كما يبدو من تصريحات وقرارات البنوك المركزية حول العالم، أن معدلات الفائدة التي تم رفعها منذ مطلع 2022 حتى نهاية الأسبوع الماضي بنحو 315 مرة من قبل أكبر 38 بنكا مركزيا في العالم، واستقرار تلك البنوك المركزية على إبقائها مرتفعة عند مستوياتها الراهنة حتى 2025 أو أبعد من ذلك، وقد تضطر إلى زيادتها بوتيرة أبطأ مما سبق، لاستمرار المواجهة الصلبة مع المعدلات التي لا تزال مرتفعة للتضخم، باستثناء البنك المركزي الصيني الذي قام بخفضها خلال الشهرين الماضيين أكثر من مرة، قياسا على الأزمة العقارية التي يواجهها الاقتصاد الصيني في الوقت ذاته الذي لا يعاني معدل تضخم مرتفع. كل ذلك سيفرض واقعا اقتصاديا أكثر تحديا على الاقتصادات والأسواق بالتأكيد، يضاف إلى كومة التحديات المختلفة والمعروفة التي يواجهها الاقتصاد العالمي خلال الفترة الراهنة.
أول وأكبر التحديات التي ستواجهها المالية العامة للحكومات في ظل ارتفاع معدلات الفائدة، يتمثل في الارتفاع الكبير لخدمة الديون السيادية التي ستتحملها الحكومات ذات المديونية المرتفعة، التي بلغت حتى نهاية 2022 أعلى من 235 تريليون دولار (238 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي)، وفي الولايات المتحدة التي قاد فيها "الاحتياطي الفيدرالي" الأمريكي زمام رفع معدل الفائدة وما زال حتى تاريخه، تخطى في منتصف الشهر الجاري حجم الدين الأمريكي سقف الـ33 تريليون دولار (122.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي)، ولتتأكد من ضخامة هذا الحجم من الدين الأمريكي فهو يعادل تقريبا حجم المجموع الإجمالي لاقتصادات الصين واليابان وألمانيا والهند والمملكة المتحدة! ووفقا لهذه الوتيرة المتصاعدة لنمو الدين الأمريكي، يتوقع مكتب الميزانية في الكونجرس الأمريكي ارتفاعه بنحو الضعف خلال العقود الثلاثة المقبلة، وأن تصل نسبته إلى 181 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2053، ووفقا لهذا السيناريو الذي قد لا تبتعد عنه أغلبية الاقتصادات الأخرى حول العالم، فقد يتجاوز إجمالي حجم الدين العالمي سقف 507 تريليونات دولار خلال العقود الثلاثة المقبلة، وكم سيكون ذلك مكلفا وعبئا كائدا على كاهل الاقتصاد العالمي إذا ما تباطأ النمو الاقتصادي دون المتوسط السنوي بمعدل لا يقل عن 4.0 في المائة خلال تلك الفترة (وفقا لصندوق النقد الدولي، يقدر بلوغه 2.8 في المائة خلال 2023، وألا يتجاوز 3.2 في المائة كأعلى معدل نمو سنوي متوقع حتى 2028)، وتزداد الأعباء المالية تحت أوضاع اقتصادية ومالية تكون خلالها معدلات الفائدة (خدمة الدين) ضمن مستويات أعلى من 4.0 في المائة طوال الفترة!
بناء على ما تقدم، فمع كل ارتفاع لمعدل الفائدة أو استمرارها عند مستوياتها الراهنة الأكثر ارتفاعا خلال أكثر من عقدين من الزمن لفترة زمنية أطول من التقديرات الراهنة للأسواق والمستثمرين، فإن العبء المالي المكلف لخدمة تلك الديون سيزداد ثقله فترة بعد فترة على كاهل الماليات الحكومية في مختلف أنحاء العالم، وستضطر أغلب الحكومات في تلك الدول إلى مزيد من الاقتراض وإصدار أدوات الدين بوتيرة أكبر لتغطية إجمالي احتياجاتها ومتطلباتها من الإنفاق العام، وستضطر أيضا إلى رفع نسب الضرائب على اختلاف أنواعها لمواجهة أوجه الإنفاق الحكومي في أبوابه الأخرى، وكل ذلك سيشكل ضغوطا على الحكومات في مواجهة متطلبات الإنفاق على الرعاية الصحية والتعليم ومشاريع البنى التحتية وغيرها من أوجه الإنفاق الحيوية، وتزداد الصورة قتامة بالنسبة إلى الدول الفقيرة والأدنى دخلا، التي بدأت معاناتها المالية والاقتصادية في مرحلة مبكرة من بداية ارتفاع معدل الفائدة، انعكست على انهيار أسعار عملاتها المحلية، وارتفاع معدلات التضخم في دولها، وانكشافها أمام الجهات الدائنة، وستزداد تحدياتها بكل تأكيد بصورة أكبر طوال الأعوام المقبلة بالتزامن مع استمرار معدلات الفائدة مرتفعة.
هل ستبقى تلك التحديات المالية بالدرجة الأولى والاقتصادية بالدرجة الثانية عند حدود ما تقدم ذكره أعلاه بالتزامن مع حقبة الفائدة المرتفعة؟ بالتأكيد الإجابة (لا)! ذلك أنها الحقبة الزمنية التي ستقترن بمزيد من الضغوط الكبيرة على النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة، ودخول الأسواق المالية والعقارية والصرف في موجة من التقلبات والاضطرابات الحادة، عدا ما سينشأ عنه من اضطرابات حادة في القطاعات التمويلية (بدأ في القطاع التمويلي الأمريكي الأكبر عالميا)، وامتداد المشهد بالتأكيد إلى الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص، ودخولها في موجات من التعثر أمام الجهات الدائنة، والزيادة المحتملة في إعلانات إفلاسها أمام الدائنين وحملة سنداتها الدائنة في الأسواق المالية، وهو الأمر الذي بدأت مشاهدته فعليا في عديد من الاقتصادات، وقد يتفاقم قبل نهاية العام الجاري وخلال العامين المقبلين، ولعل تركيز النظر في هذا الصدد على الصين والولايات المتحدة ومنطقة اليورو، ينبئ بأن هذا الجانب من الأزمة العالمية الراهنة سيكون قابلا لمزيد من الاشتعال في أي لحظة من الزمن خلال الفترة المقبلة.
ختاما، كيف ستتعامل الجهات الاقتصادية والمالية والنقدية في مختلف الاقتصادات تجاه تلك التحديات؟ وما السياسات التي ستتخذها بحال تفاقمت وتحولت إلى أزمات مالية في دولها؟ هل ستعود إلى حقبة خفض الفائدة وضخ مزيد من التيسير الكمي ويعود التضخم إلى الارتفاع بوتيرة أكبر مما وصل إليه خلال 2022؟ أم ستمضي قدما في مسيرها الراهن "تشديد نقدي، فائدة مرتفعة"؟ وفي كلتا الحالتين سيكون المشهد حاملا في جانبيه كثيرا من التحديات على المستويات كافة!
نقلا عن الاقتصادية
سيتأثر العقار بشكل سلبي وستظهر التأثيرات الحقيقية عندنا في المملكة بداية من الربع الرابع 2024
دائما مراهناتك غير مجدية والدليل من عام ٢٠١٠ وأنت تراهن على انخفاض أسعار العقارات ولم يحدث ذلك اطلاقا
و قبل العقار في 2005 كان يراهن على مؤشر الاسهم و مواصلة الارتفاع و جاب العيد .... عموما تابع و اعمل عكس ما يقول و ان شاء الله تعين خير
ليش أنتم فاهمين إن الشغلة مراهنات؟ هو تحليل اقتصادي علمي مثل تحليل الأسهم .. مبني على أرقام وحقائق وما هو ضروري ولا مضمون إنها تكون صحيحة في جميع الأوقات. واضح؟