اجتماع شانغريلا .. و فشل " الوسطاء المنتفضون "

18/03/2010 1
محمد سليمان يوسف

بعد ان اشتد الحبل والتف بقوة على رقبة نحو 50% من شركات وساطة للأوراق المالية العاملة في سوق الإمارات ، وبعد أن أكثروا من الأنين والشكوى ، وعندما لم يستمع لصراخهم وعويلهم أحد قرر عدد منهم – نحو 30 وسيطا – الإجتماع أمس الأربعاء الموافق 17/3/2010 في فندق شانغرلا وقد استمر اجتماعهم نحو ساعة ونصف-  من الساعة 00 :7 – 8:30 مساءا  -  استفاضوا خلالها بالإحتجاج والشكوى ، وفي ظل غياب هيئة الأوراق المالية والسلع التي لم تدع  للإجتماع  أصلا ومع غياب من يستمع إليهم ،  بدا الأمر كأن هؤلاء الوسطاء عقدوا حفلا احتفاليا شكا فيه كل وسيط معاناته لزملائه الآخرين .

إن إقتصار الإجتماع على نحو  30 وسيطا فقط ، ومع غياب شبه  تام لوسطاء البنوك ، وتخلف ممثلي  كبار شركات ومكاتب الوساطة- الرابحة -  دليل واضح على أن من دعا إلى الإجتماع ومن حضره هم فقط  الشركات والمكاتب المتعثرة أو الجاهزة للتعثر خلال القادم من الايام والبرهان على ذلك أن معظم القضايا التي تم طرحها مرتبطة بقضايا مادية أو بما يتحملونه من أعباء تكاليف  مادية،  ومن جملة ما تم نقاشه في "انتفاضة الوسطاء" .

1- العمولـة : يعتقد " الوسطاء المنتفضون " أن عمولتهم قليلة مقارنة بعمولة الهيئة والأسواق ويطالبون بإعادة النظر في نظام اقتطاع العمولات النافذ حاليا .

2- الغرامة :لا ينظر "الوسطاء المنتفضون " إلى الغرامة المالية المتخذة بحقهم على أنها عقوبة تقابل مخالفة ارتكبوها بل يعتبرونها استنزاف لمواردهم ولا تتناسب مع الخطأ المرتكب ويطالبون بأن تكون الغرامة مناسبة لحجم الخطأ أو المخالفة وتراعي تدني دخل شركات الوساطة خلال المرحلة الراهنة .

3- المعهد : ينظر "الوسطاء المنتفضون "بعين الشك إلى معهد التدريب التابع لهيئة الأوراق المالية والسلع ويعتبرون إلزامهم باختباراته وفرض نسبة معينة لعلامة النجاح نوعا من الضغط عليهم وعلى مواردهم المالية ويقولون أن منهاجه غير ملائم لهم ، ولا مبرر لبقائه باللغة الإنجليزية وما تم ترجمته كان سيئا ويطالبون بتعريب المنهاج أولا وعدم إلزام الوسيط بفترة زمنية معينة لاجتياز الإختبار  وتخفيض رسوم الإختبار .

4- التدريب : يعتقد "الوسطاء المنتفضون " أن من واجبات الهيئة تقديم دورات تدريبية وتأهيلية مجانية وبالتالي لا معنى لاقتطاع رسوم مقابل اختبارات المعهد التابع للهيئة .

5- الأنشطة : يرى " الوسطاء المنتفضون " أن اقتصار أنشطتهم على بيع وشراء الأسهم كما هو حاليا أمر مجحف ويجب أن يسمح لهم بممارسة أنشطة جديدة كتقديم الإستشارات وإدارة المحافظ والصناديق الإستثمارية دون اشتراط  رسوم ضخمة أو ضمانات مالية كبيرة لممارسة هذه الأنشطة.

6- الجمعية : يتطلع " الوسطاء المنتفضون " لتأسيس جمعية - نقابة -  تدافع عن حقوقهم .

7- اللجنــة  : كون  " الوسطاء المنتفضون " لجنة مهمتها حمل مطالبهم لهيئة الأوراق المالية والسلع  .

لا أحد ينكر على الوسطاء حقهم في الإجتماع ومناقشة معاناتهم ومواجهة التحديات لكن المؤسف في الأمر أن ما جرى لم يرق لأن يكون اجتماعا فعالا قادرا على جذب الإنتباه ، صحيح أنه حاول جمع كل القضايا في سلة مطالب واحدة وتشكيل لجنة مهمتها حمل هذه  السلة ووضعها - بما فيها-  أمام هيئة الأوراق المالية والسلع لكن الصحيح أيضا أن تغيب نحو 70% من الوسطاء عن الإجتماع أضعف من حضره وجعلهم قلة وصوتهم خافت  ولا يمثلون الغالبية وبالتالي فإن موقفهم أمام الهيئة سيكون ضعيفا – لأنهم جاؤوا إلى الإجتماع منقسمين وخرجوا منه أكثر اختلافا و انقساما - ولن يكون لاجتماعهم اي دوي يذكر بل مجرد صدى صرخة في الوادي . � من المؤسف القول أن "انتفاضة الوسطاء" في فندق شانغريلا فشلت فشلت ذريعا وأعتقد أن من جاء إلى الإجتماع سيكتشف ولو بعد حين  أنه ضيع وقته في كلام كثير وفعل قليل فالمطالب الواردة آنفا معلومة تماما للهيئة ووصلتها عبر قنوات عديدة ، وما صمتها " إلا لغاية في نفس يعقوب"  وكما يفكر الوسطاء بمصالحهم تفكر الهيئة ايضا بمصالحها وترى أن الوقت مناسب للتخلص من " دكاكين الوساطة " – الضغيفة – وأن الفرصة مواتية لممارسة المزيد من الضغط على هذه الدكاكين كي تندمج مع بعضها البعض أو تعيد هكيلة نفسها أو تعلن عجزها وتطلب إلغاء تراخيصها والإختفاء ويبدوا أن القناعة السائدة هذه الأيام لدى الجميع.. الهيئة .. والأسواق .. والمستثمرين .. " أن ما كان يصلح لزمن الطفرة لم يعد  يصلح لزمن العثرة ".