هجرة أموال الأثرياء

30/04/2025 1
د.عبد الوهاب بن سعيد القحطاني

هجرة أموال الأثرياء، أو ما يُعرف بـ»هجرة رأس المال»، تحدث لأسباب متعددة، وتتفاوت حسب الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في مختلف البلدان. من أبرز هذه الأسباب الضرائب العالية في الدول المتقدمة صناعياً وتكنولوجياً، فهي تبحث عن دول مستقرة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. البحث عن بيئة ضريبية أفضل. وأقصد بذلك الضرائب الأقل أو الاعفاء الضريبي لتحفيز الأثرياء لجلب أموالهم ما يزيد في نمو أرباحهم، لذلك يبحث الأثرياء عن دول تتميز بانخفاض معدلات الضرائب أو تقدم الإعفاء الضريبي والحوافز الضريبية الكبيرة مع تقديم الجنسية وحرية العيش والتنقل، مثل موناكو أو الإمارات العربية المتحدة، للحفاظ على ثرواتهم وزيادة نموها. لقد شهدت الدول الصناعية الغربية هجرة بعض الأثرياء منها وقدوم غيرهم اليها لأسباب عديدة ومتفاوتة.

المؤكد أن الاستقرار السياسي والأمني من العوامل المهمة للاستثمار لنموه والمحافظة عليه. عدم الاستقرار الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي، مثل التضخم وانخفاض قيمة العملة أو الحروب أو التوترات السياسية، بلا شك تدفع الأثرياء للبحث عن دول آمنة ومستقرة لضمان أمانهم وأمان عائلاتهم واموالهم. إن ما يشهده العالم في السنوات الأخيرة يدفع الأثرياء للهجرة بأموالهم إلى دول أكثر أماناً وسلاماً.

تحفز الخدمات الصحية والتعليمية الأثرياء على هجرة أموالهم الى دول تقدم حياةً افضل للأثرياء واسرهم، لذلك يبحثون عن أنظمة رعاية صحية وتعليمية عالية الجودة لهم ولأسرهم.

حرية التنقل وحمل جنسيات متعددة، لذلك فالحصول على جنسيات إضافية أو الإقامة في دول تمنح حرية السفر والتنقل دون قيود يعتبر ميزة كبيرة. تعد التغيرات المناخية إحدى محفزات الأثرياء في بعض الأحيان من حيث الرغبة في الهجرة إلى مناطق أقل تأثراً بالكوارث الطبيعية أو التغيرات المناخية، أو بحثاً عن مناطق ذات جودة حياة أعلى مناخياً. تعد الشفافية القانونية وحماية الأصول في الدول التي توفر أنظمة قانونية قوية لحماية الممتلكات والحقوق ما يجذب الأثرياء الذين يخشون من التغيرات المفاجئة أو المصادرات في أوطانهم. أما البحث عن نمط حياة أفضل فإنه محفز قوي، فدول مثل سويسرا، أستراليا، وكندا تقدم مستويات معيشة مرتفعة مع بيئة نظيفة، خدمات راقية، وأمان عالٍ، مما يجعلها وجهات مفضلة للأثرياء.

الفرص الاستثمارية كافية ومحفزة للمستثمرين على الهجرة الى موطنها. ولجذب الأثرياء المستثمرين توفر بعض الدول بيئات استثمارية مواكبة، مثل قوانين تحمي المستثمرين، أو برامج تمنح الإقامة أو الجنسية مقابل الاستثمار. وهذا يشجع الأثرياء على الانتقال. للعيش والاستثمار في تلك الدول. بعض المستثمرين الأثرياء يحرصون على الانتقال الى البيئة التحتية المتكاملة في أي دولة كانت. كما أنهم يبحثون عن الخدمات المعلوماتية والصحية والتعليمية والمؤسساتية ذات العلاقة بمجال استثماراتهم. الرعاية الصحية شيء مهم لهم ولأسرهم. توفر المواصلات ذات الجودة العالية يجذب المستثمرين. حرية التنقل في الدولة المضيفة جانب مهم لجذب المستثمر الثري. وايضاً سهولة دخوله وخروجه من الدولة المضيفة. وقد تمنحه الدولة المضيفة الجنسية والحرية المطلقة للاستثمار من غير شروط كثيرة او شرط عدم الحصول على جنسيات أخرى. الحماية القانونية للبلد المضيف عامل جاذب للهجرة والاستثمار.

الخلاصة أن هجرة الأثرياء قد تكون أحادية الجانب أو ربما متعددة الجوانب، لكنها تبحث عما يزيد الثراء والأمان للنفس والاسرة والمال. هجرة أموال الأثرياء غالباً ما تؤثر على البلدان المغادرة منها خلال فقدان رأس المال، لكنها في الوقت ذاته تعزز اقتصاد البلدان المستقبلة لها من خلال الاستثمارات والضرائب.

 

 

نقلا عن اليوم