تراجع معدل التضخم محليا بنهاية يوليو الماضي إلى 2.3 في المائة، وهو أدنى مستوى له منذ يونيو 2022، ورغم ذلك فقد شكل ارتفاع بند إيجارات السكن الفعلية للفترة نفسها بمعدل سنوي بلغ 10.3 في المائة المزود الأكبر للتضخم، وهو الدور الذي بدأ يتصاعد لارتفاع الإيجارات منذ مطلع النصف الثاني من العام الماضي، "بلغ الوزن النسبي للبند في معادلة احتساب التضخم نحو 21 في المائة"، وما زال مستمرا حتى تاريخ آخر نشرة شهرية عن التضخم، وتأكيدا على هذا التأثير المتصاعد، يظهر احتساب التضخم باستبعاد أثر إيجارات السكن الفعلية تراجعه إلى 0.7 في المائة بنهاية الفترة نفسها، إنها التطورات التي تؤكد مجددا على الأهمية القصوى لاقتراحات سابقة، تضمنت إقرار تنظيم شامل لسوق الإيجارات في المملكة، وشامل أيضا جميع قطاعات السوق السكنية والتجارية والخدمية والصناعية، وينطلق دور هذا التنظيم من سيطرته الكاملة وتوليه مهام "حوكمة" سوق الإيجارات في المملكة، وهي السوق العملاقة التي يتجاوز نشاطها السنوي مئات المليارات من الريالات، التي ترتبط بدورها وتأثيرها واسع النطاق وبدرجة كبيرة جدا مع جميع نشاطات الاقتصاد الوطني، كما ترتبط هذه السوق العملاقة بالتأثير المباشر وغير المباشر في التكاليف المتعددة لتشغيل منشآت القطاع الخاص، إضافة إلى الوزن النسبي الكبير لإيجارات السكن في ميزانية الإنفاق الاستهلاكي للمستهلكين عموما، وتزداد أهمية الجزء الأخير من المتأثرين استهلاكيا كلما تناقص الدخل الشهري لدى الشرائح السكانية الأدنى دخلا، الذي يعني في المقابل أن أي ارتفاع مطرد في التكلفة الفعلية لإيجارات السكن، سينتج عنه بالتأكيد تقلص في الدخل المتاح للإنفاق الاستهلاكي من قبل الأفراد والأسر، وزيادة مطردة في حجم الأعباء المعيشية على الأسر والأفراد "مواطنين، مقيمين"، وما سيؤدي إليه ذلك من حد مستمر للقدرة الاستهلاكية للأفراد والأسر، ستصل بالتأكيد نتائجه النهائية والعكسية إلى حجم الإنفاق الاستهلاكي الخاص "بلغت نسبته 36.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بنسبته البالغة 38.9 في المائة قبل عامين".
وعلى الرغم من عدم توافر مؤشرات حول التغير في إيجارات بقية القطاعات التجارية والخدمية والصناعية وغيرها، إلا أنها في الغالب وبناء على نشاطاتها المدرة للدخل والأرباح لمصلحة ملاكها، ستأتي أعلى مما سجلته على كاهل الشرائح السكانية في القطاع السكني، وقد تجد ارتفاعات إيجارات مقار ومحال ومواقع تلك القطاعات الإنتاجية تناهز نسبا قياسية تتجاوز ضعف ما كانت عليه في فترات زمنية سابقة. وهي بالمناسبة تتدخل أيضا بدورها في التأثير الملموس والمباشر في معدل التضخم بالارتفاع المطرد، ذلك أن المحال ومقار ومواقع المنشآت ومختلف كيانات القطاع الخاص، ستقوم فور ارتفاع تكاليف الإيجارات على كاهلها برفع أسعار سلعها ومنتجاتها وخدماتها، للتكيف مع الارتفاعات التي طرأت على تكاليفها المتغيرة سنويا، وهو ما يفسر بدرجة كبيرة الأسباب التي تقف وراء الارتفاعات المطردة من فترة إلى أخرى لأسعار السلع والمنتجات والخدمات في السوق المحلية، وبالطبع فكل تلك المتغيرات ستصب محصلتها النهائية في اتجاه دفع معدل التضخم نحو الارتفاع.
على الرغم من الأهمية القصوى لإقرار تنظيم يحكم سوق الإيجارات، وثبات جدواه في الاقتصادات التي تبنت العمل به، إلا أنه قد لا يكون كافيا وحده في مواجهة مغذيات أخرى للتضخم عموما، ولارتفاع تكلفة الإيجارات خصوصا! ذلك أن جزءا كبيرا من أسباب الارتفاعات غير المبررة للإيجارات خلال الفترة الراهنة، يعود إلى التضخم الكبير والمتسارع الذي طرأ على أسعار الأراضي والعقارات خلال الفترة 2019 ـ 2022، وما زال يحتفظ بالقدر الأكبر من قوته على الرغم من الارتفاع القياسي والمطرد لمعدل الفائدة منذ نهاية الربع الأول من 2022، ووصوله إلى أعلى مستوياته منذ أكثر من 22 عاما مضت.
يجب التأكيد على أن زوال التضخم في أسعار الأراضي والعقارات على اختلاف أنواعها، سيؤدي في محصلته النهائية إلى دعم وتوطيد الاستقرارين المالي والاقتصادي في الأجلين المتوسط والطويل، وسيسهم بدوره في زيادة وتنويع فرص النمو المستدام والشامل، بدءا من الانخفاض المنشود والملموس في تكلفة تملك الأراضي والعقارات بالدرجة الأولى، وصولا إلى انخفاض تكلفة الإيجارات على كاهل القطاع الإنتاجي من الاقتصاد، المتضمن تحققه تخفيفا ناجحا لأعباء التكاليف التشغيلية وزيادة هامش الربحية بالنسبة إلى ذلك القطاع "القطاع الخاص"، ويمنحه أيضا مزيدا من الفرص والخيارات الواسعة على مستوى التوسع في النشاط، وعلى مستوى زيادة فرص العمل والتوظيف، إضافة إلى الدفع بدرجة أكبر لجهود ومبادرات وتنويع قاعدة الإنتاج، وسترجح نتائجه الإيجابية أيضا كفة زيادة معدلات النمو الحقيقي للاقتصاد الوطني، وزيادة إيجاد الوظائف أمام الموارد البشرية المواطنة، ومن ثم خفض معدل التضخم في نهاية المطاف.
كما سينتج عن زوال التضخم العقاري، سواء على مستوى الأسعار المرتفعة لمختلف الأصول العقارية، أو على مستوى الإيجارات الفعلية للمساكن، انخفاض في تكلفة المعيشة على كاهل القطاع الاستهلاكي، الذي يشكل المجتمع الشريحة الأكبر منه، ويزيد من القوة الشرائية للأفراد، بما يعزز من الطلب الاستهلاكي المحلي، ويسهم في زيادة التدفقات على عموم منشآت القطاع الخاص، التي تضطلع بدورها في زيادة ضخ الاستثمارات المحلية، وزيادة تنوع قاعدة الإنتاج والتوظيف، ما يعزز في منظوره العام من الاستقرار الاقتصادي، ويسهم في ترسيخ دعائم النمو المستدام، ورفع مستوى الدخل، والدفع بتقدم عجلة التنمية المستدامة والشاملة، وفق عمل منظومة متكاملة ومتزنة للاقتصاد الوطني والمجتمع بجميع شرائحه، وبما يمنع من نشوء أي أزمات تنموية بالغة الضرر، كالتضخم والبطالة وانخفاض مستويات الدخل وارتفاع حجم المديونيات وتعثرها لاحقا، وغيرها من أشكال الأزمات الاقتصادية والمهددات لاستقرار أي بلد ومجتمع كان حول العالم.
نقلا عن الاقتصادية
السبب الأول و الأساس لارتفاع الإيجارات هي الإزالات الضخمة و الهدم الكبير للمساكن و المحلات و المدارس في مناطق متعددة في السعودية. لو كان لدينا صحافة استقصائية ( حرة ) لظهر حجم المأساة المتولدة من عمليات الهدم لأحياء كثيرة كانت تضم مئات الآلاف من البشر ، بعض الأشخاص الهدم لم يحرمه من مسكنه بل حرمه حتى من مصدر دخله سواء محلات أو بيوت مؤجرة. هناك أسر تعيش في فلل بأحياء راقية بجدة ، كن مصدر دخلها عمائر مؤجرة في الكندرة و الصحيفة ، و الآن تلك الأسر تعيش حالة من التقشف و الضنك.
بالله يالعمري صار لك اكثر من ١٨ سنة تبشر بانخفاض الايجارات والعقارات و " تجار التراب " مالذي حصل ؟ العكس اسعار ما قبل ١٨ سنة تضاعفت مئات المرات !! عجبي