أخبرني على ماذا نتصارع؟

09/01/2023 3
فهد عامر الأحمدي

هـناك علاقة قوية بين الدول الأكثر تقـدما وعدد براءات الاختراع التي تسجلها سنويا. خذ كمثال عدد براءات الاختراع المسجلة في آخر عام في المكتب الأوروبي للاختراعات. احتلت أمريكا المركز الأول بـ46,533 براءة اختراع، ثم ألمانيا بـ25,969 براءة اختراع، ثم اليابان بـ21,681 براءة اختراع، ثم الصين بـ16,665 اختراعا، ثم فرنسا في المركز السادس بـ10,537 اختراعا جديدا.

وهذا الترتيب هو نفسه تقريبا ترتيب الدول الصناعية الأكثر تقدما وازدهارا في العالم. فـبقدر الابتكارات التي يتم تسجيلها، بقدر المنتجات الصناعية الجديدة التي يتم تصديرها. وبقدر نجاح الدولة في تصدير منتجاتها الجديدة، بقدر الأموال التي تعود عليها وتكسبها من بقية الشعوب.

والمقارنة نفسها تنطبق على الشركات، حيث يلاحظ أن الشركات الأكبر في العالم، هي ببساطة الشركات الأكثر تسجيلا للاختراعات... الشركات الأمريكية والكورية واليابانية بالذات تسيطر دائما على المراكز الأولى من حيث عدد الابتكارات وتسجيل براءات الاختراع. ففي العام الماضي مثلا أتت شركة IBM الأمريكية في المركز الأول "داخل أمريكا"، تلتها "سامسونج" الكورية، ثم "هواوي" الصينية، ثم شركتا إنتل وأبل الأمريكيتان في المركزين السادس والسابع على التوالي.

أما على مستوى العالم، فتحتل شركة سامسونج المركز الأول بتسجيل 90,416 براءة اختراع "منها 6,366 براءة اختراع مسجلة داخل الولايات المتحدة". وهي تتـفوق بهذا الرقم، ليس فقط على الشركات الأمريكية واليابانية، بل على الدول العربية والإسلامية مجتمعة!

صحيح أن السعودية تتقدم جميع الدول العربية في عدد براءات الاختراع "الأولى عربيا، والـ25 عالميا"، غير أن اختراعاتنا العربية تظل في الأغلب حبيسة الأدراج لعدم وجود بـنية صناعية قادرة على تحويلها إلى منتجات قابلة للتصدير. معظم اختراعاتنا العربية مجرد اجتهادات فردية لا ترقى إلى مستوى التصنيع والمنافسة ولا تصنف تحت خانة الأبحاث العلمية أو التقنيات الذكية التي تتصارع عليها الأمم الأكثر تقدما!

في الدول الأكثر تقدما تجاوزت براءات الاختراع مرحلة التصنيع، وتحولت إلى منافسة احتكارية تديرها شركات قانونية عملاقة. أصبح تسجيل أكبر قدر من براءات الابتكار "وحقوق التصنيع" يدر على "أبل" و"سامسونج" و"هواوي" ملايين الدولارات دون جهد كبير. فالشركة المالكة لبراءة الاختراع إما تحتكر اختراعها لنفسها، وإما تمنعه عن منافسيها، أو تبيع حقوق تصنيعه مقابل نسبة من كل وحدة ـ أو في أسوأ الاحتمالات ترفع قضايا تعويض على من يعتدي عليه أو يصنع مثيلا له. وجميعها احتمالات تدر ملايين الدولارات للشركات المالكة لحقوق التصنيع!

نعود إلى عنوان المقال ونقـول بحرقة:

أخبرني على ماذا نـتصارع، أخبرك من أي الأمم نحن!

 

 

نقلا عن الاقتصادية