صعدت السوق السعودية بسخاء منذ بداية العام الحالي 2022، ما يقرب من 22.50 في المائة، وذلك بارتفاع قدره 2533 نقطة، بينما تجاوزت في عطائها من قاعها في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي أكثر من 30 في المائة، حيث ارتفعت من 10600 إلى 13783 نقطة. هذا العطاء الكبير جاء بدعم من معظم القطاعات، وعلى رأسها قطاع المصارف، الذي حقق بعض شركاته أعلى سعر له منذ الإدراج بالسوق السعودية، يلي ذلك قطاع الطاقة الذي شهد صعودا بدعم من ارتفاع أسعار النفط التي حققت هي الأخرى مستويات سعرية لم تزرها منذ أزمة الرهن العقاري التي عصفت بالأسواق عام 2008.
هذا العطاء خلال فترة وجيزة جاء من خلال محفزات عدة، أولها ارتفاع أسعار النفط الذي يعزز من الميزانية العامة للدولة ما ينعكس على الاقتصاد والشركات في العموم بشكل إيجابي، كذلك ارتفاع أرباح الشركات نهاية العام الماضي 2021 تجاوزت 100 في المائة عن أرباح العام الذي قبله، وزيادة عدد الشركات التي تطرحها هيئة السوق المالية، ما يحفز على زيادة تدفقات السيولة للسوق، أيضا تدفقات السيولة الأجنبية التي لا تزال مستمرة في الدخول إلى السوق السعودية دون انقطاع، ولا تزال السيولة الداخلة أكثر من السيولة الخارجة بفارق كبير، حيث تجاوزت مشترياتهم في الربع الأول من العام الحالي 28 مليار ريال، وهي الأعلى منذ عام 2019.
تدفق السيولة وزيادة معدلاتها أخيرا سواء من المستثمر المحلي أو الأجنبي يعكسان جاذبية السوق وامتلاكها محفزات متنوعة، ولا سيما بعد انضمام السوق إلى مؤشر MSCI عام 2019، حيث أصبحت محط أنظار المستثمرين الأجانب، وكل فترة تتم زيادة حجم السوق السعودية في المؤشر.
وعودا على بدء، فالسوق السعودية لا تزال في موجة صاعدة يتخللها بعض عمليات التهدئة وجني الأرباح التي تعد ضرورية لاستمرار الزخم وأخذ قسط من الراحة بعد كل صعود، وهو ما يعد أمرا صحيا لكل سوق، فضلا عن كونه يحمي السوق من التقلبات الحادة والهبوطات القاسية التي في الأغلب ما تحدث إذا استمر الصعود دون عمليات جني أرباح بين حين وآخر.
وبعد هبوط السوق، الثلاثاء الماضي، أكثر من 220 نقطة أو ما يعادل 1.60 في المائة، يتكرر الحديث عن التصحيح، وربما حتى استعادة صفحة الانهيارات التي حدثت عامي 2006 و2008 حتى 2014، والحقيقة أن المعطيات تغيرت، والفترة الحالية تختلف عن الفترة الماضية.
عموما، وكما هو الحال دائما، نركز على مناطق الدعم، حيث إنها تعد مناطق دخول من ناحية، ومناطق وقف خسارة من ناحية أخرى، في حال كسرها، فالمنطقة الأولى عند 13200 نقطة، حيث تعد منطقة الترند الصاعد من 10600 نقطة، تليها منطقة 12800 / 12900، وهي المنطقة الأهم حيث تجمع بين قمة سابقة، ومنطقة متوسط 50 يوما، وبالمحافظة على المنطقة الثانية، فلا نزال نرى مستهدفات للسوق أعلى من مستويات 14000 نقطة.
ستكون أي عمليات جني أرباح من نصيب القطاعات التي ارتفعت كثيرا، وفرصة لاقتناصها بأسعار أقل، كما ستكون هناك فرصة كبيرة للقطاعات التي لم تشهد حراكا الفترة الماضية التي تعد ضمن القطاعات الاستثمارية، والله أعلم بالصواب.
نقلا عن الاقتصادية