ديانا تشويز سيدة أمريكية أصبحت تعاني فجأة صداعا وغثيانا وتساقط شعر. زارت مع زوجها بيرت أبرز الأطباء في ولاية أيـوا وأكدوا جميعهم تمتعها بصحة جيدة. وذات يوم كانت عائدة من رحلة طويلة بالسيارة حين توقف زوجها بيرت قرب برج ضخم للهواتف النقالة. شعرت فجأة بغثيان وصداع قوي فطلبت منه تحريك السيارة إلى مكان آخر فعادت إلى حالتها الطبيعية. وحينها فقط أدركت أن معاناتها كانت بسبب برج اتصالات ضخم تم تشييده أخيرا قـرب منزلها. ورغـم أن طبيبها الخاص لم يقتنع برأيها "محتجا بعدم تأثر بقية السكان بوجود البرج"، أصبحت على قناعة بمسؤولية البرج عن شعورها الدائم بالصداع والغثيان، فقررت الانتقال إلى منزل جديد ومنطقة أقل تلوثا بموجات البث الراديوي.
وفي اليوم التالي قابلت حارس غابات شرحت له معاناتها فقال لها، لماذا لا تنتقلين إلى جرين بانك؟ فسألته، وما هي جرين بانك؟ قال، بلدة صغيرة في غرب فرجينا لا يـوجد فيها أي نوع من الاتصالات الراديوية!
لم تكن قد سمعت بها من قبل فبحثت عنها "واسمها الأصلي Green Bank" ثم أقنعت زوجها بالسكن فيها. وهذه البلدة تقع ضمن منطقة أكبر يحظر فيها القانون استعمال أجهزة الـبث اللاسلكية، بما في ذلك أبراج البث والهواتف النقالة والأطباق الفضائية وأجهزة الواي فاي. رجال الشرطة فيها يفرضون غرامة كبيرة لمن يستعمل هذه الأجهزة، ومن يكرر المخالفة يصدر أمر قضائي بترحيله من البلدة.
المفارقة في الموضوع، أن هذه المنطقة ظهرت في 1958 بسبب وجود أضخم تلسكوب راديوي فضائي في العالم. فبعد بناء التلسكوب لاحظ العلماء أنه حساس جدا ويتأثر بأي بـث لاسلكي قريب "لدرجة تداخل الإشارات الفضائية مع الإرسال الأرضي للتلفزيونات". طلبوا من السلطات حظر جميع أشكال البث الراديوي على بعـد كيلومترات من التلسكوب تتضمن عدة تجمعات مدنية. وسرعان ما دخل الجيش على الخط مؤيدا وجـود "منطقة خالية من البث الراديوي"، لإنشاء محطات استشعار خاصة به وإجراء التجارب العـلمية ذات العلاقة.
وهكذا تم تخصيص منطقة هائلة لهذا الغرض في شرق فرجينا تتجاوز مساحتها 34 ألف كيلومترمربع "يمكنك رؤيتها في "جوجل إيرث" بإدخال National Radio Quiet Zone. وداخل هذه المنطقة الشاسعة توجد بلدة جرين بانك التي أصبحت ملاذا آمنا للهاربين من التلوث الراديوي، والمصابين بحساسية نـادرة ضد الموجات الكهرومغناطيسية تدعى، فرط التحسس الكهرومغناطيسي أو Electromagnetic hypersensitivity.
نقلا عن الاقتصادية