الطروحات الأولية حدث اعتيادي لسوق كبيرة

21/05/2024 2
ثامر السعيد

شهدت السوق السعودية "تداول" الأسبوع الماضي اختلافا في طبيعة الطروحات الأولية، فخلال أسبوع عمل واحد شاركت الصناديق والمؤسسات الاستثمارية في بناء سجل الأوامر لـ3 اكتتابات رئيسة متتالية من حيث الجدول الزمني، إضافة إلى الاكتتابات والإدراج في السوق الموازية "نمو" فكان هذا الأسبوع مميزا من منظور الطروحات الأولية للشركات في السوقين، تغيرت طبيعة السوق عما كانت عليه قبل إدراج أرامكو، انضمت بعدها "تداول" إلى قائمة الأسواق الكبار من حيث القيمة السوقية، فهي أحد أكبر 10 بورصات عالميا، كذلك فإن الأدوات المتاحة في السوق اليوم أصبحت أكثر شمولية وملاءمة للمستثمرين المؤسساتيين والأفراد، والأدوات المتداولة في السوق بدأت تتسع من كونها ساحة تتداول فيها الأسهم وحقوق الملكية إلى أسواق إضافية أخرى بما فيها سوق الدين، سوق الصناديق العقارية، صناديق المؤشرات، صناديق السلع حتى الوصول إلى أسواق المشتقات.

إن هذه التطورات في الأدوات والأسواق كان يجب أن تنعكس على سوق الطروحات الأولية كذلك بالشكل الذي يجعل منها حدثا اعتياديا في السوق فلا يمنحها الاستثنائية عند انطلاق أي اكتتاب ودون أن يكون هناك أي قلق على مستويات السيولة في السوق، فالسوق اليوم أصبحت أوسع قاعدة وأكثر نضجا عن سابق السنوات، كان لهيئة السوق المالية السعودية دور في معالجة طلبات الطرح، وكذلك لمجموعة تداول دورها في تجهيز بيئة السوق للاكتتابات. بقي على هذا لاعبان مهمان المؤسسات المالية المشاركة والأفراد المشاركين في الاكتتاب، وإن كان تاريخ السوق الآن أصبح من حيث الخطوات أعمق عن فكرة أسباب الطرح والتسعير، إلا أنه من وقت لآخر تتعالى النقاشات حول ذلك، ورغم أن السوق أصبحت ناضجة إلى مرحلة تكفي للمشاركين فيه لصناعة الرأي إما بالمشاركة أو عدمها، وأيضا في اختيار سعر الطرح بين ما يحدد من مديري الاكتتاب ومستشاري الطرح، تسعير الاكتتاب والخوف من فوات الفرصة يضع المؤسسات المشاركة تحت ضغط خسارة الفرصة في بعض الأحيان، نجاح السواد الأعظم من الاكتتابات في أيام الإدراج الأولى في تحقيق مكاسب يرفع شهية المشاركة وأخذ المخاطر حتى في التسعير، مجرد ارتفاع شهية المشاركة يجعل من رفع زخم الطروحات أمرا عادلا بالنسبة للسوق والمشاركين فيها.

ولتقسيم الأدوار، فللهيئة دور متصل باكتمال الملفات وعدالة الطرح، ودور تداول مقتصر على تهيأت بيئة السوق لاستقبال مزيد من الشركات ويبقى دور المشاركين في الاكتتابات وبناء سجل الأوامر للمشاركة في جعلها عملية عادلة ما بين الطمع بمزيد من الربح والخوف من تغير ظروف السوق. فالأساس أن الطروح الأولية والإدراج جزء من نشاط السوق، ويجب أن يكون اعتياديا كما حدث في الطروحات الثلاثة المتتالية، وكذلك على المشاركين دور في إدارة بناء سجل الأوامر بجانب مستشاري الطرح ومديري الاكتتاب، وفي ظل تغير بيئة الفائدة على الشركات المتقدمة للطرح أن تكون أكثر عمقا في دراسة التفضيلات لها على هيكل رأس المال وتكاليفه إن كان بين الاقتراض أو طرح حصة من الشركة للجمهور.

أخيرا، على الكيانات التجارية الجاهزة اعتبار السوق المالية أداة تمويل أكثر من كونها أداة مكافآت.

 

 

 

 

نقلا عن الاقتصادية