تقرير البنك المركزي الأوربي حول الاستقرار المالي

02/06/2010 1
د.محمد إبراهيم السقا

صدر يوم امس التقرير النصف سنوي للبنك المركزي الأوروبي عن الاستقرار المالي في منقطة اليورو عدد شهر يونيو 2010، وقد كان أهم ما احتواه التقرير هو تحذيره من احتمال انتشار عدوى الاضطراب المالي الناتجة عن مشكلة الديون السيادية الأوروبية، وأن هناك احتمال ان يتعرض القطاع المصرفي لخسائر ضخمة نتيجة للديون السيئة. 

سوف تحتاج البنوك الأوروبية إلى تخصيص حوالي 123 مليار يورو مخصصات للديون السيئة في عام 2010، و105 مليارا في 2011، وذلك بالإضافة إلى 238 مليار كان قد تم تخصيصها في 2007-2009.

وتشمل التحديات التي تواجه البنوك في منطقة اليورو التعرض لسوق عقاري ضعيف، والتعرض لمئات المليارات من الديون السيئة، والمشكلات الاقتصادية للدول الأوروبية الشرقية، فضلا عن تزايد الحاجة إلى إعادة تمويل ضخمة للحكومات لحاجتها للمزيد من القروض العامة، والتي تقدر مابين 800 مليار إلى 984 مليارا ديونا طويلة الأجل بحلول نهاية عام 2012.

 ماذا يعني ذلك، ان ذلك يعني ان تكاليف الاقتراض ربما تميل نحو الارتفاع نتيجة تنافس البنوك والحكومات في أسواق السندات، مما يجعل من الصعب إطفاء كمية هائلة من السندات المستحقة في نهاية 2012. زيادة الطلب على الائتمان سوف تؤثر ليس فقط على البنوك وإنما أيضا على الشركات التي تحتاج إلى الاقتراض، حيث تعاني الكثير من الشركات الأوروبية من انخفاض مستويات ربحيتها وارتفاع مستوى مديونيتها.

من ناحية أخرى يشير التقرير إلى استمرار تزايد اعتماد الكثير من البنوك متوسطة وصغيرة الحجم على البنك المركزي الأوربي في عمليات تمويل احتياجاتها المالية، حيث كان البنك المركزي قد أعلن منذ بداية الأزمة المالية عن تقديمه ائتمان بلا حدود عند معدل فائدة 1%، وذلك لمواجهة ضعف إقدام البنوك على إقراض بعضها البعض.

هذا الاستمرار في الاعتماد على البنك المركزي الأوروبي يقلق البنك المركزي حاليا.

كذلك أشار التقرير إلى ان ارتفاع علاوات المخاطرة للديون الحكومية قد أدى إلى زيادة تكلفة الائتمان للشركات، وان المشكلة مرشحة للتعقيد إذا استمر النمو في معدلات البطالة والنمو المنخفض بصورة اكبر مما هو متوقع، مما يزيد من فرص عدم قدرة الأفراد والشركات على سداد ديونها. كما أشار التقرير إلى ان بعض الأسواق المالية مازالت لا تعمل كما يجب بصفة خاصة عمليات إصدار سندات الشركات، بصفة خاصة بالنسبة للبنوك والمؤسسات المالية الأخرى.

فقد فتحت أزمة الديون السيادية في الأشهر الأولى من 2010 عدة قنوات لانتقال عدوى الاضطراب المالي وقنوات للتغذية العكسية بين النظم المالية والماليات العامة للدول، بصفة خاصة في منطقة اليورو. ويؤكد التقرير على ان مشكلة الديون السيادية تهدد سلامة عمل النظام المالي بأكمله حيث تستخدم البنوك هذه السندات كرهونات عند قيامها بمنح قروضا لبعضها البعض. ويؤدي توقف التعامل في بعض السندات الحكومية إلى التأثير على حركة قروض ما بين البنوك بصورة كبيرة.

كما ادت الضغوط في سوق الديون السيادية إلى الانتشار إلى أسواق أخرى مثل سوق الصرف الأجنبي وأسواق الأسهم. في ظل هذه التهديدات والمخاطر يحاول البنك المركزي الأوروبي التدخل في الأسواق بأقصى قدراته وحينما يتطلب الأمر ذلك، لضمان استقرار الأسواق وطمأنة المستثمرين. ولكن من الواضح ان على منطقة اليورو أن تخلق نظاما لضبط سلوك الدول التي تخالف الاتفاقية فيما يتعلق بمستويات عجز ميزانياتها ونسبة ديونها العامة إلى ناتجها المحلي الإجمالي، حتى يمكن ضمان استقرار اكبر لأسواق المال الأوروبية.