كثيراً ما يتردد مصطلح المسؤولية الاجتماعية ويردف بتعريفات عدة تتمحور مابين المعونات الإنسانية سواء للجمعيات الخيرية بمختلف أنواعها أو مساندة برامج توعوية أو بيئية وكذلك اقتصادية وبالرغم من أنها جميعا تصلح كتوضيح لدور هذه المسؤولية إلا أن أحد أهم التعريفات تلك التي تربط بين ماتقدمه الشركات بالقطاع الخاص من دعم مالي وانعكاس ذلك على الاقتصاد الجزئي بشكل خاص وتبادر الكثير من الشركات بمختلف نشاطاتها سواء المصرفية أو الصناعية أو الخدمية إلى لعب هذا الدور البناء في مجتمعنا لكن يغلب على طابع نشاطاتها فيه الجوانب الإنسانية بشكل رئيسي بخلاف المشاركة ببرامج ونشاطات حضارية.
لكن يبقى المعيار الاقتصادي هو الأهم بالنسبة للمجتمع ويبرز الدور المسؤول للقطاع الخاص في دعم المجتمع وإدخال كل من هم خارج دائرة الاقتصاد إلى داخله وبمعنى أوضح هناك فئات من المجتمع تخضع لبرامج دعم حكومي يتمثل بشكل رئيسي بالضمان الاجتماعي حيث يصل عدد من هم مشمولون به إلى قرابة 690 ألف مستفيد تقدم لهم وزارة الشؤون الاجتماعية مساعدات سنوية عبارة عن معاشات وغيرها من الإعانات بميزانية تقارب 9 مليارات ريال سنوياً ومن المهم أن تركز برامج المسؤولية الاجتماعية التي تقدمها المصارف والشركات عموما على هذه الفئات من خلال تفعيل نشاطها الاقتصادي بالمجتمع ووضع برامج إنتاجية لها بفتح مشاريع صغيرة تعتمد من خلالها الأسر على نفسها بدلا من أن تبقى معتمدة على الإعانات ومن الممكن تبني برامج تعليم وتوظيف لأبنائها وذلك بقصد تحسين ظروفها المعيشية وتقوم الوزارة ببرامج عديدة للأسر المنتجة حيث تحصر النشاطات التي من الممكن دعمهم فيها وتحويلهم إلى قوى جديدة لماكينة الاقتصاد يساهمون برفع الناتج المحلي وكذلك زيادة الإنتاجية بالاقتصاد مما يقلل مع الزمن الحاجة للاستيراد من الخارج.
كما أن تطوير أساليب تفعيل دور هذه المساعدات من خلال تشكيل صناديق مسؤولية اجتماعية لكل قطاع اقتصادي كالاتصالات والصناعة والقطاع المالي والمقاولات والعقار والتجزئة حيث يتم وضع ميزانية واضحة وستكون بحجم كبير يعكس إمكاناتها وكذلك ينعكس على توسعها بهذا الدور المهم، ويبرز جانب مهم من خلال هذا التنظيم لو تحقق يتمثل بقدرة القطاعات على تقديم أفكار لمشاريع إنتاجية أو تطوير القائم منها فيكون هناك دعم وتوجيه يسمح بتحقيق أعلى نسبة من النجاح الممكن لكي يستطيع المستفيدون أن ينتقلوا إلى الدور المطلوب منهم اجتماعيا واقتصاديا فكل منطقة بالمملكة تتمتع بمزايا اقتصادية خاصة سواء زراعية أو صناعية أو خدمية وبالتالي يمكن توظيف هذه الإمكانيات من خلال مساعدة الكادر البشري بالتمويل والتوجيه والدعم وهذا النوع من الصناديق موجود في دول عديدة مجاورة أو حتى على المستوى العالمي وحقق نجاحات مهمة بحسب العديد من الدراسات المنشورة عنها كما يمكن تنظيم حجم الإعانات التي تقدم للجمعيات الخيرية وغيرها ممن تقوم الشركات بدعم برامجهم بشكل يرفع من قدرة تلك الجمعيات على تنفيذ برامجها لأنها تصبح أكثر قدرة على معرفة جزء مهم من إيرادتها مما يوجد توازنا في نسب توزيع مساهمات القطاع الخاص بكافة البرامج المجتمعية وسيشكل ذلك دورا مكملا لما تقوم به بعض المؤسسات حاليا كصندوق المئوية وبنك التسليف وبرنامج عبداللطيف جميل وغيرهم.
المسؤولية الاجتماعية تحمل في طياتها جوانب عديدة من الإيجابيات على كافة الأطراف الفاعلة فيها وبالوقت الذي أصبح القطاع الخاص يلعب دورا مهما بالاقتصاد السعودي فإن الحاجة لتنظيم هذا العمل تتضح أكثر في المرحلة الحالية خصوصاً وأن الشركات تساهم بشكل واسع في المجتمع ولا تتردد في أي فكرة تقدم لها ومن المهم اليوم التنسيق بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص حول رفع كفاءة هذه المساهمات من خلال تقديم المعلومات والإحصاءات المطلوبة والقدرة على الوصول بهذا الدعم إلى كافة المناطق لكي يستفيد منها أكبر عدد ممكن ويكون أثرها واسعاً.
منقول من جريدة الجزيرة