أعلنت شركة زهر الخزامى للألمنيوم عدم اكتمال عملية طرح أسهمها في السوق الموازية – نمو -، نتيجة عدم تغطية الاكتتاب في أسهم الطرح. الأصل في الاكتتاب العام هو عدم الإلغاء، وعلى المتعهد شراء كامل الأسهم المطروحة للاكتتاب، هكذا كانت البدايات، هكذا بدأت لعبة سوق الأسهم في العالم، ففي تلك الأيام الخوالي كانت السفن التجارية الأوروبية تريد أن تذهب للمستعمرات في الهند وما وراءها وكان المستثمرون يمولون رحلات تنتهي بانتهاء الرحلة وتوزيع الأرباح.
لكن في 1602تأسست شركة الهند الشرقية الهولندية (Dutch East India Company) ((VOC وهو مختصر من الأسهم الهولندية للشركة، وكانت للشركة أهداف كثيرة جدا ظاهرها احتكار تجارة التوابل بين هولندا وشرق آسيا، لكن تاريخ هذه الشركة أضخم من مجرد تجارة توابل.
ولتحقيق هذه الأهداف المستترة كانت الشركة بحاجة إلى تجاوز نموذج المستثمرين الذين يمولون رحلات تنتهي بانتهاء الرحلة وتوزيع الأرباح، لقد كانت بحاجة إلى نموذج الشركة المستمرة، ولقد كان الحل في نموذج الأسهم الدائمة التي يمكن للمستثمر الخروج من الشركة بمجرد بيعها، ولا شك أنها فكرة عبقرية في حينها، لكن نجاحها يتطلب وجود آلية لبيع السهم أو سوق لذلك، في ذلك الحين لم تكن عملية بيع الأسهم تتم من خلال بنك استثماري بل بتسجيل اسم المستثمر ومساهمته في دفاتر الشركة، مقابل شهادة (إيصال) يتم تداولها بين المستثمرين.
مع نجاح فكرة الأسهم انتقلت لتمويل السكك الحديدية والمشاريع الصناعية الكبرى في القرن التاسع عشر، ولأنها بحاجة إلى جمع مبالغ ضخمة من رأس المال دفعة واحدة عبر بيع الأسهم برزت مشكلة عدم بيع جميع الأوراق المالية فنشأ مفهوم "التغطية" وهو عبارة عن ضمان للشركة بأنها ستحصل على مبلغ معين من المال لتمويل مشاريعها، حتى لو لم يكتتب الجمهور في كامل الطرح، وكان الضمان يأتي البنوك التي سميت بمتعهد التغطية(Underwriter) ، ولا شك أن الاسم باللغة الإنجليزية لا يعطي المعنى الصحيح والسبب يعود لنشأة مفهوم التأمين التجاري وتلك قصة مختلفة.
بدأت البنوك الكبرى في أوروبا في تقديم خدمة "التعهد بالتغطية"، بحيث تضمن للشركة أنها ستشتري أي أوراق مالية متبقية لم يكتتب بها الجمهور، كان الهدف الأساسي من ظهور نموذج متعهد التغطية هو منع الشركات من البدء في العمل والإنفاق برأس مال غير كافٍ، ما يعرض المستثمرين للخسارة.
كما أن نموذج متعهد التغطية يحمل الخسارة في الطرح على البنك، ولهذا فإن البنك سيعمل بجهد كبير في دراسة الشركة ومستقبلها ودراسة قوائمها المالية وحقيقة التسعير وأسباب التمويل والحاجة له والنمو المتوقع والعوائد، وبذلك يعتبر البنك المتعهد خط الدفاع الأول أمام التحريفات في القوائم المالية والمبالغة في التوقعات أو التلاعب والاحتيال أيا كان نوعه، ذلك أنه لو فشل الطرح فسوف يتحمل الخسائر كلها، ولهذا اقول بأن المتعهد أهم عناصر الطرح.
لكن البنوك وللأسف حاولت جهدها التخلص من هذا الخطر ونقله على الأسواق والجمهور من خلال عقود طويلة من الفشل والجدل وتعديل الأنظمة في العالم أجمع، حتى تم الانتقال من نموذج المتعهد باتفاقية التزام راسخ بين الشركة والبنوك بحيث تضمن شراء جميع الأسهم المطروحة (سواء اكتتب الجمهور فيها أم لا) إلى نموذج التعهد بالحد الأدنى للتغطية (Minimum Subscription) بحيث لا تحصل الشركة على أموال المستثمرين إلا إذا تمكنت من جمع ما يكفي من رأس المال يجعلها قادرة على البقاء وتحقيق أهدافها المعلنة، وفي معظم الأسواق المالية تعتبر 90% هي الحد الأدنى.
فإذا لم يتم الاكتتاب في هذا العدد من الأسهم يقوم المتعهد بإلغاء الطرح وإعادة الأموال للمستثمرين، لكن ماهي المخاطر التي على المتعهد إذا؟ يقال أنها سمعته، لكن الحقيقة أنه لا مخاطر عليه تذكر وهذا جعل البنوك تتساهل مع الشركات عند الطرح فلا تقوم بجهد كبير في تحليل المركز المالي ولا مستقبل الشركة ولا تسعير سهمها. ولهذا لم يعد يفشل الطرح إلا إذا كان مزاج السوق سيئا، أحيانا يقوم المتعهد بالتدخل لنجاح الطرح بما يسمى القوة الشرائية إذا لزم الأمر وتلك قصة مختلفة.
نقلا عن الاقتصادية



الادراج فى نمو لايشترط متعهد تغطية