الشركات الصغيرة.. ودائرة الخطر

08/05/2023 0
د. خالد رمضان عبد اللطيف

تشعر الشركات الصغيرة، القلب النابض للاقتصاد الأمريكي، بالضيق والكآبة إزاء تشديد شروط الائتمان، مع استمرار بنك الاحتياطي الفيدرالي في زيادة تكاليف الاقتراض، وانهيارات البنوك المتتالية منذ منتصف مارس الماضي، وإذا كانت ندرة التمويلات قد تتسبب في حدوث مشكلات كبيرة لجميع أنواع الشركات، إلا أن الشركات الصغيرة تعد الأكثر تضرراً بسبب قلة الموارد المالية الكافية للحفاظ على نموها، حيث تعتمد هذه الشركات بشكل أساسي على التمويل المصرفي الإقليمي، والذي يعد حاليًا أكثر جيوب الإقراض توترًا، تعد الشركات الصغيرة في الولايات المتحدة جزءًا مهمًا للغاية من الاقتصاد الأمريكي، إذ يمثلون مجتمعين نصف العاملين في القطاع الخاص، وتسهم بحوالي 44٪ من ناتج القطاع الخاص، لكنها، لا تقترض الكثير من الأموال، حيث يبلغ متوسط ديونها 195 ألف دولار فقط، وإجمالاً، ففي نهاية عام 2022، كانت هذه الشركات مدينة بحوالي 18 تريليون دولار، وفي الواقع، فإن حوالي 70٪ على الأقل من الشركات الصغيرة لديها ديون مستحقة اقترضتها بهدف تغطية نفقات التشغيل الأساسية مثل الأجور والإيجار والمخزون، والاستثمار في معدات جديدة.

تعتمد الشركات الصغيرة على القروض المصرفية لأكثر من 90٪ من تمويلها، وإذا أصبح الحصول على الإقراض المصرفي أكثر صعوبة، فقد تحتاج إلى خفض الإنفاق أو البحث عن مصادر بديلة لرأس المال الأكثر تكلفة لمواصلة الاستثمار والتوسع، وقد يكون لهذا آثار على العمالة والعقارات التجارية، مما يهددها بتباطؤ النمو، وقد واجهت الشركات الصغيرة تحديات تمويلية مماثلة خلال الأزمة المالية لعام 2008، عندما فشلت 1.8 مليون شركة صغيرة، ولا يزال السؤال مفتوحاً بشأن مدى تأثير الأزمة الائتمانية على هذه الشركات، منذ منتصف مارس، أصبح من الصعب على صغار رجال الأعمال الحصول على قروض توازي ما كانوا يحصلون عليه في الماضي، فقد بدأت موجة تشديد معايير الإقراض إلى مستويات تقترب من تلك التي شوهدت أثناء الوباء، حيث ينظر صانعو السياسات في لوائح أكثر صرامة لمنع انتقال عدوى انهيار البنوك، وسوف يؤدي هذا التشديد إلى انخفاض النفقات الرأسمالية وتباطؤ نمو الرواتب، وقد ننتهي إلى مزيد من الانكماش الاقتصادي في الربع الثاني.

لكن، المشرق في الأمر، هو أن الشركات الصغيرة كانت تستعد بالفعل لتقليل الائتمان منذ مارس 2022، عندما بدأ الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة، وهذا يعني أن أصحابها وجدوا متسعاً من الوقت للاستعداد لمواجهة العواصف المحتملة، وقد تتجنب هذه الشركات بعضاً من الأزمة بفعل عدة عوامل مساعدة من بينها انتعاش الإنفاق الاستهلاكي، وقوة ميزانيات البنوك، والنمو المطرد في إنشاء الأعمال التجارية الجديدة، والاستجابة التنظيمية التي تهدف إلى ضمان عدم جفاف الائتمان، إلا أننا نعتقد أن الشركات الصغيرة خاصة، والاقتصاد الأمريكي عموماً، لم يخرجا بعد من دائرة الخطر.

 

 

خاص_الفابيتا