مستقبل الطاقة المتجددة

05/04/2023 2
د.عبد الوهاب بن سعيد القحطاني

من الأهمية تعريف الطاقة المتجددة، حيث يُقصد بها الطاقة التي تتولد من مصادر طبيعية بصفة مستدامة، ومنها أشعة الشمس والرياح وتدفق المياه ودوران الأرض وحرارة جوفها المليء بالمعادن المنصهرة في درجة حرارة عالية؛ ما يجعلها تبحث عن نقطة ضعيفة لانطلاقها إلى سطح الأرض كما يحدث في البراكين. وبصفة عامة فإن جميع أشكال الطاقة المتجددة هي في الواقع مستدامة، وفي أغلب أشكالها نظيفة.

يوضح التقرير الذي صدر عن REN21 حول التطورات في الطاقة المتجددة حول العالم الكثير من سياسات الدول في التحوُّل من الطاقة الأحفورية إلى الطاقة المتجددة.

وصلني التقرير من المنظمة للاستفادة من المعلومات ومشاركة القراء. التحوُّل إلى الطاقة المتجددة يبيّن أنها تستحوذ على اهتمام عالمي متزايد في ضوء تفاقم الأزمات العالمية المتعددة، ومنها الحرب الروسية الأوكرانية، وما تفرضه الولايات المتحدة وحلفاؤها من مقاطعة للنفط والغاز الروسي اللذين تعتمد عليهما الدول الأوروبية الحليفة للولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي، وذلك وفقًا للتقرير الجديد لشبكة سياسة الطاقة المتجددة للقرن الحادي والعشرين REN21.

ويتزايد استخدام الطاقة المتجددة كمصدر طاقة موثوق به وبأسعار معقولة في ضوء أكبر أزمة طاقة في التاريخ والتي تتسبب في ارتفاع معدلات التضخم، وتؤدي إلى تفاقم وانهيار اتفاقيات المناخ.

لقد أطلقت شبكة سياسة الطاقة المتجددة للقرن الحادي والعشرين REN21 أول تقرير من مجموعة تقارير لعام ٢٠٢٣ للحالة العالمية للطاقة المتجددة بمجموعة من ٤ وحدات تراقب مدى استهلاك الطاقة المتجددة على مستوى العالم في أربعة قطاعات هي المباني، الصناعة، النقل، والزراعة. تقوم هذه القطاعات الأربعة بزيادة استهلاك الطاقة المتجددة لمواجهة أزمة الطاقة الأحفورية العالمية.

ولقد اجتمعت عدة عوامل، كالأسعار المرتفعة للطاقة الصادرة من الوقود الأحفوري (النفط) وخطر نقص الطاقة، بالإضافة إلى سياسات معمّقة والتزامات للتصدي لتغير البيئة والمناخ والتطورات التكنولوجية، وذلك في تشجيع واضح للقطاعات الأربعة إلى اللجوء للطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية والرياح. وتستمر الطاقة المتجددة في مواجهة التحديات في ضوء الدعم المستمر للوقود الأحفوري.

وأثبتت الطاقة المتجددة جدواها في كافة القطاعات المستهلكة للطاقة كطاقة ثابتة، قليلة التكلفة، متزنة وموثوق بها، واستطاعت مواجهة الأزمات المتعددة التي يتعرض لها العالم حاليًّا، حسب وحدات تقرير شبكة سياسة الطاقة المتجددة للقرن الحادي والعشرين REN21 لسنة ٢٠٢٣ المقيّمة لطلب الطاقة في قطاع المباني، الصناعة، النقل، والزراعة.

وتبحث وحدات التقرير الصادر عن REN21 في نمو الطاقة المتجددة في كل من القطاعات الأربعة الأكثر استهلاكًا للطاقة أي المباني، الصناعة، النقل، والزراعة وهي الأولى في سلسلة من ثماني وحدات من مجموعة التقرير السنوي عن الحالة العالمية للطاقة المتجددة، والتي انطلقت حتى يونيو ٢٠٢٣.

وستركز الوحدات المقبلة على عرض الطاقة المتجددة من ناحية القطاعات المزوّدة للطاقة المتجددة، منظومات الطاقة والبنى التحتية للطاقة المتجددة، الطاقة المتجددة في إنتاج القيمة الاجتماعية والاقتصادية، بالإضافة إلى عرض عام يشمل تطور مسار واتجاه الطاقة المتجددة على مدار العام عالمياً. وكان لارتفاع أسعار الطاقة والتزامات الدول في حل مشكلة تغيّر المناخ تأثير مباشر على ازدياد الاستهلاك المتنوع للطاقة المتجددة في قطاعات المباني، الصناعة، النقل، والزراعة، وفقًا للتقرير الصادر عن منظمة REN21.

أدى التضخم المالي العالمي وارتفاع الأسعار الناتجان عن أزمة الطاقة إلى سياسات مهمة هدفها تخطّي المشكلة الحالية في الأسواق، وتفعيل الإنتاجية واستعمال التصنيع المحلي للطاقة المتجددة.

الطاقة المتجددة قصة نموذجية عن تحويل التحديات إلى فرص، حيث أظهرت الأزمات المتعددة لصانعي القرار وقادة القطاعات المستهلكة للطاقة قيمة الطاقة المتجددة كمصدر محلي وآمن لتوفير الطاقة وتأمين الاستقرار في الأسعار على مدى عقود. هذا ما صرَّحت به مديرة منظمة REN21، لكن هذه الفرصة كانت نتيجة أزمات واستغرقت وقتًا طويلًا للتحوُّل إلى الطاقة المتجددة؛ ما أدى إلى فقر الكثير من الأسر. قدّمت دول عديدة في الاتحاد الأوروبي والهند وغيرها تسهيلات للشركات المستثمرة في مجال الطاقة المتجددة؛ لتقديمها للسكان لمواجهة مشكلة النفط الأحفوري.

 

 

نقلا عن اليوم