تصحيح له مبرراته ولكن..

17/04/2010 0
بشير يوسف الكحلوت

لم يتمكن مؤشر البورصة من مواصلة ارتفاعاته المتتالية التي حلق بها عالياً على مدى شهر كامل، والتي تمكن بواسطتها من قطع مسافة 900 نقطة، وعندما بات على مقربة من مستوى 8000 نقطة في منتصف هذا الأسبوع إذا به يتعرض لعمليات بيع مكثفة يومي الأربعاء والخميس من جانب المحافظ الأجنبية، وإذا به يفقد في يومين كل ما كسبه في الأيام الثلاثة الأولى من الأسبوع وفوقها تسع نقاط إضافية ارتد معها إلى مستوى 7627 نقطة، فهل كان هذا الإرتداد مبرراً أو منطقياً؟

من وجهة نظر المضاربين الذين يعمدون إلى البيع لجني الأرباح بعد كل ارتفاعات ولو بنسب بسيطة فإن ذلك الانخفاض بدا منطقياً ومقبولاً، خاصة وقد لاحت لهم بعض المعطيات الأساسية التي لا تروق لهم؛ وأقصد بذلك بعض نتائج الشركات عن الربع الأول، ومن ثم فإنهم لم يتأخروا عن ركوب الموجة والإبحار في الاتجاه المعاكس عندما هبت رياحه. وأما المستثمرون الذين بنوا مراكزهم الاستثمارية وفق تطلعات أطول أمداً فإنهم قد فضلوا الحفاظ على تلك المراكز حتى يصلوا إلى الأهداف المرسومة لها خوفاً من التشتت والضياع في منتصف الطريق. ومن هنا فإن هذا الصنف من المتعاملين قد تقبل فكرة حدوث انخفاض تصحيحي على الأسعار خاصة وأن لهم وجهة نظر أخرى في المعطيات الأساسية التي تم الإفصاح عنها أو تلك التي سيتم الإفصاح عنها في الأسبوع القادم.

والمعلوم أن أرباح صناعات والمصرف الإسلامي قد جاءت بأقل من الربع الأول للعام السابق بنسبة 14% لكل منهما. وقد اعتبر المضاربون أن هذا الانخفاض يشكل مبرراً كافياً يستحق الوقوف عنده وبيع سهم المصرف بعد أن تجاوز 81.5 ريال وبيع سهم صناعات بعد أن اقترب من 120 ريال. ولو تمعن هؤلاء في الأرقام جيداً لوجدوا أنها ليست بالسيئة، فأرباح هذا العام تزيد كثيراًً في حقيقة الأمر عن أرباح الربع الأول من العام الماضي إذا ما تم استثناء الدعم الحكومي الذي حصلت عليه شركة صناعات والمصرف الإسلامي في صور شتى، ومن ثم فنحن أمام زيادة حقيقية في الأرباح وليس أمام حالة تراجع. ولو كان هناك تراجعاً حقيقياً في الأرباح لعمدت الحكومة إلى معالجته بوسائلها المتعددة، ونذكر على سبيل المثال أن أمامها خيار ضخ المزيد من الأموال للمصرف والبنوك الوطنية استكمالاً للزيادة المعلن عنها في رؤوس أموال تلك البنوك بنسبة 20%، والتي تم تنفيذ 10% منها على دفعتين حتى الآن في عام 2009. ومن جهة أخرى فإن الأرباح المعلنة هي عن فترة ربع واحد فقط من عام 2010، ولا زالت هناك فصول ثلاثة قادمة قد تحمل في طياتها نتائج أفضل، من جراء النمو الاقتصادي المتوقع في قطر، ومن التحسن في أسعار النفط، وما قد يتبع ذلك من ارتفاع في أسعار المنتجات البتروكيماوية. كما ستصدر في الأسبوع القادمة مجموعة كبيرة من نتائج الشركات الأخرى ومن بينها شركات هامة، وبالتالي فإن أي تحسن في تلك النتائج قد يعمل على عودة الأسعار إلى الارتفاع ثانية. وسيتضمن مقال الأحد الأسبوعي قراءة في المستويات المتوقعة لتلك النتائج.

وبالعودة إلى أداء البورصة هذا الأسبوع فإننا نجد أنه قد شهد ارتفاعاً ملحوظاً في إجمالي حجم التداول للأسبوع الثاني على التوالي، إذ بلغ مستوى 2.4 مليار ريال مقارنة بـ 1.95 مليار ريال في الأسبوع السابق و 1.56 مليار في الأسبوع الذي قبله، وهذا الارتفاع في حد ذاته ظاهرة إيجابية، لأنه يؤشر إلى وجود من لديهم الرغبة في الشراء في مواجهة من يبيع.

والملاحظ أنه رغم الانخفاض الذي طرأ على المؤشر في اليومين الأخيرين فإن أسعار أسهم بعض الشركات قد سجلت ارتفاعاً ملحوظاً؛ ومن ذلك أسهم شركات مثل الملاحة والأسمنت وبروة وقطر للتأمين، كما أن سهم الوطني حافظ على سعره المرتفع نسبياً قريباً من مستوى 140 ريال.

والخلاصة إن هذا الأسبوع قد شهد نجاحاً للمؤشر في كسر حاجز 7660 نقطة، وتجاوزه إياه بأكثر من 140 نقطة، ثم ارتداده عنه ووصوله إلى قُرب النقطة التي بدأ منها، وذلك يمكن وصفه بأنه يشكل نصف نجاح، فأن تعبر الطريق مرة يعني أنك قادر على العودة عبرها مرة أخرى بمشقة أقل، ومن ثم فإن الأسبوع القادم وما يتضمنه من زحمة في النتائج المعلنة قد يجبر الكثيرين على إعادة حساباتهم إذا ما جاءت تلك النتائج جيدة، مع التنويه ثانية بأن لنا وقفة مع توقعات تلك النتائج في مقال الأحد القادم بإذن الله. ويظل ما تقدم رؤيتي الشخصية لما حدث في البورصة في أسبوع مضى، وما قد يحدث في أسبوع آت، وهي رؤية تحتمل الصواب والخطأ، والله أعلم.