كفتنا القنوات الفضائية بحثا ونقاشا حول إيديولوجية حزب المحافظين البريطاني وخططه السياسية بعد أن وصل إلى السلطة في بريطانيا قبل بضعة أيام، وأحب هنا أن ألقي نظرة على سياسته الاقتصادية أو بالأحرى مبادئه وأهدافه الاقتصادية والمالية.
أبرز ملامح سياسة وأهداف المحافظين في الجانب الاقتصادي يلخصها الحزب في النقاط التالية:
أولا: ضمان استقرار الاقتصاد الكلي: من خلال خفض العجز في الموازنة بـ 6 مليار جنيه استرليني، وتجميد الأجور في القطاع العام باستثناء ذوي الأجور المتدنية، ورفع سن التقاعد وفرض ضريبة إضافية على رواتب الوزراء وبعض أعضاء البرلمان، ووقف الإعفاءات الضريبية للأسر ذات الدخل المرتفع.
ويقول الحزب إنه سيعمل على زيادة إنتاجية القطاع العام لذا سوف يقوم بإصلاح الحكومة المركزية والخدمات العامة لتقديم أعلى إنتاجية وأفضل قيمة مقابل المال الذي قدمه دافعو الضرائب.
ثاينا: خلق اقتصاد أكثر توازنا: من خلال استعادة ثقافة الادخار وتشجيع مدخرات التقاعد وتطوير صناديقها وتشكيل لجان حماية للمستهلك، والحد من ضريبة الميراث.
ثالثا: إصلاح النظام المصرفي: من خلال تقوية بنك انكلترا المركزي وجعله مسؤولا عن الاقتصاد الكلي، مع إدخال أدوات جديدة لتنظيم الاقتصاد الكلي، وإنشاء لجنة للسياسة المالية تعمل جنبا إلى جنب مع لجنة السياسة النقدية، وإنشاء لجنة خاصة بالمصارف المتعثرة.
وستعمل السياسة الجديدة على حماية الودائع وفرض متطلبات رأسمالية أعلى على الأنشطة عالية المخاطرة، وسيتم دفع البنوك باتجاه الإقراض وتخفيض المكآفآت الكبيرة في القطاع المصرفي.
أما أبرز ملامح سياسة وأهداف الحزب في قطاع الأعمال فيلخصها الحزب بقوله: " هدفنا بسيط : جعل بريطانيا أسهل وأفضل مكان في العالم لبناء وتنمية الأعمال التجارية"، وذلك من خلال:
أولا: وقف ضرائب الوظائف التي فرضتها حكومة العمال والتي من شأنها قتل الانتعاش (بحسب الحزب).
ثانيا: خفض معدلات ضريبة الشركات حيث يهدف الحزب إلى تخفيض المعدل الرئيسي من 28% إلى 25%، وفي الشركات الصغيرة من 22% إلى 20%.
ثالثا: تبسيط إجراءات إنشاء الأعمال الجديدة وتخفيف الروتين، وذلك بهدف جعل بريطانيا أسرع مكان في العالم لبدء عمل تجاري.
رابعا: تبسيط الضرائب التجارية (في الميزانية الأولى) ، بوضع خريطة طريق الإصلاح الضريبي على الأعمال التجارية لمدة خمس سنوات، وتوفير قدر أكبر من اليقين والاستقرار للشركات.
خامسا: زيادة المشتريات الحكومية من الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، بهدف رؤية 25 % من العقود الحكومية تذهب إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة.
يبقى التذكير أن حزب المحافظين لا يؤمن أبدا بانضمام بريطانيا إلى اليورو (لأن الجنيه الاسترليني جزء من تاريخ وعظمة بريطانيا)، ويقول ويليام هيغ في أول تصريح صحفي له بعد تعيينه يوم الأربعاء الماضي وزيرا لخارجية بريطانيا: ".. تحتل العلاقات الخاصة التي تربطنا بالولايات المتحدة أهمية خاصة بالنسبة لنا، وكذلك علاقاتنا بالاتحاد الأوروبي. لكن يتعين علينا كذلك ضمان بذل كل ما في وسعنا لتطوير علاقاتنا مع جنوب شرق آسيا وشمال أفريقيا وأمريكا اللاتينية لتنمية علاقاتنا مع الدول التي يكمن فيها النشاط الاقتصادي."
ما ذكر أعلاه يعتبر أهدافا لا زالت نظرية وهي تخص حزب المحافظين ولا تخص الحكومة ككل والتي تضم حزبا آخر (الديموقراطيين الأحرار) يختلف كثيرا في توجهاته عن المحافظين، وتطبيق هذه السياسات على أرض الواقع يحتاج إلى مدة كافية، يليها اختبار نتائج تلك السياسات وما إذا كانت مجدية ونافعة خصوصا في ظل الظروف الحالية.