المشاركة المجتمعية في الرقابة والتدقيق على أي من مشاهد التشوه والمخالفة، نموذج رقابي فعال، تعزز فيه الأجهزة الرقابية دورها في تأكيد سلامة تنفيذ الأنظمة والقوانين وفقا لما أعد ووفقا للأحكام الصادرة بشكل الممارسات والتراخيص والأنظمة على وجه العموم. هذا النموذج من الرقابة الذاتية أو المجتمعية بذاتها ليست ممارسة منتشرة عالميا, تم تطبيق نماذج مختلفة من الرقابة الذاتية أو المساهمة المجتمعية في الإبلاغ عن المخالفات وخصوصا تلك المرتبطة بالفساد في دول مختلفة منها: الولايات المتحدة الأمريكية، نيجيريا، أوكرانيا، الإمارات وغيرها دول أخرى اتجهت إلى ذلك لتعزيز دائرة الرقابة، حدث ذلك أيضا في السعودية حيث أقر لعدد من الجهات الحكومية نظام لمكافأة المبلغين عن أي تصرفات غير نظامية مثل ما طبق لدى الهيئة العامة للزكاة والضريبة والدخل، هيئة السوق المالية، الهيئة العامة للأوقاف وحديثا بلدي أو الرقابة البلدية.
اتسمت كافة برامج التبليغ عن المخالفات “Whistleblower” بارتباطها بالمخالفات المالية، الفساد المالي، الاحتيال المالي، التهرب الضريبي، الرشاوي، تمثل هذه البرامج تركيزها على القضايا المالية أكثر من الجوانب الأخرى. هذا ما جاء مختلف في نظام المكافآت الخاص بلائحة الجزاءات البلدية الذي تمت الموافقة عليه في جلسة مجلس الوزراء الأسبوع الماضي.
يأتي الاختلاف في شأن المكافآت البلدية، بأنها لا تحارب الفساد مباشرة كما هي حال التشريعات الأخرى التي تقدم مكافآت للتبليغ وإنما تعزز الدور المجتمعي في تعزيز الحفاظ على البيئة الحضرية لمناطق ومدن المملكة تعد المكافأة المالية محفزا للفرد لغاية الإبقاء على جودة البيئة الحضرية في أفضل صورة ممكنة لها سواء في كل مشاهد الرقابة البلدية، كذلك فإن ذلك سيعزز دور الرقابة الذاتية لدى المنشآت والمطورين وكل المساهمين في المشهد الحضري على وجه العموم.
بهذه الموافقة فقد ضمنت البلديات زيادة قدرتها الرقابية من خلال المشاركة العامة للأفراد خصوصا مع وضع آليات واضحة لآلية الإبلاغ وتسليط الضوء من الناحية التعريفية على آليات وحق الإبلاغ بالنسبة للأفراد عبر "الراصد المعتمد" الذي سيسهم بتأهيل مراقبين إضافيين للبلديات.
يتوقع أن تزيد أعداد البلاغات المقدمة للمخالفات البلدية وسيكون العبء أكبر على الجهات المنظمة والمشرعة معالجة وتدقيق هذه البلاغات وهو ما من شأنه زيادة فاعلية تطبيق الأنظمة وتحسين جودة المخرجات، بالمقابل ستزيد هذه الإتاحة للإبلاغ والمكافآت من معدلات الامتثال للأنظمة على وجه العموم. تنفذ البلديات جولات تفتيشية تزيد على مليوني جولة تفتيش، بحسب إحصائيات صادرة عن الوزارة نتج عنها ضبط 310 آلاف مخالفة متفرقة بمعنى آخر 15.5% من الزيارات التفتيشية نتج عنها ضبط مخالفات بلدية، قد تبقى معدلات الزيارات التفتيشية عند نفس معدلاتها الحالية إلا أن معدل المخالفات إلى الزيارات التفتيشية سيتحسن بفضل الرقابة المجتمعية.
قد لا يكون لذلك أثر مباشر في الاقتصاد على وجه العموم إلا أنه في نهاية الأمر سيعزز من جودة المخرجات النهائية وسيرفع من معدل الامتثال للأنظمة، ذلك قياس على نتائج التجارب الأخرى المحلية والدولية للإسهام المجتمعية في الحفاظ على النظام.
نقلا عن الاقتصادية


