يتمتع الاقتصاد والتمويل الإسلامي بإمكانيات هائلة لربط الموارد بالاحتياجات المالية والاجتماعية، وباختلاف النٌظم الإقتصادية نجد على سبيل المثال أن الرأسمالية، والتي تتحكم في العالم الاقتصادي والمالي اليوم، قد تراجعت وتصدعت من نواحي عدة والتي بدورها خلقت قضايا وتحديات مختلفة للمجتمع، فغياب العدالة الاقتصادية والاجتماعية أبرز ما يتناوله النقاد حيال الفكر الرأس المالي.
ولقد خلقت الشيوعية والتي جاءت كنقيض في اطروحاتها عن الفكر الرأس مالي، عددًا لا يستهان به من القضايا والتحديات، وربما قد أخطأت في تحديد جذور تراكم الثروة المرتبط بالظلم الاقتصادي من خلال استهداف "الملكية الخاصة"، وأرست ركائزها بموجب مبدأ الملكية الجماعية تحت سيطرة الدولة حيث أن الشيوعية ألغت التنافس الفطري داخل المجتمعات لتملك وسائل الانتاج او تملك الأفراد للاصول.
ولقد شع نور العدل الإلهي قبل الف وأربعمائة عام وجائت الرسالة المحمدية لتقدم الإسلام كمكون متوحد شاملا بأنظمته الاجتماعية والاقتصادية والمالية الفريدة التي أثبتت بأنها طريقة لحياة كاملة ترتفع بها مستويات العدل والتنمية والرخاء الاجتماعي.
أتى النظام الاقتصادي الاسلامي بمبدء مهم ركز على ضرورة تفتيت الثروة من خلال ارساء مبادئ الزكاة، حيث ان الزكاة ما هيا الا تفتيت للثروة وانتقال احتكار المنفعة من فئة قليلة نوعا ما الى السواد الاعظم من المجتمعات، ونرى تمام هذا التكامل اذا ما نظرنا الى النظم الاقتصادية الاخرى فنجد ان الزكاة هي مدرسة ونظام اقتصادي متكامل يقف ضد الاستغلال وتكدس الثروات او شيوع الثروة بطريقة تهمش حق الافراد الفطري في التنافس والتملك.
ويحاول الاقتصاد الإسلامي إزالة الظلم وعدم المساواة من أجل تعزيز تقدم وازدهار المجتمعات، ولتحقيق هذا الهدف، نجد بأنه أرسى معايير كفلت إنشاء إقتصاديات وأسواق حرة، فقد أكد على الحق الفطري للملكية وأرسى معايير بيئة تنافسية عادلة للأعمال والصناعة من خلال ثلاث عناصر رئيسية هي الملكية، التصرف في هذه الملكية، ومن ثم تفتيت وتوزيع الثروة بين الناس.
وكقاعدة عامة، لا تعترف الشريعة الإسلامية بالمعاملات التي ثبت أن بها مكونات غير شرعية ولهذا الغرض، حددت الشريعة بعض العناصر التي يجب تجنبها في التجارة أو المعاملات، وفي هذا الصدد، نجد أن تحريم الربا والغرر والقمار هي العوامل الرئيسية الحاسمة التي تحدد وترسم الحدود الكلية التي لا ينبغي تجاوزها في العقود، بالإضافة إلى هذه المحظورات الرئيسية، نصت الشريعة على مجموعة من المبادئ التي توفر إطارًا أساسيًا لممارسة الأنشطة الاقتصادية بشكل عام، بما في ذلك المعاملات المالية والتجارية، حيث يشير القرآن الكريم والسنة النبوية إلى عدة قواعد ومبادئ تحكم حقوق والتزامات أطراف هذه العقود.
ان المبادئ التي تنص على العدالة والتكامل والإيجاب والقبول والصدق والنية الحسنة وتجنب الممارسات التي قد تؤدي الى الاحتيال او التضليل وتحريف الحقائق أو الاستغلال والظلم قد وفر الاقتصاد الاسلامي لها أسسًا حقيقيا وواقعا لإنشاء معاملات وعقود صحيحة ينتفع بها جميع الأطراف التعاقدية والتي بدورها ستقوم بإرساء معايير العدل الإجتماعي.
ولعل من ابرز الملاحظ حول النظام الاسلامي بانه قام بتقديم نموذج فريد يهتم برفاهية المجتمعات والافراد في الحياة، وقد جاء الفكر الاسلامي بمقاصد ومنافع متعددة ولعل من اهمها إعفاء المجتمعات والافراد من المشقة بتحقيق أسمى دراجات معاني الفضيلة.
وأخير، إن مبدء الفضيلة لا يعني التخلي عن استمتاع الفرد بمباهج وجماليات الحياة، بل ان الاستمتاع بها مرهون بالبقاء داخل إطار القيم التي يسعى الإسلام من خلالها إلى تحقيق أقصى قدر من الرفاهية البشرية، فهي تتطلب العيش بنسق حياة ينعكس بتمام مراعاة المسؤولية الاخلاقية، وتحقيق الغايات بوسائل عادلة، واعتبار الثروة ماهي الا امانة معلقة بعنق الاثرياء وماهي الا وسيلة من وسائل الوصول الى الرضوان.
المصادر:
1-أيوب، محمد. فهم التمويل الإسلامي. المملكة المتحدة: الناشر جون وايلي، 2007.
2-الجمل، محمود. التمويل الإسلامي، القانون، الاقتصاد والممارسة. الولايات المتحدة الأمريكية: مطبعة جامعة كامبريدج ، 2006.
3-إقبال ، منور. التقدم في الاقتصاد والتمويل الإسلامي. المملكة العربية السعودية: البنك الإسلامي للتنمية، 2007.
خاص_الفابيتا
تمويل (إسلامى) يعنى تمويل بدون فوائد!؟ أم أن الأمر يلزم توفيع بعض الأوراق لدى موظف البنك كما أفتى! بعض مشايخ البنوك فينقلب القرض الربوى لقرض شرعى إسلامى مع دفع الفائدة للبنك !!