بعض الشركات العائلية خاسرة بينما ثروات مؤسسيها في ازدياد؟!

19/10/2025 1
محمد العنقري

إدراج الشركات العائلية في السوق المالية له عدة أهداف، أهمها الحفاظ عليها، حيث تشير الدراسات إلى أنها تختفي إما في الجيل الثاني أو الثالث، وبما أنها تمثل جزءًا كبيراً من الناتج المحلي يتخطى 850 مليار ريال سنوياً وتوظف مئات الآلاف، فإن هذا الهدف يعد منطقياً جداً بالإضافة إلى أنها تمثل أيضاً فرصة للاستثمار مع شركات يمتد عمرها لعشرات السنين، وتمتلك خبرة عالية، ولديها أصول ضخمة وحصصها بقطاعاتها جيدة، وبعضها لها استثمار خارجي أو تعد من شركات التصدير.

لكن الحديث هو عن الشركات التي منذ إدراجها وهي في دوامة الخسائر، فتكسب سنة وتخسر بعدها سنوات، وقامت بخفض ورفع رأس مالها عدة مرات لمعالجة هذه الخسائر فأصبحت مثل «الثقب الأسود» للمستثمرين فيها من غير الملاك المؤسسين، وما يلفت النظر أيضاً ازدياد العقود والعلاقة مع أطراف ذوي علاقة؛ أي كبار الملاك، وغالباً المؤسسين، وهنا لا بد من طرح هذا التناقض إذ إن الشركة خاسرة بينما ثروات أغلب المؤسسين تزيد وأعمالهم خارج الشركة المدرجة ناجحة، وهو ما يعد مفارقة عجيبة وغريبة إذ لو كان هناك أثر لخسارة الشركة العائلية على مؤسسيها ظاهراً بشكل سلبي، فكيف إذاً تسير أعمالهم الأخرى بنجاح وتزداد ثرواتهم!

إن حالة هذه النوعية من الشركات تستدعي وقفة لمراجعة شاملة لها، نأمل أن تقوم بها الجهات المعنية بنظام الشركات قبل وبعد الإدراج، فكيف كانت رابحة قبل الاكتتاب، ومن بعد الإدراج دخلت دائرة الخسائر؟ فبعضها قارب أو تجاوز العشر سنوات في السوق دون تحسن في نتائجها، ومن المعروف أنه لا يمكن إدراج شركة إلا بضوابط من بينها إيجابية نتائجها لسنوات قبل الاكتتاب، ولذلك يأتي دور الفحص والتدقيق في كافة السجلات سابقاً ولاحقاً ليتضح للمستثمرين والسوق حول سبب هذا التحول مابين قبل الاكتتاب وبعد الإدراج، فبعض الشركات زادت تكاليف تشغيلها بسبب وجود عقود إيجارية للمقرات التي تشغلها وتعمل من خلالها تعود للملاك المؤسسين بنسبة كبيرة، أو القيام بتعاقدات لأعمال توسعية أو تشغيلية أيضا مع ملاك مؤسسين، ويتضح ذلك بإفصاحها عن العقود ذات العلاقة المعلنة، كما تقوم هذه الشركات بتغيير استراتيجياتها باستمرار، وهو أمر مكلف ومربك ودون جدوى إذ سرعان ما تعود للخسائر إضافة لاتجاه بعضها لرفع رأس المال عبر مساهمات عينية لا يعلم مدى جدواها فعلياً لتغيير واقع هذه الشركات.

تغيير اسم الشركة العائلية الخاسرة أو طرح استراتيجيات جديدة بسياسة الهروب للأمام وشراء الوقت دون أن تكون المعالجة عميقة، وأولها فصل الملكية عن الإدارة بشكل حقيقي إضافة لباقي التغييرات الأساسية هو ما سيغير واقع هذه الشركات لأن أهميته كبيرة، فإذا انهارت أي واحدة منها ولم يعد لديها حلول وأعلنت إفلاسها أو اتضح أن خللاً تشغيلياً أو مالياً أدى لهذه النتيجة فإن لذلك أثرا سلبيا باهتزاز الثقة في أي شركة عائلية ستدرج أو مدرجة، فالسوق المالية السعودية تتحول لتكون أكبر قناة لتمويل الاقتصاد، وكذلك توظيف مدخرات الأفراد، وهذا يتطلب إضافة لكل ما يتم عمله لتحقيق هذا الهدف أن تعالج أوضاع كل هذه الشركات ويبقى منها الأفضل.

 

نقلا عن الجزيرة