حول قرار عودة البنوك للبورصة القطرية

22/03/2010 0
بشير يوسف الكحلوت

شهد الأسبوع الماضي الإعلان عن قرارين مهمين يتعلقان ببورصة قطر الأول صدر عن سعادة وزير الاقتصاد والمالية ويسمح بمقتضاه للبنوك بالعمل ثانية في مجال الوساطة المالية لدى البورصة، والثاني عن سعادة محافظ مصرف قطر المركزي، ويسمح للبنوك الوطنية بشراء الأسهم في بورصة قطر بما لا يزيد عن 150 مليون ريال لكل بنك. وقد صدر القراران في إطار اهتمام الحكومة المتزايد بتنشيط التداول في البورصة ورفع أسعار الأسهم والمؤشر بعد أن دخلت جميعها في حالة تقوقع لا تتناسب مع المشهد الاقتصادي العام في دولة قطر. فما مدى تأثير القرارين على أنشطة البورصة على ضوء ما حدث في الأسبوع المنصرم، وما يمكن أن يحدث في الأسابيع القادمة؟

الجدير بالذكر أن المصرف المركزي كان قد أوقف شراء البنوك للأسهم القطرية منذ عام على خلفية الدعم الذي قدمه لها لحمايتها من خسائر محافظ الأسهم لديها إبان الأزمة. وكان قرار المنع في حينه منطقياً لحماية أموال المودعين من تبعات الأزمة المالية العالمية التي كانت على أشدها في تلك الفترة، ولدفع البنوك للقيام بدورها الأساسي في منح القروض والتمويل للشركات والأفراد. ولكن مع تعافي الاقتصاد من تبعات تلك الأزمة وعودة البنوك إلى تسجيل الأرباح في عام 2009، فإن الحاجة بدت ملحة لإعادة النشاط في بورصة قطر، وذلك لا يتم إلا من خلال مشاركة القطاع المصرفي القطري في هذا المجال. ولقد كان القرار الصادر عن المركزي في أول أيام الأسبوع الماضي بمثابة طوق النجاة للبورصة، في وقت كان فيه المؤشر يستعد لمزيد من الإنخفاض بعد أن أفصحت كل الشركات عن أخبارها وتوزيعاتها، وبعد أن انعقدت معظم جمعياتها العمومية، ولم يعد هناك ما يدفع المستثمرين للمخاطرة بشراء الأسهم في هذا الوقت المبكر من السنة. ومن هنا يمكن القول إن هذا القرار كان صائباً بامتياز خاصة وأنه أخذ بعين الاعتبار أن يكون شراء البنوك للأسهم بمبالغ محدودة نسبياً مقارنة بما كان عليه الحال قبل عام، أي أن المليار ومائتي مليون التي ستدخل بها البنوك في البورصة تعادل 20% فقط من قيمة دعم محفظة الأسهم التي بلغت 6 مليار ريال في مارس 2009. وهذا التحفظ في المقدار المسموح به لكل بنك على حدة، وللبنوك مجتمعة يُمكن أن يُفهم منه إمكانية زيادة المبالغ مستقبلاً إذا ما دعت الضرورة لذلك.

وأما اشتغال البنوك في أعمال الوساطة المالية، فكان مسموحاً به منذ إنشاء السوق عام 1997، وتنص على ذلك لائحة العمل بالبورصة، ولكن لأن أداء مكاتب الوساطة التابعة للبنوك لم يكن ناجحاً بالقدر الكافي، ولأن الأصل في دول أخرى متقدمة أن لا يُسمح للبنوك بممارسة هذه المهنة، لذا تقرر في عام 2005 إلغاء مكاتب الوساطة التابعة للبنوك، مقابل إنشاء شركة مساهمة وطنية هي دلالة للوساطة، التي تساهم بها البنوك الوطنية-غير الإسلامية- بما مجموعه 15% وبواقع 3% لكل بنك. وقد عملت في سوق الدوحة للأوراق المالية منذ تأسيسها، ثم البورصة فيما بعد، عدد من شركات الوساطة هي المجموعة للأوراق المالية، وقطر للأوراق المالية، والشركة العالمية للأوراق المالية، ومجموعة الاستثمارت الخليجية، والإسلامية للأوراق المالية، ثم دلالة للوساطة التي تفرع عنها دلالة الإسلامية. وقد توقفت مجموعة الاستثمارات الخليجية منذ خريف عام 2009، لعدم نجاحها في استقطاب حصة مهمة من إجمالي التداول، وتراجع الأسعار وحجم التداول في عام 2009 بسبب الأزمة العالمية مما عرضها لخسائر أجبرتها على الإنسحاب من البورصة. ولم تنجح دلالة في الاستحواذ على حصة مؤثرة في السوق رغم ما يُفترض من وجود دعم لها من مؤسسيها وبينهم البنوك وصندوق المعاشات. وتشير نتائج أعمال الشركة إلى أنها قد سجلت في عام 2008 نتائج جيدة نسبياً بلغ معها صافي الدخل 50.5 مليون ريال منها 39 مليون من أعمال الوساطة في البورصة، والباقي من استثماراتها وشركاتها التابعة. وقد تغير الحال في عام 2009 بتراجع أرباح التشغيل من أعمال الوساطة إلى مبلغ 4.87 مليون ريال فقط، وإن تبخرت هذه الملايين في مواجهة الخسائر الصافية من الإستثمارات، لتنتهي السنة بخسارة صافية تصل إلى قرابة المليون ريال. الجدير بالذكر أن حصة الشركة (بفرعيها العادي والإسلامي) من قيمة الأسهم المتداولة قد بلغت 24% من إجمالي قيمة التداول في البورصة عام 2007، ثم انخفضت النسبة إلى أقل من 18% في عام 2008، وإلى 18.2% في عام 2009، وإلى 24.6% في فبراير الماضي حسب بيانات البورصة. هذا التحسن الملحوظ في حصة الشركة خلال شهر فبراير قد يكون مبشراً على إمكانية عودة الشركة إلى تحقيق الأرباح في عام 2010، فهل تكون عودة البنوك للعمل في مجال الوساطة المالية على حساب شركة دلالة؟ هذا ما سنعرفه بعد الإفصاح عن البياناتمن جانب البورصة في المستقبل القريب. كما ستكون خارطة توزيع نسب التداول على شركات ومكاتب الوساطة بوجه عام مؤشراً على مدى نجاح البنوك في أداء هذه المهمة التي أحسب أنها ليست بالمهمة السهلة وإنما دونها الكثير من الجهد، وتتطلب استثمارات ليست بالقليلة لتوفير الخدمات الفنية واللوجستية للعملاء في ظل تقنيات حديثة تُتيح للعميل إبرام الصفقات عبر الجوال والإنترنت من أي مكان في العالم.