رئيس يطير .. وسهم يحلق

13/04/2010 4
محمد سليمان يوسف

تدور في أوساط متداولي  أسواق المال الإماراتية هذه الأيام شائعات كثيرة  أبرزها شائعة تقول أن حدثا مهما ستشهده  الجمعية العمومية لواحدة من أهم الشركات وأن هذا الحدث سيقلب "الطاولة رأسا على عقب "وسيغير مسار الأسواق المحلية بل وقد تشهد هذه الأسواق "رالي" صعود سريع قد يستمر عدة أيام وبالرغم من أن كل شيء جائز وقد تأتينا  المفاجأة في أية لحظة ومن حيث لا ندري  إلا أن الهمس بهذه الشائعة أو الحديث عنها جهارا نهارا قد يدفع بنسبة كبيرة من صغار المستثمرين للانسياق خلفها واحتلال مراكز استثمارية على أساسها وعندما تأتي ساعة الحصاد قد لا يجدون زرعا ولا ثمرا وبالتالي تتحول أحلامهم الوردية  إلى وهم يأتي على ما تبقى من رأس مالهم هذا إن بقي لهم رأس مال يستحق العناء أو  البكاء .

من المفيد هنا الإشارة إلى ذكاء من هم خلف هذه الشائعة  إذ لا يخفى على أحد أن الأسواق المحلية في الوقت الراهن متعطشة لأي خبر يدفعها بأحد اتجاهين والمتابع لما يدور بين أوساط صغار المتداولين يكتشف بسهولة انقسامهم حول رأيين ، رأي يقول أن مؤشرات الأسواق المحلية متجهة إلى قيعان جديدة بعد كسر القيعان التاريخية المسجلة في ألفين وتسعة ، ورأي آخر يقول أن الأسواق متجهة إلى قمم جديدة ستعيد للأسواق أمجاد الطفرة المنصرفة مما يعني أن أوساط المتداولين جاهزة لتقبل أي خبر والتمترس خلف أي شائعة .

إن من يقوموا بخلق الشائعات ليسوا أذكياء فحسب بل هم محترفون يعرفون تماماً.. لماذا ؟ ..و متى ؟ .. وأين ؟.. وكيف ؟.. ولمن يوجهون  شائعاتهم ، وهؤلاء المحترفون لا يعملون بمفردهم بل لديهم جيش من الموزعين- أصحاب نفوذ ، ذوي شأن ، وسطاء ، إعلاميون ، مطبلون ، مزمرون ، أبواق .. وغيرهم -   مهمتهم البث والنشر والتوزيع حيث يوجد مستثمرون بسطاء  جاهزون لابتلاع الطعم والتفاعل مع الشائعة إلى أقصى الحدود بل والتجمع وتكوين ما يعرف بـ " القطيع " وبالرغم من أن هذه الكلمة لا تعجب الكثيرين إلا أنها المصطلح الأكثر تعبيرا واستبداله بمصطلح آخر قد يشوه الحقيقة ويغيب مضمون  الرسالة فعذرا ممن لا يعجبه مصطلــــح " القطيع "  فهو ليس من إنتاجي بل من إنتاج أدبيات الأسواق المالية حول العالم .

إن الكثير ممن اشترى سهما بعينه أمس وأول أمس مقتفيا أثر الشائعة ،  ينتظر بفارغ الصبر الجمعية العمومية لسهمه كي يشهد – ملهاة  أو مأساة – فإن صحت الشائعة فسيكون من الرابحين السعداء وإن كانت الشائعة كذبة سوداء فإنه سيكون من الخاسرين التعساء وفي جميع الأحوال فإن الخاسر الأكبر هو الأسواق .. لماذا ؟ .. لأن توافق الشائعة مع أي مفاجأة دليل قاطع على وجود تسريبات تصل للبعض دون الأخر وهذا "خبر سيء" .. كما أن بقاء الشائعة في نطاق الشائعة يعني أن الأسواق تخضع لسيطرة مجموعة من "الهوامير" القادرين على تغيير مجرى الأحداث وقتما يشاءون وهذا "خبر أسوأ" .

قد يساءل الكثيرون عن سبب كتابة هذا المقال طالما أني لم أذكر السهم محل الشائعة ولا موضوع الشائعة أما الإجابة فبسيطة إذ ليس من مهماتي المشاركة في نشر الشائعة وإنما مهمتي الإشارة إليها ولفت الانتباه إلى أنها مجرد شائعة وتذكير اللاهثين خلفها بضرورة التروي قبل الشراء على وقعها ومراقبة ما سيحدث في اجتماع الجمعية العمومية فإن جرى انتخاب رئيس مجلس إدارة جديدة فالشائعة صحيحة وإن لم يجر تغيير رئيس مجلس الإدارة  أو تنحيته فالشائعة كاذبة والمتورطون يعرفون تماما ما أرمي إليه .

إذا كان القضاء على الشائعات في مهدها أمر صعب إن لم نقل مستحيل فإن التصدي لها بعد انتشارها قد يكون سهلا بل وربما أسهل مما نتصور وكل ما يحتاجه الأمر هو نفي أحد مسئولي الشركة للشائعة أو تأكيدها بمجرد وصولها إلى علمه وبالتالي قطع الطريق على المستفيدين منها ، أما أن ينتظر مسئولو الشركات أياما بل وأسابيع على ظهور شائعة ما لنفيها فهذا نوع من التواطؤ ضد المساهمين وعلى الجهات الرقابية متابعة مثل هذه الحالات ومحاسبة المقصرين ولا يجوز لمسئول الأوراق المالية تقديم أي مبررات في مثل هذه الحالات لأن مثل هذه التبريرات تعني تقاعسه وتخليه عن واجباته ومسئولياته .