شهد هذا الأسبوع وصول أزمة ديون اليونان إلى ذروتها، بعد أن سمع العالم صراخ الفرقاء المعارضين والمؤيدين لإتمام حزمة مساعدات أوروبية وأممية لليونان بقيمة 120 مليار يورو، مقابل برامج تقشف صارمة أقرها البرلمان اليوناني والتزمت بها الحكومة من أجل ضبط العجز في موازنة الدولة. ولكي يتم طمأنة الأسواق في مواجهة احتمال سقوط دول أوروبية أخرى في مصيدة العجز عن سداد الديون، فإن القمة الأوروبية التي انعقدت في بداية الاسبوع قد تجاوزت مسالة حل المعضلة اليونانية، وأقرت إنشاء صندوق بمئات المليارات ليكون حصن الدفاع الأول عن اليورو وعن الاتحاد النقدي الأوروبي. وكان لهذا القرار الأخير تأثير إيجابي على كافة أسواق الأسهم العالمية التي تمكنت بعد صدوره من استعادة جزء كبير مما خسرته في اليومين السابقين. فهل انقشع غبار الأزمة بالكامل أم أن ذيول الأزمة وتوابعها لا تزال قائمة، وما هو الموقف بالنسبة للبورصة القطرية في أسبوع مضى وأسبوع آت؟
يمكن القول إن أزمة الديون اليونانية لا تزال قائمة وإن خفت حدتها إلى حين، وذلك لسببين الأول أن الديون اليونانية الكلية تزيد عن ضِعف المبلغ الذي تم إقراره في حزمة الإنقاذ، باعتبار أن هناك ديوناً أطول أجلاً لم يحن أوان سدادها بعد، والثاني، أن برامج التقشف التي التزمت بها الحكومة اليونانية صعبة جداً وقد تثور في مواجهتها قلاقل واضطرابات تعرقل تنفيذها. ومن هنا نجد أنه في الوقت الذي أنقذ الاتفاق الأوروبي الأسواق العالمية من الوقوع في مسلسل تراجعٍ حاد، فإنه لم يفعل الشيئ ذاته مع عملة اليورو التي واصلت تراجعها بعد الإتفاق، فوصل سعرها إلى 1.255 دولار لليورو. وهذا التدهور في سعر اليورو -الذي غالباً ما سيستمر- يعكس تخوفاً من فشل الاتفاق الأوروبي، ومن أن تكون إجراءات التقشف في اليونان وفي دول أخرى مقدمة لتراجع النمو الاقتصادي في بلدانها وزيادة معدلات البطالة في هذا العام والأعوام القادمة.
وبالنسبة لبورصة قطر التي تفاعلت مع الأحداث بشكل قوي مثلها في ذلك مثل كل أسواق المال في دول مجلس التعاون، فقد خرجت من الأحداث هذا الأسبوع بخسارة 30 نقطة إضافية أو ما نسبته 0.4%، أُضيفت إلى مسلسل خسائر البورصة التي توالت منذ 14 أبريل الماضي. ووصل المؤشر بذلك إلى مستوى 7344 نقطة. والملاحظ-كما في الشكل المرفق أدناه- أنه لو حذفنا الإنخفاض والارتفاع الطارئ والاستثنائي الذي حدث يومي الأحد والإثنين، فإن شكل المؤشر يُظهر بأنه قد دخل في منحنى نزولي منذ أن هبط دون مستوى الدعم عند 7500 نقطة يوم 5 مايو الماضي، وأن فرصة الإرتداد والإرتفاع ثانية بإكمال حرف دبليو في الشكل في ذلك اليوم قد ضاعت، مما ضغط على المؤشر من أجل مزيد من الإنخفاض هذا الأسبوع. وقد كان لعمليات البيع المكثفة(الصافية) التي قادتها المحافظ الأجنبية في كل الأسابيع الخمسة الماضية بما مجموعه 238.6 مليون ريال، أثره في خفض حجم السيولة المتاحة في البورصة، ومن ثم، إحداث هذا التراجع الملحوظ للمؤشر بعد أن وصل إلى مستوى 7801 نقطة يوم 13 أبريل الماضي. وفي حين عملت المحافظ القطرية في الأسابيع الماضية على إيجاد نوع من التوازن في إداء البورصة بمشترياتها الصافية، فإنها انضمت هذا الأسبوع إلى المحافظ الأجنبية في القيام بعمليات بيع صافية بقيمة 38.8 مليون ريال.
وقد شهد الأسبوع مضاربات على أسم الشركات غير القيادية من إجل تحقيق أرباح سريعة، فنشط التعامل على أسهم مثل الطبية والرعاية وفودافون وقطروعمان وبعض شركات التأمين، وتراجعت أسعار أسهم الشركات القيادية كصناعات والوطني والتجاري والمصرف وكيوتيل والملاحة وناقلات. وسجلت تداولات الأسبوع ارتفاعاً بنسبة 25.9% إلى 1.8 مليار ريال(أو بمعدل 360 مليون ريال يومياً)، بسبب ارتفاع التداول يومي الأحد والإثنين. ومع نهاية الأسبوع كانت رسملة السوق قد انخفضت مجدداً إلى 401.3 مليار مقارنة بـ 406.2 في الأسبوع الماضي.
وستكون الأنظار مركزة يوم الجمعة على أداء الأسواق الأوروبية والأمريكية، لترى ما إذا كانت ستخرج من دوامة التذبذب هبوطاً وصعوداً وبنسب محدودة أم لا. ولأنه لا يوجد في الأفق تطورات محلية أخرى يمكن أن تعيد الأسعار إلى الارتفاع بقوة مرة أخرى، لذا فإن إداء البورصة في الأسبوع القادم قد يشهد المزيد من التراجع، المقترن بقدر من التذبذب بحسب ما يستجد من تطورات،،، والله أعلم.