صغار المستثمرين.. وشبح الإغلاقات

08/08/2021 0
د. خالد رمضان عبد اللطيف

 مع دخول الجائحة الصحية عامها الثاني، يتساءل الكثيرون: ما الذي نعرفه بشكل دقيق عن آثار الإغلاقات على الشركات الصغيرة والمتوسطة، خاصة في البلدان النامية، التي كان الدعم فيها محدوداً ومتفاوتاً، وما مدى الاستجابة للأزمة المتفاقمة من قبل واضعي السياسات؟، وكيف يمكن توجيه الدعم الحكومي على نحو أفضل؟ وما هي الأدوات الصحيحة التي يجب استخدامها لمعالجة الأزمة؟، وما الذي يجب فعله حيال حالات الإفلاس المرتقبة في ظل تواصل جبروت الفيروس المناوئ بطريقة مستفزة للمناعة البشرية؟. 

يتزايد الطلب على الدعم مع تفاقم الضغوط على المراكز المالية للشركات، إذ تواجه معظمها صعوبات في التمويل، وأشده مأساوية في أفريقيا جنوب الصحراء، حيث لا تملك 10% من الشركات المتضررة سيولة كافية إلا للبقاء ليوم واحد فقط، فيما تحاصر الحكومات الخيارات الصعبة في ظل شح الموارد المالية، والحقيقة، أنه يصعب بشدة تحديد الشركات القادرة على البقاء، والشركات العاجزة عن البقاء، بالنظر إلى التغييرات الهيكلية قبل ظهور الجائحة، ولنا أن نتخيل الخيارات الصعبة أمام واضعو السياسات عند محاولة تحديد أفضل الطرق لاستخدام الموارد المحدودة من أجل الحفاظ على الوظائف، وتجنب تداعيات التخارج الجماعي للشركات، وضمان صمود الاقتصاد الوطني. 

لا شك أن الشركات الصغرى والمتوسطة ستكون مطالبة الآن بالاستعداد لإمكانية اندلاع موجة جديدة من التدابير التي قد تصل إلى حد الإغلاق الكلي، إذ توحي التطورات الأخيرة بأن الأزمة الوبائية العنيفة التي اندلعت بالصين في ديسمبر 2019 ثم انتقلت تباعاً إلى كافة دول العالم لم تنته بعد، ولهذا، سنضطر جميعاً للتعايش معها، وقد تتلقى المحالّ والمطاعم التي بدأت حديثاً استئناف نشاطها صفعة جديدة حال إقرار إجراءات استثنائية لمحاصرة الوباء المتحور. 

تلجأ الشركات خلال فترات الانتعاش الاقتصادي إلى تكديس الأرباح، ولكن مؤخراً وفي أثناء الوباء، اضطرت الشركات إلى مواصلة أنشطتها بعدد محدود من الموظفين، في ظل مخاوف صحية رهيبة وإجراءات غير مسبوقة للحدّ من التنقل والسفر، بالإضافة إلى توفر منح بطالة تشجع المواطنين في بعض الاقتصادات الكبرى على التوقف عن العمل، وربما يتعين على أصحاب المشاريع الصغرى إعادة تنظيم الوقت، حتى لا تتجاوز تكلفة فتح النشاط الأرباح. 

بالرغم من الكثير من الشركات تبدو سعيدة لاستعادة بعض نشاطها المعتاد، إلا أن الأمر يتطلب بعض الحنكة الاقتصادية، فالفنادق على سبيل المثال، التي بدأت تمتلئ تدريجياً بالنزلاء، والتي من المتوقع أن تحقق انتعاشه مالية خلال موسم الصيف مع تخفيف قيود السفر والترفيه، وتلقيح نسب معتبرة من السكان، يتعين عليها ادخار بعض إيراداتها تحسبًا لتجدد الأزمات، إذ تهدد الطفرات الجديدة للوباء، الانفاق الاستهلاكي إذ سيفضل الزبائن الابتعاد عن الأماكن المكتظة، ومن ثم سيتراجع النشاط، وبالتالي، يتعين على صغار المستثمرين استثمار الأرباح والمساعدات التي تقدمها لهم الحكومات استثماراً ذكيا. 

من جهة أخرى، تشكل الهجمات السيبرانية  خطراً داهماً على الشركات الصغرى والمتوسطة وتكبدهم في المقابل أموال كثيرة، ولهذا، يتطلب الأمر منهم الانتباه إلى ضرورة الاستثمار في الأمن السيبراني، وتعزيز إجراءات الحماية على شبكة الإنترنت، كما يمكن لهذه الشركات شراء تأمين سيبراني، يغطي الأضرار والمسؤوليات التي قد تنجم عن سرقة بيانات حساسة، مثل أرقام الضمان الاجتماعي، والحسابات البنكية، والبطاقات الائتمانية، والملفات الصحية. 

 

خاص_الفابيتا