لا شك أن العالم مر بأوقات عصيبة خلال فترة العامين الماضيين، بسبب جائحة كورونا. تأثرت جميع دول العالم اقتصاديا واجتماعيا وصحيا. والمملكة من بين تلك الدول التي واجهت هذه الجائحة، لكن سياسة إدارة الأزمة قادت - بحمد الله - للتحكم في آثارها الجانبية، وأظهرت لنا إمكانات وقدرات هائلة ساعدت على معالجة أغلب المشكلات. قرارات الدولة الاقتصادية أسهمت في استيعاب آثار الجائحة والتخفيف منها، ومساندة القطاع الخاص لتجاوز المرحلة الصعبة. الوعي والتكاتف الذي ظهر بين الأجهزة الرسمية وبين المواطنين بين أن المجتمع يفكر بعقل جماعي وليس بعقلية فردية لا تبالي بمصالح الآخرين.
حصر المكتسبات التي تحققت في وقت كورونا سواء الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية، قد يحتاج إلى مقالات، لكن الأهم من ذلك هو الاعتراف بأن الجائحة دفعتنا إلى الأمام كثيرا، وساعدت على التغلب على عديد من الممارسات التي كنا نحلم أن نتجاوزها، وأصبحت في ظل الإجراءات الاحترازية شرطا لازما يلتزم به كل فرد. كما أن الجائحة أسهمت في إنعاش التقدم التقني وتحسين مستوى جودة الحياة في كثير من الأمور.
لقد أسهمت الجائحة في نشر وتعزيز دور التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد. كما أسهمت في فرض ممارسات على الحياة العملية تزيد من إنتاجية الفرد والبعد عن الملهيات في وقت العمل، إضافة إلى فتح المجال أمام عديد من الوظائف للعمل عن بعد. كما أسهمت الجائحة في تحسين عديد من الممارسات الاجتماعية والصحية من خلال القضاء على التجمعات غير الصحية، وفرض عادات صحية عند اللقاء، والأكل، والتسوق، وغيرها. عديد من العادات الاجتماعية في المناسبات والأفراح والأحزان انتهت خلال فترة الجائحة وأصبحنا أكثر حرصا في التعامل مع الآخرين. الخدمات التي تقدم للعملاء، ومنها سيارات النقل، والطيران، والانتظار في الأماكن العامة. أسهمت أيضا الجائحة في التحكم في نفقات الفرد والأسرة، فأصبح كثير منا ينفق على قدر حاجته، وعلى الأمور المهمة فقط.
من المهم أن نحافظ على تلك المكتسبات التي تحققت خلال فترة الجائحة، وأن نبني عليها مسيرتنا نحو التطور وسهولة الأعمال في كثير من المجالات. لا أن نعود إلى سابق عهدنا في ممارسات نعرف جميعا أنها لا تتناسب مع طبيعة الحياة في هذا العصر. كما أن درجة الوعي التي وصل إليها المجتمع من المهم أن تظل محدثة وواعية لأي مخاطر مستقبلية قد تواجهنا حتى لا نضطر في كل مرة إلى العودة إلى نقطة الصفر.
نقلا عن الاقتصادية