نتحدث هذه المرة على بند هام يتعلق بكيفية منع التلاعب فى القوائم المالية الا وهو الإفصاح عن السياسات المحاسبية وأهمية المحاسبة السليمة ومعايير إعداد التقارير المالية.
وتقاس بنود القوائم المالية بتطبيق سياسات محاسبية قد تختلف من منشأة لأخرى, فالمبادئ المحاسبية المتعارف عليها سواء في مصر أو الخارج تتضمن سياسات وطرق مختلفة, وقد أوضحت المعايير المحاسبية الدولية أو المصرية وكذلك الأمريكية هذه الحقيقة بالقول بأنه يعتبر استخدام سياسات محاسبية مختلفة في مجالات متعددة من العوامل التي تؤدى إلي صعوبة تفسير القوائم المالية, وليست هناك مجموعة معينة بالذات للسياسات المحاسبية المقبولة يمكن الرجوع إليها. ومن ثم فإن استخدام ما هو متاح من السياسات المختلفة قد يسفر عن قوائم مالية مختلفة عن بعضها البعض لمجموعة واحدة من الأحداث والظروف لذلك يكون الإفصاح عن السياسات المحاسبيةوثيقة هامة للمعلومات تمكن من تفسير الأرقام الواردة في القوائم المالية وفقا للسياسات المحاسبية التى أدت إليها.
ولعل أوضح مثال على ذلك هو ما يتعلق بتسعير المخزون السلعي حيث تستخدم أكثر من طريقة لتسعير المنصرف من المخزون وبالتالي تتأثر تكلفة المبيعات وتكلفة المخزون أخر المدة وكذلك صافى الأرباح أو الخسائر. وهذا يؤدى بحسب الطريقة المستخدمة نتيجة اختلاف السياسات والطرق المحاسبية المتبعة إلى اختلاف النتائج والمؤشرات المالية المستخرجة من القوائم المالية .علما بأن جميع الطرق تتفق مع المبادئ المحاسبية المتعارف عليها. وهو ما يبرز الحاجة الملحة إلى التعرف على السياسات المحاسبية المتبعة عند إعداد وعرض القوائم المالية.
وطبقا للمعيار المحاسبي الدولي رقم (1) المعدل والخاص بعرض القوائم المالية يقوم هذا المعيار بتحديث المتطلبات في المعايير التى حل محلها وبما يتفق مع إطار لجنة معايير المحاسبة الدولية لإعداد وعرض القوائم المالية.وعلاوة على ذلك فقد تم تصميم المعيار بما يضمن تحسين نوعية القوائم المالية المعروضة باستخدام معايير المحاسبة الدولية وذلك من خلال ما يلي:
1. ضمان أن القوائم المالية التى تصرح بأنها قد تمت من خلال تطبيق معايير المحاسبة الدولية قد امتثلت لكل معيار ينطبق عليها, بما في ذلك كافة متطلبات الإفصاح.
ب- ضمان أن أي مخالفات لمتطلبات معايير المحاسبة الدولية قد اقتصرت على حالات نادرة جدا ( ويتم متابعة حالات عدم الامتثال للمعايير وإصدارات إرشادات أخرى كلما كان ذلك مناسبا).
ج- توفير الإرشادات بخصوص هيكل القوائم المالية .بما في ذلك الحد الأدنى من المتطلبات لكل قائمة أساسية والسياسات المحاسبية والإيضاحات وملحق تفسيرى.
د- وضع (وفقا للإطار المحدد) متطلبات عملية بخصوص موضوعات معينة مثل الجوهرية وفرضية استمرار المنشأة واختيار السياسات المحاسبية عندما لا يكون هناك معيار ثابت. وعرض المعلومات المقارنة.
أهمية المحاسبة السليمة ومعايير إعداد التقارير:
كما هو معلوم, أدى الاضطراب الذي ساد الأسواق العالمية مؤخرا بسبب إفلاس شركة إنرون والشركات الدولية الأخرى إلي إلقاء الضوء على أهمية المحاسبة السليمة ومعايير إعداد التقارير.
وأصبح المستثمرون يطالبون بتقارير مالية شفافة تتيح لهم تحديد اقتصاديات العمليات التى تجريها الشركة بما يمكنهم من تقرير المخاطر والمزايا التى تتضمنها استثماراتهم. وعندما يدرك السوق أن هناك نقصا في الشفافية, تجرى معاقبة أسعار الأوراق المالية للشركة أو للصناعة التى تعمل الشركة في نطاقها بالكامل. وقد أدى ظهور الفضائح المحاسبية الأخيرة إلى ضياع مليارات الدولارات من القيمة الرأسمالية السوقية, مما أدى إلى قيام كثير من المستثمرين بتأجيل خططهم الخاصة بالتقاعد أو بنواحي النشاط الأخرى. وفى بعض الحالات الأخرى فقد المستثمرون معظم مدخراتهم.
وتجدر ملاحظة أن إعداد التقارير المالية الشفافة يتعدى مجرد تطبيق مجموعة من المعايير المحاسبية التى تهدف إلي توفير التناسق وقابلية المقارنة .إذ أن ذلك يعتبر جزء لا يتجزأ من نظام جيد مصمم بعناية لحوكمة الشركة وفى الولايات المتحدة على سبيل المثال, يطلب إلى مجالس الإدارة أن تتأكد من قيام المراجعين وإدارة الشركة بأداء أعمالهم والمهام الموكلة إليهم بطريقة سليمة وبشكل مستقل. وقد جاءت هذه المطالب في شكل لوائح وتعليمات أصدرتها بورصة الأوراق المالية تطلب فيها أن تكون اللجان المعينة التابعة لمجلس الإدارة مثل لجنة المراجعة مستقلة عن الإدارة. وأن تتمتع بالدراية المالية, وأن تجرى اتصالاتها بطريقة ملائمة مع المراجعين لضمان أن يؤدى تطبيق المعايير المحاسبية إلى توفير الشفافية في التقارير التى تعكس الاقتصاديات التى تقوم عليها الشركة. وقد وضعت هذه المتطلبات والتعليمات بهدف زيادة احتمال قيام أعضاء مجالس الإدارة بتمثيل مصالح المساهمين.
وعادة ما ينظر إلى الولايات المتحدة على أن لديها نظما متقدمة وجيدة للمحاسبة وإعداد التقارير, وعلى الرغم من وجود النظام الجيد المتقدم فإن المشاكل قد تحدث بل وتقع فعلا. وعندما يحدث ذلك تكزن له آثار مالية عالمية, كما أنة يوضح الحاجة إلى معايير عالية الجودة للمحاسبة تدعم إعداد التقارير المالية الشفافة.
ولما كانت الدول في جميع أنحاء العالم مازالت مستمرة في جهودها لتنمية الاقتصاديات الديمقراطية القائمة على أساس السوق. فقد ازدادت أهمية إتباع المعايير المحاسبية ومعايير إعداد التقارير السليمة لسلامة نظمها المالية. ومن الممكن أن يؤدى إتباع المعايير المعترف بها دوليا إلى تسهيل جهود الخصخصة, نظرا لما توفره من ثقة لدى أصحاب الأسهم.
وبدون هذة المعايير تقل إلى حد كبير قدرة المنشآت المملوكة ملكية خاصة على جذب رؤوس الأموال سواء من البنوك أو من المستثمرين, نظرا لعدم قدرة المستثمرين على تقييم المخاطر والعوائد المرتبطة بمثل هذا الاستثمار. وتقييم المخاطر وحده مهمة شاقة ذات معايير لها قدرها.وبدون المعايير الجيدة والسليمة, تصبح أقرب إلى المستحيل.
ومما لاشك فيه أن المعايير المحاسبية السليمة تدعم كفاءة الإدارة المالية, كما أن النظام السليم للتقارير هو الذي يوفر معلومات حيوية للدائنين والمستثمرين في الأسهم بما يهيئ لهم القيام باستثمارات أمنة ومربحة. والمستثمرين هم الذين يقدمون رأس المال المخاطر المطلوب بشدة, ويهمهم معرفة المخاطر التى تتضمنها استثماراتهم, والعائد الذي توفره لهم. والمستثمرون بحاجة إلى المعلومات التى تساعدهم على أن يقروا ما إذا كان ينبغي لهم أن يشتروا أو يحتفظوا باستثمار معين أو يقوموا ببيعة.أما المقرضون فإن ما يهمهم هو المعلومات التى تتيح لهم أن يقروا ما إذا كان سيحصلون على ما قدموه من قروض, وعلى الفوائد المستحقة عليها في مواعيدها.
وأختيار أي دولة للمعايير المحاسبية هو أمر يخصها وحدها . ومع ذلك فإن الشركات التى تستخدم معايير محاسبية ومعايير لإعداد التقارير ليست مقبولة على نطاق واسع في أسواق رأس المال العالمية ستواجه تكاليف أكثر ارتفاعا في الحصول على رأس المال والتمويل من تلك الأسواق. وقد تؤدى مشاكل تدبير رأس المال بدورها إلى وضع معايير محاسبية ومعايير لإعداد التقارير أكثر قبولا لدى المستثمرين وتوفر أساسا لإدارة المنشأة. وقد تم تحقيق تقدم كبير في وضع مجموعة عالمية من المعايير يمكن أن يوفر إتباع هذه المعايير مصداقية فورية لجزء كبير ومحسوس من نظام التقارير المالية في أي دولة.وبصفة عامة فإن معايير المحاسبة الدولية. وكذلك المعايير في كثير من الدول, ينظر إليها باعتبارها قائمة على مبادئ. على عكس المعايير الأمريكية التى ينظر إليها على أساس أنها قائمة على أحكام وقواعد. وتوفر المعايير القائمة على الأحكام إرشادات أكثر فيما يتعلق بكيفية معاملة عمليات معينة في الحسابات بدرجة أكبر مما توفره المعايير القائمة على المبادئ, والتي يكون الهدف منها توفير مرونة أكبرللمديرين والمراجعين عن كيفية الإخطار أو (إعداد التقارير) عن عملية معينة.ومن المفترض, في المعيار القائم على أساس مبدأ أن يقدم وصفاكمنهج عام للمحاسبة وإعداد التقرير عن العملية حتى يمكن أن يوفر معلومات مفيدة عنها لمتخذي القرارات والمديرين كي يتمكنوا من الاختيار فيما بين مجموعة أوسع من المعاملات المفترضة بما يحقق الهدف من توفير المعلومات المفيدة.
ويقول البعض مؤخرا أن الحل لمشكلة نقص الالتزام بالقواعد المحاسبية هو إتباع القواعد القائمة على أساس المبادئ. وقد رئينا عددا من الحالات التى لم يؤد فيها إتباع منهج القواعد القائمة على أساس المبادئ - في كثير من الدول – إلى إعداد تقارير ذات شفافية أو إلى التزام أفضل بالقواعد.
على أن قبول مجموعة واحدة من المعايير المحاسبية يمكن أن يؤدى إلى زيادة قدرة الشركة على تدبير رأس المال في بعض الأسواق المالية الرئيسية . وإذا تمكنت إحدى المنشآت العالمية من دخول جميع الأسواق المالية مع استخدام مجموعة واحدة من القوائم المالية, فإن من المحتمل أن يؤدى ذلك إلى تخفيض تكلفة رأس المال.
إن الجودة العالية للتقارير المالية في الولايات المتحدة ليست مجرد نتاج لارتفاع جودة المعايير المحاسبية .بل أنها تعتمد على البنية الأساسية المساعدة التى تعمل على ضمان تفسير وترجمة وتطبيق تلك المعايير بطريقة دقيقة. وعلى تحديد الموضوعات والمشاكل وحلها بسرعة .وتتضمن هذه البنية الأساسية :
* معايير عالية الجودة للمراجعة. * وجود منشآت مهنية متخصصة ومستقلة للمراجعة مع رقابة قومية للجودة. * ووفاء الرقابة لجودة جميع نواحى مهنة المراجعة. * وإشراف لجنة الأوراق المالية والبورصات (SEC) على وضع المعيار. * وإشراف لجنة الأوراق المالية والبورصات (SEC) على الترجمة والتفسير والتطبيق من خلال عملية إعادة النظر والتعليق التى يقوم بها قسم تمويل الشركات المساهمة(Division Corporation Finance).
وتبين كل تلك الفاعليات أن كل دولة يمكنها الحصول على مجموعة المعايير عالية الجودة للمحاسبة المالية وإعداد التقارير .وقد تجد الدول ذات الخبرة الحديثة باقتصاد السوق أن الحصول على تلك المعايير يعد نعمة بالنسبة للتنمية ومن الطبيعي أن تؤدى العادات والأعراف والممارسات المحلية إلى أمكان التأثير على إتباع المعايير, كما يحدث في الدول ذات الخبرة الكبرى باقتصاد السوق.
ومع ذلك فإن أمام الجميع فرصة للاستفادة من إنتاج وتنفيذ المعايير السليمة للمحاسبة وإعداد التقارير .وتساعد مثل هذه المعايير على دعم القابلية للمحاسبة عن المسئولية والشفافية ,كما تشجع على الاستخدام الكفء للموارد,وتعمل على جذب رؤوس أموال أكبربمعدلات فائدة معقولة, وتدعم القدرة على تنظيم المشروعات,وخلق وظائف جديدة,كما تساعد على النمو الاقتصادي.وبصفة عامة فإن تلك المعايير تساعد على تقدم الديمقراطية والإصلاح الاقتصادي. ارجو ان اكون قد اوضحت هذا البند الهام فى كيفية منع التلاعب فى القوائم المالية بالاعتماد على السياسات المحاسبية السليمة مع الافصاح الكافى عنها مع تمنياتى للجميع بالتوفيق والاستفادة .