصف القادمة. � أثر هذا التغيير على مشغلي قطاع الإتصالات في المملكة العربية السعودية و إستثماراتهم الرأسمالية

أولا : شركة الإتصالات السعودية

الإستثمارات الرأسمالية : لا يوجد

قامت شركة الإتصالات السعودية بإختبار تقنيات الواي ماكس قبل عدة سنوات عن طريق مشروع تجريبي قامت ببنائه شركة هواوي الصينية لتطبيق المعيار الثابت من تقنية الواي ماكس 802.16d في مدينة الرياض. الشركة قررت عدم الإستثمار في شبكات الواي ماكس وبدلا من ذلك الإستمرار والتوسع في تطوير البنية التحتية لخطوط DSL الرقمية وخطوط الفايبر للمنازل والأعمال FTTH و FTTB وزيادة سعات شبكة الإنترنت المحمول عن طريق شبكة الجيل الثالث.

ثانيا : شركة إتحاد اتصالات موبايلي

الإستثمارات الرأسمالية: 2300 مليون ريال

قامت شركة اتحاد اتصالات موبايلي في نهاية عام 2007 بالإستحواذ على شركة بيانات الأولى لخدمات الشبكات وهي احدى الشركات الحاصلة على رخصة لتقديم خدمة المعطيات في المملكة العربية السعودية، وذلك بقيمة اجماليه وصلت 2.3 مليار ريال (1500 مليون ريال مبلغ نقدي و 800 مليون ريال كإلتزامات مالية على الشركة التي كان يملكها ثلاث شركاء هم أسترا السعودية، وشركة نور للإتصالات وشركة بعد للإتصالات المملوكة لبن لادن)، وعلى افتراض ان شركة بيانات كانت تملك 33% من مشروع الشبكة الوطنية للألياف الضوئية SNFN (كلفة المشروع ككل مليار ريال سعودي) فيمكن استثناء مبلغ 350 مليون ريال بحد أعلى وعدم اعتباره جزء من الإستثمارات الرأسمالية في شبكة الواي ماكس. المبلغ المتبقى من قيمة الإستحواذ يشكل من وجهة نظرنا استثمار رأسمالي بشكل مباشر في شبكة الواي ماكس، بسبب أن النشاط الوحيد لشركة بيانات في ذلك الوقت وكل ما تملكه الشركة من ترددات وبنية تحتية هي بالكامل مخصصة لخدمة شبكة الواي ماكس للمستخدمين الأفراد.

في يونيو 2009 قامت موبايلي بتوقيع عقد جديد مع شركة سامسونج لبناء وتوسعة شبكة الواي ماكس بقيمة 375 مليون ريال، كما قامت شركة هواوي بتغطية أجزاء من المنطقة الشرقية والشماليه لكن لم يعلن عن كلفة المشروع.

قد ترى موبايلي عملية الإستحواذ على بيانات كخطوة استراتيجية لفتح قطاعات جديدة امامها منها قطاع الأعمال والنواقل والمشغلين وربما قطاع الهاتف الثابت لاحقا اذا استطاعت الحصول على رخصة من هيئة الإتصالات لتقديم الخدمة.

الترددات التي تملكها بيانات حاليا على 2.5 جيجاهيرتز تعتبر من الترددات الممتازة التي يمكن استخدامها لاحقا عند تطوير شبكات LTE لكن من غير المرجح ان تسمح هيئة الاتصالات بذلك بدون دفع مبالغ اضافيه بسبب ان هذه الترددات تم الحصول عليها لتقديم خدمات المعطيات فقط وليس لخدمات الصوت والبيانات.

في شهر ابريل 2008 حصلت موبايلي على تمويل قصيرة الأجل لإتمام عملية استحواذها على شركة "بيانات الأولى"، مع ثلاثة بنوك محلية هي: مجموعة سامبا المالية، البنك الأهلي التجاري، وبنك ساب، وذلك للحصول على مبلغ 1.5 مليار ريال لمدة 12 شهراً قابلة للتجديد لمدة ستة أشهر أخرى. لكن في ديسمبر 2009 قامت موبايلي بتحويل القرض قصير الأجل إلى قرض متوسط الأجل لمدة 4 سنوات وذلك بالشراكة مع أربعة مصارف محلية هي: سامبا، البنك الأهلي، بنك الرياض، والبنك السعودي البريطاني.

في القوائم المالية لشركة اتحاد اتصالات (موبايلي) لا يتم تحديد الإيرادات حسب القطاعات التشغيلية الرئيسية في الشركة بشكل واضح. بالرغم من أنه اصبح للشركة قطاعات تشغيل متعددة رئيسية غير الهاتف المتحرك (مثلا خدمة النواقل والمشغلين، الدوائر المؤجرة لنقل البيانات والأنترنت، شبكة الواي ماكس وغيرها) لكن لازالت أرقام ايرادات تشغيل الخدمة في القوائم المالية تقسم الى 3 اقسام كالتالي (استخدام، رسوم الإشتراك، وخدمات أخرى) وذلك في قوائم النتائج المالية السنوية فقط. بالرغم من ذلك، فإن تقديراتنا لعدد المشتركين الكلي لخدمة الواي ماكس في شركة بيانات التابعة لموبايلي أنه لا يتجاوز 90 الف مشترك فعال بدخل شهري لا يتجاوز 12 مليون ريال، هذه الأرقام المتواضعة بالتأكيد لا تغطي ربما الكلفة التشغيلية للشبكة وأي استثمار رأسمالي حالي أو مستقبلي.

ثالثا: شركة زين السعودية

الإستثمارات الرأسمالية: لايوجد

شركة زين السعودية تعتمد على تقنيات الجيل الثاني والثالث والثالث المطور فقط في شبكاتها ولم تستثمر في تقنيات الواي ماكس لتقديم اي خدمات للمشتركين النهائيين كما انها لا تملك رخصة لتقديم خدمات المعطيات الثابتة او محدودة الحركة للمستخدمين المنزليين.

رابعا : شركة اتحاد عذيب جو

الإستثمارات الرأسمالية: 1770 مليون ريال

قامت الشركة بدفع مبلغ 520 مليون ريال سعودي لحيازة نطاق ترددات موجات راديوية رئيسية من هيئة الإتصالات وتقنية المعلومات، كما قامت بتوقيع عقود رئيسية بنحو 760 مليون ريال مع شركة موتورلا و 200 مليون ريال لصالح شركة ويبرو و 290 مليون ريال لشركة زد تي اي الصينية لبناء شبكتها.

ركزت شركة اتحاد عذيب بشكل كامل على قطاع البيع بالتجزئة للأفراد لخدماتها للنطاق العريض المعتمد بالكامل على شبكة الواي ماكس و ليس لديها اي منتجات أو قيمة مضافة حقيقية لقطاع الأعمال حاليا، كذلك لم تبدأ الشركة ببناء شبكات الدوائر المحلية للألياف البصرية داخل المدن لخدمة قطاع الأعمال والمشاريع الحكومية الكبيرة.

الطيف الترددي الذي حصلت عليه الشركة من هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات على نطاق 3.5 جيجاهيرتز وبسعة مقدارها 65 ميجاهيرتز لن تتمكن الشركة من استخدامه والبنية التحتية الحالية لشبكة الواي ماكس من شركة موتورلا للترقية الى LTE اطلاقا مستقبلا، بالتالي أقصى ما يمكن عمله هو الترقية الي المعيار الجديد من تقنية الواي ماكس 802.16m لكنها ستضطر إلى إعادة بناء أجزاء كبيرة من الشبكة وبتكلفة راسمالية عالية.

تقديراتنا لعدد المشتركين الكلي لخدمة الواي ماكس في شركة اتحاد عذيب "جو" أنه لا يتجاوز 80 الف مشترك فعال بدخل شهري لا يتجاوز 10 مليون ريال

شركة اتحاد الإتصالات المتكاملة

الإستثمارات الرأسمالية: 500 مليون ريال

الشركة مازالت في طور التأسيس، حيث لم تتمكن من الحصول على التمويل اللازم حتى الآن.

الإتحاد الجديد يمتلك نطاق ممتاز للترددات وبحجم كبير على2.5  جيجاهيرتز حصل عليها من هيئة الإتصالات وتقنية المعلومات عند منحه رخصة الهاتف الثابت بكلفة 500 مليون ريال قد تساعدها في إعتماد تقنية LTE مستقبلا.

شركة الإتصالات الضوئية فرايزون

الإستثمارات الرأسمالية: لايوجد

الشركة مازالت في طور التأسيس، حيث لم تتمكن من الحصول على التمويل اللازم لتنفيذ مشاريعها في مناطق المملكة حتى الآن.

شركة الآتصالات الضوئية لم تتقدم بالحصول على اي طيف ترددي من هيئة الآتصالات وتقنية المعلومات عند الحصول على رخصة الهاتف الثابت بسبب إعتماد نموذج عملها على الوصول للعملاء عن طريق الألياف الضوئية فقط، بالتالي لن توجد اي إستثمارات راسمالية حاليا أو مستقبلا في التقنيات الاسلكية.