اقتصاد متوازن بتعظيم الاستثمار

05/10/2021 3
فواز حمد الفواز

أصدرت وزارة المالية بيانا تمهيديا لميزانية العام المقبل وقراءتها الاقتصادية للتطورات ذات العلاقة. الميزانية هي توقعات وزارة المالية لمركز المملكة المالي للعام المقبل في ظل ما توافر من معلومات وخطط للأعوام القليلة المقبلة، ولكن مركزا ماليا لعام واحد ليس كل الصورة، لذلك يقال دائما السياق أهم من التركيز على مركز لعام واحد. السياق يدور حول عدة مراحل، الأولى الانخفاض الهيكلي في أسعار النفط منذ 2014 ما سبب تحديا كبيرا لكل الدول المنتجة.

الثانية، توجه المملكة الإصلاحي ممثلا بالرؤية ما جعلها تأخذ الخطوات الأولى الممنهجة من اقتصاد استهلاكي إلى اقتصاد أكثر توازنا في اتجاه تعظيم الاستثمار. الثالثة، أزمة كورونا جاءت بتأثير مزعج في طلب النفط وأسعاره وبالتالي نقص حاد في دخل النفط. رابعا، استمرار انخفاض نسبة الفائدة على الدولار أتاح مساحة لتمويل الاقتراض. يبدو لي أنه علينا أن نقرأ البيان التمهيدي للميزانية في سياق النقاط الأربع.

تفصيليا هناك توجهات واضحة للتعامل مع حالتين، الأولى سلامة الاقتصاد في ظل ظروف عالمية متقلبة وتغيرات داخلية مهمة من ناحية والسيطرة على العجز والدين من ناحية أخرى. لنبدأ بنتائج 2020 حيث إن إجمالي الإيرادات والنفقات والعجز والدين العام هو 782 مليارا و 1076 و 294 و 854 تباعا مقارنة بتوقعات وزارة المالية الحالية 2021 وهي 930 و 1015 و 85 و 937. الرقم الوحيد الذي لم يتغير بين ميزانية 2021 والمتوقع حسب البيان هو الدين العام لأن العجز في الميزانية انخفض من 141 إلى 85.

التحسن جاء من ارتفاع الإيرادات 148 مليارا بسبب جهود وزارة الطاقة في إنقاذ سوق النفط وجهود وزارة المالية في تقليص النفقات 61 مليارا. التوجه نحو تعافي حالة المالية العامة خطوة ضرورية للتعامل مع التحديات الاقتصادية. خدمتنا ظروف السياسة النقدية في أمريكا باستمرار أسعار الفائدة في مستوى منخفض تاريخيا في وقت ارتفاع الدين العام، فرصة قد لا تستمر.

التهيئة والمساحة المالية ضرورية للتعامل مع القضايا والتحديات الاقتصادية خاصة أن الساعة المالية أقصر من الساعة الاقتصادية بينما الاهتمام المالي أعلى. هناك عدة نقاط، الأولى أن هناك تغيرا مؤسساتيا و إداريا مهما، وهناك تحسن في بعض المؤشرات المهمة، وهناك نواح تحتاج إلى مزيد من التركيز. مظاهرالتغير المؤسساتي مثل محاربة الفساد ومركزية القرار الاقتصادي والاهتمام بالاستثمار ممثلة بدور صندوق الاستثمارات وصندوق التنمية الوطني ومشاركة المرأة والاهتمام بعدة مجالات مثل السياحة والترفيه.

وهناك تحسن في بعض المؤشرات مثل نسبة مشاركة السعوديين في سوق العمل كما عبر عنه التحسن الأخير في أرقام البطالة واستقرار وتحسن دور القطاع الخاص وارتفاع حصة الاقتصاد غير النفطي. فمثلا في النصف الأول من هذا العام سجل الاقتصاد غير النفطي نموا بنحو 5.4 في المائة (نسبة أعلى من المقدر للدخل القومي الإجمالي) والقطاع الخاص سجل نسبة نمو تصل 7.5 في المائة واستهداف دور أكثر للقطاع الخاص ليرتفع من 40 في المائة حاليا إلى 60 في المائة في 2030. كذلك حدث تطور معتبر في زيادة حصة ملاك المنازل وسوق التمويل العقاري. الاهتمام جار للاستعداد للتخصيص وتفعيل برنامج شريك الرائد، إذ إن العلاقة بين البرنامجين وثيقة. السيطرة والاطمئنان على الحالة المالية تطور مهم وعسى أن يكون استمرارا للتحول من الاستهلاك إلى التوفير والاستثمار وتفعيل دور المواطن الإنتاجي.

 

 

نقلا عن الاقتصادية