كما حدث في أزمة الرهن العقاري الأسوأمنذ الكساد العظيم من حيث الشبكة التي تكونت من مجموعة من استحواذ البنوك والمستثمرين حول العالم على مجموعة من الأدوات المالية التي كانت في الأصل ذو مخاطر مرتفعة للغاية و أدت هذه الأزمة إلى إحداث خلل لدى القطاع المصرفي في الاقتصاديات العالمية الرئيسية.
الآن نفس الأزمة تتكرر من جديد و لكن هذه المرة علاقة بينية من الديون بين الدول الأوروبية أدت إلى نشأة أزمة جديدة أطلق عليها أزمة الديون السيادية الأوروبية و التي أدت إلى حالة من الهلع و الخوف ليس فقط في الأسواق الأوروبية بل انتشرت إلى معظم اسواق العالم.
في بادئ الأمر اشتعل فتيل الأزمة مع بداية العام الحالي من اليونان أحد أعضاء منطقة اليورو الستة عشر، وذلك مع اقتراب موعد استحقاق سداد الديون الخاصة بها في الوقت الذي كشفت عن عدم قدرتها على مقابلة تلك الديون الأمر الذي كان بمثابة بدء تحول الإهتمام بمسألة الجهود التي تبذل من أجل عملية تعافي اقتصاديات المنطقة إلى إهتمام بالنواحي المالية للدول الأعضاء في المنطقة.
أزمة ديون اليونان كشفت عن أن هنالك دول أخرى قد تقع في نفس المأزق وهو التخلف عن سداد الديون المستحقة عليها. و الشكل التالي يوضح الدول صاحبة أعلى عجز للموازنة ضمن دول الاتحاد الأوروبي السبع و العشرون و الأكثر عرضة للوقوع في نفس مشكلة ديون اليونان وهذه الأرقام وفقا لما صدر في تقرير الخريف لعام 2010 عن المفوضية الأوروبية.
في الوقت الحالي تسعى الدول المتورطة في الأزمة إلى خفض الإنفاق العام من أجل تقليص عجز الموازنة ليصل إلى أدنى من المستوى المعياري المحدد من قبل الإتحاد الأوروبي لنسبة 3.00% حتى عام 2015، الجدير بالذكر أن الإجتماع الأخير لوزراء مالية الاتحاد تم الاتفاق فيه على ضرورة تلك الدول باتخاذ الإجراءات اللازمة و بشكل سريع من أجل خفض العجز.
وليس هنالك ما هو أبلغ من الشكل التالي لتوضيح العلاقة البينية لحجم الديون بين الدول الأوروبية و هذا الرسم مأخوذ عن بنك التسويات الدولية (Bank for international settlements)
ومن خلال الرسم السابق نستخلص النقاط الآتية: 1- أزمة اليونان ليست هي كل المعضلة بل كانت مجرد جرس إنذار لما يحدث داخل المنطقة الأوروبية ككل.
2- حجم الأزمة ليس بالهين وهو ما أخذ وقتا طويلا من الاتحاد الأوروبي حتى يخرج بحزمة المساعدات الأعلى كلفة بعد أزمة الرهن العقاري بقيمة 1.1$ تريليون دولار وبالتعاون مع صندوق النقد الدولي.
3- اتساع عمق الأزمة إذ كما هو موضح شبكة الديون البينية بين أكثر الحكومات عرضة للوقوع في عدم القدرة على الوفاء بسداد الديون.
4- الأزمة تتكون من ثلاث أضلاع: الأول وهي البلدان المقرضة مثل ألمانيا و فرنسا و بريطانيا، الضلع الثاني يتمثل في الدول المقترضة وهي اليونان، أيرلندا،إيطاليا،اسبانيا، البرتغال..الضلع الثالث يتمثل في الديون البينية بين الدول المقترضة. 5- لنا أن نشير هنا إلى أن حجم الديون المستحقة على ايطاليا لكلا من الحكومة و البنوك الفرنسية تبلغ 511$ بليون دولار أمريكي أو ما يمثل 20% من الناتج المحلي الإجمالي الفرنسي. 6- أيضا تم خفض التصنيف الإئتماني لكلا من البرتغال و أسبانيا ، فيما يمثل نصيب أسبانيا من الديون المستحقة على البرتغال بمقدار الثلث.
اشكرك اخي العزيز علي هذا التقرير الرائع وتقبل تحياتي