عودة التعليم حضوريا .. آثار اجتماعية واقتصادية

09/09/2021 2
د. عامر بن محمد الحسيني

نتيجة لآثار انتشار جائحة فيروس كورونا في العالم، تأثر كثير من مقومات الحياة، وكان من أبرزها مؤسسات التعليم بجميع مراحلها. من المعروف أن هذا الوباء تسبب في تعطيل مظاهر الحياة الطبيعية، وتأثرت سلبا به قطاعات الصحة والتعليم والتجارة وغيرها. بحسب إحصاءات منظمة الأمم المتحدة للتربية، والعلم، والثقافة «اليونيسكو»، فإن أكثر من 1.5 مليار طالب في 165 دولة اضطروا للانقطاع عن الذهاب للمدارس والجامعات بسبب جائحة فيروس كورونا. لم يكن العالم مستعدا لمواجهة مخاطر من هذا النوع، ليس بسبب ضعف إدارة المخاطر عالميا، لكن قد يكون بسبب ثقة العالم بقدراته الصحية في مواجهة المخاطر الصحية المحتملة، أيضا قد يكون بسبب عدم منح إدارة المخاطر أهمية في عمليات إدارة التعليم أو دراسات التعليم.

لذلك فإن انقطاع مؤسسات التعليم لفترة ليست يسيرة كانت له آثار اجتماعية، واقتصادية، وثقافية، وسياسية كذلك. يشير الدكتور كروجر؛ إلى أن جائحة COVID-19 لم تؤثر فقط في روتين التعلم للطلاب، لكن أيضا في حياتهم الشخصية، بما في ذلك فقدان الوظائف ومسؤوليات الأسرة المتزايدة وعدم القدرة على السفر والشعور بالعزلة والوحدة.

استجابة الدول لمخاطر انتشار الفيروس كانت ناجحة في كثير منها، وقد أجبرت الجائحة المؤسسات الأكاديمية حول العالم لاكتشاف أنماط جديدة للتعلم والتعليم، ومنها التعليم الإلكتروني، والتعليم عن بعد. ومع وجود هذه الأنماط التعليمية إلا أن الآثار الاجتماعية والاقتصادية ما زالت مستمرة، بل كان هذا التحول السريع نحو أنظمة التعليم الإلكتروني سببا في نشوء عديد من الآثار السلبية. ومنها ضعف وعي كثير من الأسر بآلية التعليم عن بعد، والتكاليف المالية التي ترتبت على الأسر لتوفير أدوات التعليم. عدم تكافؤ الفرص في الوصول إلى بوابات التعليم الإلكتروني أو توافر الوقت للتعامل مع كل حالة دراسية بحسب احتياجاتها، ظهور ثغرات في أنظمة رعاية الأطفال وذلك بسبب توافر أجهزة التواصل معهم لفترات طويلة، تأثرت البرامج الخاصة بالتغذية للأطفال خلال هذه الفترة، وتتسبب في نشوء مشكلات صحية أو نفسية يجب التعامل معها مستقبلا. ارتباط الأسرة "الأب والأم" بالعمل، أوجد ثغرة في رعاية الأطفال سلوكيا واجتماعيا.

في المملكة محاولات التعافي في التعليم تسير وفق منهجية جيدة مدعومة بسياسات حكومية تساند عملية التعافي التعليمي الذي سيكون له دور - بمشيئة الله - في عمليات التعافي الاجتماعي والاقتصادي. وفرت الدولة اللقاحات لحماية الطلاب والطالبات والكوادر التعليمية. ونفذت هذه الخطط بالتعاون مع وزارة الصحة ليشمل ذلك جميع سكان المملكة. لا يمكن أن ننكر أن للتعليم التقليدي دورا كبيرا في التأثير في الحياة الاقتصادية، والانتعاش الاقتصادي، كما أن للعودة إلى مقاعد الدراسة دورا اجتماعيا ونفسيا يؤثر في تنشئة الأبناء، وفي بناء الشخصية.

قطاعات الاقتصاد والخدمات قد تكون من أكبر المستفيدين من عودة التعليم الحضوري. وستسهم هذه العملية في مزيد من الانتعاش الاقتصادي الذي يحتاج إليه هذا القطاع. وتظل هذه الجائحة رغم الآلام التي خلفتها عالميا، درسا مهما جدا في تعلم المخاطر الاستراتيجية، والتهيؤ لمواجهتها والتعامل معها، والاستجابة لتحقيق استمرارية واستدامة مؤسسات وبرامج التعليم، ومواجهة المخاطر الاجتماعية والاقتصادية المختلفة.

 

نقلا عن الاقتصادية