أصدر جهاز الإحصاء قبل أسبوع بياناته المعدلة عن الناتج المحلي الإجمالي لدولة قطر للعام 2009، واشتمل الإصدار على أمرين مهمين؛ الأول: تعديل بيانات الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية للسنوات السابقةمع تعديل التقديرات الأولية للناتج للعام 2009. وقد استند هذا التعديل على التغيرات الكبيرة التي حدثت في هيكل الاقتصاد القطري من حيث عدد المنشآت والأنشطة الاقتصادية التي كانت تمارسها هذه المنشآت،
والثاني: إصدار بيانات الناتج بالأسعار الثابته للعام 2009 مع تعديل بيانات السنوات السابقة. وما يهمنا في هذا المقال هو إبراز أهم التغيرات التي طرأت في الإصدار الجديد من ناحية، وما يترتب عليها بشأن التوقعات التي نشرها صندوق النقد الدولي في فبراير الماضي عن الناتج المحلي الإجمالي للعام 2010 بالأسعار الجارية والثابتة.
وفيما يتعلق بالنقطة الأولى نجد أن جهاز الإحصاء قد عدل بيانات الناتج للسنوات السابقة بالأسعار الجارية، وذلك نتيجة لحصوله على إطار أحدث وأوسع للمنشآت العاملة بالدولة عما كان متاحاً له في السابق. وبناء على ذلك عدل الجهاز تقديراته بالزيادة على النحو المبين في الجدول أدناه:
ويتضح من الجدول أن التقديرات المعدلة للناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية قد زادت في السنوات الأربع السابقة بشكل ملحوظ عن التقديرات الأولية المنشورة سابقاً، وذلك نتيجة إدخال منشآت جديدة لم تكن في إطار الجهاز عند إعداد التقديرات السابقة. ونتيجة لهذه الإضافات فإن معدلات النمو الاقتصادي المنشورة سابقاً قد تعدلت كما هو مبين في الجدول؛ وعلى سبيل المثال تقلص التراجع في النمو الاقتصادي بالأسعار الجارية لعام 2009 من-17.5%، إلى -11.2% فقط، كما تغيرت معدلات النمو للسنوات السابقة على النحو المبين في الجدول. وتغيرت أيضاً معدلات النمو الحقيقة ( أي التغير بالأسعار الثابتة)، بحيث كان هناك نمو حقيقي بمعدل 8.7% في عام 2009، و 25.4% في عام 2008 و 26% في عام 2007، و 18.6% في عام 2006.
وللتغير في أرقام الناتج المحلي الإجمالي انعكاسات كثيرة على المؤشرات الاقتصادية، ومن ذلك مؤشر الدين العام وعجز أو فائض الموازنة العامة للدولة، وفائض أو عجز الحساب الجاري في ميزان المدفوعات، إلى الناتج المحلي الإجمالي. وما يهمنا في هذه العُجالة هو أنه عندما تغير الناتج المحلي الإجمالي في عام 2009 بالزيادة من 301.6 مليار ريال إلى 357.9 مليار ريال، فإن ذلك قد أدى إلى زيادة المقام في كل نسب المؤشرات المشار إليها، ومن ثم فإن النسب انخفضت، وعليه فإن نسبة إجمالي الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي تكون قد انخفضت،،، وهذا جيد، وانخفضت أيضاً نسبة فائض الموازنة العامة، ونسبة فائض الحساب الجاري إلى إجمالي الناتج المحلي الإجمالي.
وهناك من يربط مقدار الناتج المحلي الإجمالي برسملة البورصة، بحيث إذا زادت الرسملة عن الناتج كان ذلك سبباً لتراجع أسعار الأسهم والمؤشر كما حدث في عام 2009. وتعديل الناتج بالزيادة إلى 357.9 مليون ريال بدلاً من 301.6 مليون ريال، يقربه من الرسملة التي تزيد قليلاً عن 400 مليار. ومع توقع ارتفاع الناتج في عام 2010 بالأسعار الجارية على نحو ما سنشير إليه أدناه، فإن ذلك قد يقلل من الضغوط على أسعار الأسهم ، ويفتح المجال لارتفاع الأسعار إذا ما هدأت تداعيات أزمة ديون اليونان.
وعلى ضوء البيانات الحديثة لجهاز الاحصاء عن الناتج المحلي الإجمالي، أرى أن تقديرات الناتج المحلي الإجمالي للعام 2010 بالأسعار الجارية ستظل كما هي في حدود 396.6 مليار ريال، مع انخفاض معدل النمو الإسمي بالتالي إلى 10.8% فقط بدلاً من 31.5%، في حين سوف ينمو الاقتصاد بالأسعار الثابتة (أي نمو حقيقي) بمعدل 7.5% بدلاً 18.5% وفق ما ورد في التقديرات التي أعلن عنها صندوق النقد الدولي في شهر فبراير الماضي. والخلاصة أن الأرقام الجديدة لجهاز الإحصاء قد غيرت صورة الاقتصاد كما ترسمها الأرقام، وأن هذه الصورة الآن تبدو أكثر واقعية من الصورة القديمة. والموضوع يحتاج إلى تفصيل أكثر، وقد أعود إليه في مقال آخر قريباً إن شاء الله.
ماشاء الله تبارك الله اللهم زد وبارك