الاقتصاد الفرعوني

06/03/2022 0
عادل عبدالكريم

على الرغم من أن المصريين القدماء لم يستخدموا العملات حتى العصر المتأخر، إلا أنهم استخدموا نوع من نظام المقايضة، باستخدام أكياس قياسية من الحبوب والديبن - وحدة قياس ووزن مصرية قديمة ذات وزن تقريبي 91 جراماً من النحاس والفضة - حيث تقاضى العمال أجورهم بالحبوب؛ فالعامل البسيط قد يكسب ما يقارب 200 كجم من الحبوب شهريا، في حين أن كبير العمال قد يكسب 250 كجم شهريا.

كانت الأسعار ثابتة في جميع أنحاء البلاد ومسجلة في قوائم لتسهيل التجارة، فعلى سبيل المثال كانت تكلفة القمصان خمسة ديبن من النحاس " 5 ديبن * 91 جم = 455 جم من النحاس"، في حين أن تكلفة البقرة 140 ديبن. كما أمكن النظام الاقتصادي من تبادل ومقايضة الحبوب مع السلع الأخرى، وفقا لقائمة الأسعار الثابتة.

وخلال القرن الخامس قبل الميلاد، إختُرع المال وقدم إلى مصر من الخارج، في البداية استخدمت العملات كقطع موحدة من المعدن النفيس بدلا من المال الحقيقي، ولكن سرعان ما اعتمد التجار الدوليون على العملات في القرون التالية.

وفي المملكة المصرية القديمة، وهي الأسر الأربع التي حكمت من 2780 قبل الميلاد إلى 2263 ق.م، كان الاقتصاد المصري زراعياً في الأساس، ويعتمد على فيضان النيل وزراعة الأراضي الخصبة في الوادي التي يمدها النيل بالماء والطمي، ويسهّل نقل المحاصيل والسلع أيضاً، لكن تكدس هذه الثروات لم يكن مستخدما في رفاهية السكان بقدر تشييد المقابر الملكية، كما أتاح أيضا إمكانية نقل السلع في جميع أنحاء البلاد حيث ان الاراضي الزراعية تخضع لسلطة الملك وأوامره، كما كانت تعتمد إلى حد ما على الإدارة المركزية للدولة، وقد شمل هذا النظام أيضا شبكات رسمية وغير رسمية من صور إعادة توزيع الثروات والمصالح حيث كان النظام المجتمعي في هذه الفترة أشبه ما يكون بالنظم الإقطاعية المكونة من طبقة كبار ملاكي الأراضي، حيث ارتبط الفلاحون بالعمل في أراضي كبار الملاك ضمن أعمال القنانة "العبودية" وتطورت لاحقا بأعمال سخرة جماعية لكل من يسكن من الفلاحين ضمن إطار ممتلكات هذا الإقطاعي أو ذاك.

كان أعيان التركات والحوزات أثرياء، لكنهم عملوا بجدٍّ لتحقيق هذا الثراء، وكانوا مسؤولين عن ضمان أن الأمور في حوزاتهم تجري بسلاسة وأن قوتهم العاملة المُسخّرة التي تعمل بلا أجر قد قُدم لها الطعام الكافي والملابس المناسبة، ووُفر لهم المأوى أيضا، حتى إنهم في البلدات التي بُنيت بها أهرامات الجيزة، كانوا يُطعمونهم اللحم البقري الجيد والأسماك وقد يكون هذا هو أحد امتيازات القوى العاملة المُسخّرة التي تعمل بلا أجر، والقادمة من مختلف الحوزات في جميع أنحاء البلاد لِتشييد الصروح الملكية الضخمة حيث قدمت القوى العاملة -سواء كان مسؤولا ملكيا أو عاملا يدويا يسحب الأحجار في موقع البناء- الخدمات إلى العرش والسلطة الملكية وفي المقابل، رد العرش المعروف للعمال وقابل عطاءهم بالمثل من خلال إعادة توزيع الطعام وغيره من السلع الأساسية الأخرى على قادة العمال، الذين قاموا بدورهم بتوزيعها على الطبقة الأقل منهم بكثير في السلم الاجتماعي.

فالنظام الاقتصادي في الحضارة المصرية القديمة كان فريدا، لا يكتفي بالطعام والبقاء، بل بتكريس الموارد والطاقات لإنشاء وصيانة المقابر الضخمة والأهرامات والمعابد، وهو النموذج الذي جعل المجتمع المصري طبقياً منقسماً بين فئة كبار الملاك والمسؤولين الأغنياء، وعامة الشعب الفقير.

وكان موظفو الإدارة الملكية يقومون بحساب الضرائب والإيرادات للخزينة الملكية، فيتم حساب السلع الزراعية والحيوانية مثل رؤوس الماشية والمنتجات المصنوعة كالأقمشة والمنسوجات، وتجمع نسبة الضرائب منها وتخزّن في صوامع ومخازن خاصة ولاحقاً، يتم توزيع الضرائب على المشاريع مثل بناء الأهرام والمعابد والمقابر الملكية، وعُثر على أدلة توضح كيفية إدارة تلك الخزائن في أبو صير (البدرشين)، الواقعة في محافظة الجيزة الحالية وتمكنت الإدارة البيروقراطية الفرعونية خلال ثلاثة آلاف سنة من تطوير السياسة الضريبية بفرض سلطانها، وخزنت الحبوب التي يمكن توزيعها في أوقات المجاعة، وجُلب الحرفيون والعمالة بمقابل زهيد من خزانة المملكة الثرية.

وللفرعون في مصر قدسية كبيرة ، حيث ان كلمة فرعون تتكون من مقطعين هم (فر) ويعني (ابن في الكلام القبطي) و(عون) ويعني الاله ، اذا تعني ابن الاله ويعطي لنفسه دور المهيمن على كل شيء ، واذا تتطور التجارة فان ذلك مقرون بتطور التبادل النقدي واستعمال النقود بدل المقايضة او التطور والزيادة في استخدام النقود، وقد كان المجتمع الفرعوني ينقسم الى طبقتين وهم :

1- الطبقة الحاكمة : وهم القادة والذين يمارسون السلطة وبيدهم قرارات الدولة كالفرعون و كبار الموظفين والجيش والكهنة.

2- طبقة المحكومون : ويعدون عبيد الدولة وليس لفرد معين (العبيد العموميون) وهناك عبيد مرقومين وليس لهم حقوق وهم الذين يعملون للدولة بأجر وهناك مجموعة من الحرفيين الذين يمارسون العمل اليومي ويحتاج لهم عموم الناس بالاضافة للدولة كالبناء مثلاً.

 

المراجع:

1- أحمد صادق سعد، تاريخ مصر الاجتماعي –الاقتصادي في ضوء النمط الآسيوي للإنتاج، دار ابن خلدون، بيروت 1979.

2- أدولف أرمان وهيرمان رانكه، مصر والحياة المصرية في العصور القديمة، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة 1959.

3- إبراهيم علي طرخان، النظم الإقطاعية دار الكاتب العربي للطباعة والنشر، القاهرة 1968

4- جعفر طالب احمد الخزعلي، تاريخ الفكر الاقتصادي (دراسة تحليلية للأفكار الاقتصادية عبر الحقب الزمنية)

5- يوميات الشرق، الزراعة في عصر الفراعنة... إطلالة مصرية على براعة الأجداد، - 07 أكتوبر 2021 رقم العدد [ 15654]

6- Andreas Winkler, How the Ancient Egyptian economy laid the groundwork for building the pyramids.

7- Allen, James P. (2000). Middle Egyptian: An Introduction to the Language and Culture of Hieroglyphs. Cambridge University Press. 

 

خاص_الفابيتا