تكتل وتنافسية قطاع الأطعمة

26/10/2025 1
ثامر السعيد

تمثل التجارة والمشاركة في تأسيس الأعمال التجارية طموحا يسعى كثير الوصول إليه في رحلة الحياة نحو الوصول إلى الحرية المالية والثراء، وبالرغم من جمال الطموح فإن رحلة التجارة محفوفة دائما بأنواع مختلفة من المخاطر التي يتعرض لها التجار وتكون هذه المخاطر ذات تأثير أساسي في دورة حياة العمل التجاري وقد تتسبب بالخروج من السوق، المؤكد بأن أي عمل تجاري يبقى "طري العود" لسنوات قبل أن ينضج ويستديم وهذه السنوات هي المحك قبل الوصول إلى النضج.

إنشاء عمل تجاري لا يعني الوصول للحرية المالية فلكل منها سمات مختلفة عن الآخر ففي التجارة يبقى الإنسان راع لعملة حتى يحقق منه موارد مالية كافية، أما الحرية المالية فهي الوصول إلى موارد مالية كافية تنتج من العوائد ما يفي من المال الفرد والأسرة.

ازدهر في السعودية والرياض تحديدا في السنوات العشرة الأخيرة الإقبال على القطاع الغذائي بكل فروعه مطاعم سريعة، مطاعم فاخرة، قهاوي ومخابز محترفة نشأ منها نماذج مبهرة في التميز وأخرى تابعة ما زاد من حدة المنافسة في هذا القطاع في المدن السعودية ذات الكثافة السكانية الأكبر وعلى وجه الخصوص مدينة الرياض التي تشهد نموا أكبر في هذا القطاع. تشير إحصائيات المصادر المتخصصة بأن حجم هذا السوق في السعودية يقدر ب 32 مليار دولار وينمو بمعدل 9% سنوي، ويمثل سوق المطاعم الفاخرة في البلاد 15 مليار دولار. أغلب التقارير تشير إلى أن التركز الأكبر لهذه السوق يأتي في الرياض نظرا للتكتل السكاني وتنوع الزائرين لها هذا يعطي الرياض حصة بمقدار 35% من هذا السوق.

يتقاسم سوق الأطعمة ذات الخدمات الكاملة والسريعة ما يزيد على 95 ألف منشأة مرخصة في السعودية بمختلف تخصصاتها وفئاتها من حيث التكتل العددي للمنشآت فإن المنطقة الغربية تستأثر ب 32% منها ثم الوسطى 27% يليها مناطق المملكة الأخرى. تمثل المطاعم 73% من إجمالي المنشآت العاملة في قطاع الأطعمة حفز تزايدها المتسارع خدمات التطبيقات التي سهلت للمطاعم الوصول إلى العملاء ومن النظرة الأولى أيضا بالإمكان تقييم حجم المنافسة الكبيرة في هذه السوق.

يشهد قطاع المطاعم منافسة كبيرة وتعرض لمخاطر متنوعة بين إجراءات السلامة التي قد تؤدي بإغلاق المنشآت أو تراكم خسائرها كما تكررت هذه الأحداث على القطاع، أيضا التغير في طبيعة الأنظمة والتشريعات متى ما حدث ذلك، التغير في طبيعة الشهية للمستهلكين بين أنواع الأطعمة وبين اتباع الشهية والرغبة بعدم التكرار.

يبقى تغير الأحوال في عالم التجارة من سلوك السوق وطبيعته وأهم تحدياته، إلا أن كثيرا من رواد القطاع والمنجذبين إليه يغفلون جانب التكتل الاقتصادي للنشاط وهذا شأن التاجر لا المنظم فلو قارنا مدينة الرياض بمدينة كبرى أخرى مثل سان فرانسيسكو لوجدنا أن الرياض فيه 4 منشآت لكل 1000 فرد في المدينة، أما سان فرانسيسكو ففيها لكل 1000 شخص 2.5 منشأة تخدمهم هذا التوزيع يظهر تنوع الخيارات وتفرق السوق بين المدينتين ويشرح مدى تحدي المنافسة فيه، لكن على مستوى السعودية فلكل 1000 فرد 1.5 منشأة تخدمهم في ذات القطاع لذلك قد تكون الفائدة في الابتعاد عن التكتل وخدمة المناطق التي لا زالت تتحمل خدمات إضافية.

سيبقى قطاع الأطعمة ذا تنافسية عالية مرتبط بسلوك المستهلك وذائقته وكذلك مرتبط بقدرة هذه المنشآت على تنويع قاعدة عملائها واستمرارها باستقطاب زائرين جدد إليها.

 

نقلا عن الاقتصادية