قبول الجامعات والاقتصاد

16/08/2022 10
فواز حمد الفواز

نحن على شفا عام دراسي جديد والناس منشغلة بالقبول في الجامعات وربما البعثات. هناك جدل واسع حول الموضوع، من أعراضه ما ذكره أحدهم أن ابنه لم يحصل على قبول في إحدى الجامعات على الرغم من حصوله على 96 في المائة، وخريج حديث لم يحصل على وظيفة "مناسبة" بعد عامين من التخرج. وقرأت أن ديون الطلاب الجامعية في أمريكا وصلت إلى 1.7 تريليون دولار ـ أي نحو ضعف حجم الاقتصاد السعودي، وقرأت أيضا أنه تم ضبط قضايا تزوير في الشهادات الجامعية لبعض الوافدين من دول مجاورة بغرض الحصول على عمل في الخليج، وهناك بطالة وبطالة مقنعة، وأخيرا استقدام لحديثي التخرج من دول في المنطقة. هذه التوجهات والخيارات والتحدي وإرضاء الناس تتضمن تناقضات يصعب الإلمام بها فضلا عن الحلول. هناك إشكالية في مناقشة هذا الموضوع المهم من ناحيتين: الأولى، أنه بطبعه عاطفي، فالكل يعتقد أن ابنه أو ابنته تستحق الفرصة، وسريعا ما يقارن بدول مجاورة حتى أقل إمكانات. والثانية، في طبيعة تحديات الاقتصاد التنموي ودور التعليم عامة والجامعي خاصة، فهناك جدلية صعبة حتى على المتخصص. لذلك ينتهي النقاش والتبرير بين المجاملة وتمرير أقل ما يمكن من المقترحات المرة.

ربما نقطة البداية غير منظورة ويصعب قياسها! والتعبير عنها أفضل بتساؤل فيما إذا لدى المجتمع رغبة جماعية صارمة في التحديث أم أن التكيف وتقليد الآخرين في المنطقة هو سيد الموقف تحت مفهوم مجتمعي يسوق تحت عنوان أهمية التعليم، وللكل فرصة مهما كان مستواه لعله يستعيد حساباته واهتمامه الشخصي ـ مراهنات أقرب إلى التهدئة والتكيف مع المألوف منها للتحدي التنموي. الحلول صعبة ولن يتعامل عامود واحد مع تحد بهذا الحجم، لذلك سأكتفي بذكر خريطة لطبيعة التحدي وأفق الحلول وبعض المقارنات الدولية، لأنها مهمة ولكن مع أي الدول، فالمقارنة بـدول المنطقة التي سبقتنا غير مجدية، لأن نجاحاتهم التنموية قاصرة، والمقارنة بأمريكا غير عملية، وترك الموضوع لقوة العادة لن يكون نافذة للتقدم، أجد المقارنة أجدى مع سويسرا وكوريا، حيث أقل من نصف خريجي الثانوية يقبلون في التعليم العالي، البقية للتعليم المهني أو العمل، خاصة أن التجنيد يأخذ أعواما وتدريبا فنيا.

الحل في المملكة لا بد أن يبدأ بقبول أن هناك "فجوة فنية" في المهارات لدى الأغلبية، كما أن التجنيد ليس في الحسابات، لأنه أحد سبل تنمية بعض المجتمعات لتمهير العامة فنيا. لذلك ربما حل وسط يخدم التحدي التنموي في الناحية البشرية الحاسمة في التطوير والارتقاء بقصر التعليم الجامعي على أقل من 50 في المائة والبقية للتعليم الفني. أحد الحوافز للتعليم الفني، بأن يقبل نحو 50 في المائة من دفعات الكليات العسكرية من أفضل عناصر خريجي التعليم الفني، خاصة أن الأمور العسكرية أصبحت تقنية وفنية. خطوة أخرى، أن نرفع مستوى التعليم الفني بالمعامل والمدربين وتقليل الاهتمام بالتنظير واللغة الأجنبية، فالتمكين الفني أولا توجه واستعداد تعميق لمنظومة حوافز اقتصادية على مستوى الفرد وتنموية مجتمعيا. كذلك لا بد من مطالبة أغلب الجامعيين بشهادة الكفاءة المهنية لتأكيد التأهيل المهني والمنافسة قياديا. إعداد القيادات العلمية والأكاديمية لمجتمع نام تختلف عن الحصول على شهادة عليا، خاصة من الخارج لغرض وظيفة عامة. طبيعة التحديات التنافسية مع الدول الأخرى لا تقبل أن يكون المتعلم في التعليم العالي أو الفني متوسط المستوى، المستوى المتوسط يتماشى مع وظيفة عامة تخدم الفرد وتضر بالمجتمع. من علامات النجاح دوليا توظيف التعليم العالي لتمكين المجتمع من قيادة الارتقاء والتقدم.

 

 

نقلا عن الاقتصادية