تعد أسعار الأراضي والمساكن مناسبة وعادلة كلما اقتربت من قدرة الدخل المتاح للمستهلك النهائي، وتبتعد عن ذلك الوصف كلما ارتفعت أسعارها السوقية إلى مستويات عالية تتجاوز تلك القدرة المالية للمستهلك، ويتم قياسها بعديد من المؤشرات التي من أشهرها وأكثرها استخداما مكرر متوسط سعر الوحدة السكنية إلى إجمالي الدخل السنوي للفرد، وتقوم على احتساب عدد الأعوام اللازمة لامتلاك المسكن وفقا لإجمالي الدخل السنوي للفرد، وذلك بقسمة تكلفة التملك على إجمالي الدخل السنوي للفرد. ووفقا للمعايير الدولية المتعارف عليها، كلما انخفضت قيمة هذا المكرر كانت الأسعار أقرب إلى العدالة، ويبلغ المعيار العالمي في هذا الخصوص نحو 3.0 مرات الذي يعني أن المستهلك أو المشتري لا يحتاج إلى أكثر من 3.0 أعوام لأجل امتلاك المسكن بناء على إجمالي دخله السنوي، وهو المعيار الذي يشير إلى عدالة الأسعار ومناسبتها، وأنها لا تعاني أشكال التضخم أو الغلاء، وقد يكون مقبولا في عديد من المناطق إقليميا لآجال محددة لا تمتد زمنا طويلا، لأسباب تتعلق بالأوضاع الاقتصادية فيها أن يرتفع ذلك المعدل إلى 5.0 مرات (أعوام)، على أن تقوم الأجهزة المعنية في تلك المناطق على وضع السياسات والبرامج اللازمة لأجل خفضه في الأجل الطويل إلى المعيار العالمي المتعارف عليه.
ولتتضح الصورة لدى القارئ الكريم، سيكون مناسبا جدا وضع مثال على ما يتم الحديث عنه هنا: بحال وجد مسكن يبلغ إجمالي قيمته المحددة من قبل البائع 1.5 مليون ريال، ويريد أحد الأفراد شراءه وامتلاكه، ويبلغ الدخل الشهري لذلك الفرد نحو عشرة آلاف ريال (دخله السنوي يبلغ 120 ألف ريال)، فبناء على ما تقدم إيضاحه في خصوص (مكرر متوسط سعر الوحدة السكنية إلى إجمالي الدخل السنوي للفرد)، فإن المكرر في هذه الحالة سيبلغ 12.5 مرة (أو عام)، وهو ما يعني أن سعر الوحدة يعد مرتفعا جدا على المشتري أو المستهلك هنا، وعليه أن يبحث عن مسكن آخر يناسب دخله، إلا أن هذا الخيار قد يكون غير متوافر له بحال كان أغلب أسعار المساكن مرتفعة ومتضخمة. هنا يأتي دور الأجهزة الحكومية ذات العلاقة، لتقوم بدورها وفق الأدوات المتاحة لديها، وتعمل على معالجة أسباب تضخم أسعار الأراضي والمساكن، ووضع التدابير اللازمة للحد منه، وقد تقوم بتقديم أنواع عديدة من الدعم السكني للمستفيدين خلال الآجال المتوسطة حتى تنتهي من معالجة أسباب التضخم الراهن في الأسعار.
ولأن كثيرا من الأفراد حتى في الدول التي قد يصل لديها ذلك المعيار إلى 3.0 مرات (أعوام)، يعتمدون بدرجة كبيرة على التمويل العقاري الممنوح من البنوك ومؤسسات التمويل المختصة في هذا المجال، فإنه تضاف إلى تلك المؤشرات الدالة على عدالة الأسعار ومناسبتها، نسبة استقطاع السداد الشهري المنتظم للالتزام المترتب على الفرد المستهلك (المشتري)، نتيجة نشوء التمويل العقاري الذي حصل عليه لأجل شراء ذلك المسكن، التي تحددت عندما لا يتجاوز 33.0 في المائة من الدخل الشهري للفرد، وهي النسبة التي تعني احتفاظ ذلك الفرد بنسبة 67.0 في المائة من دخله له ولأسرته، ليتمكن من الوفاء بمتطلباته واحتياجاته المعيشية له ولأسرته، ولا تقف أهمية هذه النسبة عند هذا الحد فحسب، بل إنها تعد ذات أهمية عالية أيضا بالنسبة للاقتصاد الكلي، الذي يعتمد بدرجة كبيرة على الإنفاق الاستهلاكي للأفراد والأُسر، الذي يشكل في مجمله قوة الطلب الاستهلاكي الخاص في الاقتصاد على السلع والخدمات المنتجة أو المستوردة، التي تتولى منشآت القطاع الخاص تقديمها وإنتاجها، وأن تلك المنشآت المساهمة في النمو الاقتصادي كما يتأكد لدينا جميعا وفق هذه المنظومة، كلما ازدادت مبيعاتها وإيراداتها ازدادت قدرتها على التوظيف واستحداث الوظائف الجديدة أمام الباحثين عن عمل، وازدادت قدرتها من ثم على المساهمة في خفض معدل البطالة في ذلك الاقتصاد، إضافة إلى مساهمتها في تعزيز الاستقرار والنمو الاقتصاديين.
يتأكد من كل ما تقدم استعراضه أعلاه أن السعي نحو تحقيق العدالة السعرية لمختلف الأصول العقارية سواء أراض أو منتجات عقارية (سكنية، تجارية، صناعية، خدمية)، لا تتوقف مزاياه المتحققة عند مجرد خدمة الأفراد والأسر، بل تتجاوزها إلى ما هو أبعد من كل ذلك، فتمتد بدرجة عالية إلى أهميتها المرتفعة للاقتصاد الكلي، وأن تحقق تلك العدالة السعرية للأصول العقارية، سيؤدي إلى توافر مزيد من فرص النمو والازدهار الاقتصادي، ويسهم في زيادة جاذبية بيئة الأعمال في الاقتصاد، بل يجتذب إلى جانب الثروات والأموال الوطنية مزيدا من الاستثمارات الأجنبية من خارج الحدود، ما سيزيد بدرجة كبيرة من حجم وعدد الفرص الاستثمارية الواعدة اللازم اقتناصها، وتوظيف عوائدها في مصلحة الاقتصاد الوطني والمجتمع على حد سواء. لهذا سيكون مهما بالنسبة إلينا، أن تتكاتف الجهود من الأطراف ذات العلاقة بالشأن العقاري والإسكاني محليا، والعمل وفق منظومة متكاملة على خفض مكرر متوسط سعر الوحدة السكنية إلى إجمالي الدخل السنوي للفرد، الذي ما زال يراوح عند مستوى عشر مرات (أعوام)، والعمل بخطوات أسرع على خفضه إلى المكرر المستهدف عند خمس مرات (أعوام)، وسيؤدي تحقق ذلك الهدف بدوره إلى خفض نسب الاستقطاع الشهري من المستفيدين من التمويل، وهي الأهداف الممكن تحقيقها بأسرع مما قد يظن البعض، أسوة بكثير من الأهداف التي نجحت البرامج التنفيذية لرؤية المملكة 2030 في تحقيقها - بحمد الله - قبل مواعيدها الزمنية المحددة، ولهذا تفاصيله التي تستحق الحديث عنها بمزيد من التوسع في المقال المقبل بمشيئة الله تعالى.
نقلا عن الاقتصادية
أخي الكريم/عبدالحميد العمري : قبل 8 سنوات، كتبتُ مدونة في موقع (أرقام) تجدها على الرابط التالي (https://www.argaam.com/streamer/comments/72972).. والمدونة هي إجتهاد لتحديد عبء إمتلاك السكن للفرد العادي وخلاصته أن: 1) قيمة الإمتلاك يجب أن تكون أقل من 6 مرات الدخل السنوي للفرد الذي يجب أن (يمد رجوله على قد لحافه)!!!.. 2) العامل الأكبر في تحديد قيمة السكن هي سعر الأرض البيضاء وخدماتها!!.. وهذا العامل هو بيد الحكومة كونها المالك السيادي لجميع أراضي البلد قبل منحها للمالك الأول!!.. ويظهر ذلك بوضوح في المنح المليونية مجاناً لأول مرة ثم تتداول بين الوسطاء وكلٌّ يزيد سعرها بربحه (المعقول أو الجشع) حتى تصل إلى المستفيد النهائي (المواطن) بسعركبير جداً ليصلُ أحياناً إلى 50% من قيمة إستملاك السكن!!!.. والله المستعان.
الله ينوّر عليك أخي مخاوي الذيب، كفيت ووفيت، والطريق إلى معالجة أسباب غلاء أسعار الأراضي والمساكن أصبح واضحا ولا يحتاج سوى تفعيل حلوله؛ وأولها دفع بقية مراحل نظام الرسوم على الأراضي تحت التنفيذ بسرعة أكبر مما تم طوال الخمسة أعوام الماضية، والحمد لله أول الخطوات حصل بدمج المرحلة الرابعة في الثالثة، وهذا العام سيتم البدء بالمرحلة الثانية في الرياض وجدة والدمام، ولاحقا مكة المكرمة، زائداً 17 مدينة إضافية ستبدأ فيها المرحلة الأولى هذا العام.. وبإذن الله لن تتأخر المرحلة الثالثة خلال العامين القادمين، مع الأخذ في الاعتبار أن زيادة عروض المساكن ذات الجودة في 9 مدن رئيسة من خلال روش للتطوير العقاري وبقية الشركات الكبرى، سيحدث فارقا نلمسه جميعاً الفترة القادمة.. بارك الله فيك
استاذ عبدالحميد/ الاسعار وصلت الى حد غير مقبول و لا متوقع من جميع فئات المجتمع. العقاريين رفعوا الاسعار الى ارقام لا يحلم فيها حتى اكثر المتفائلين. السواد الاعظم من الشعب ليس بمقدوره شراء ارض فكيف بتعميرها. اغلب الناس وصل بهم اليأس الى ابعد الحدود و فقدوا الامل في الحصول على ارض حسب امكانياتهم و لا يوجد اي بوادر انفراج لهذه الازمه.
أهلا أخي الموقر Maza ... كل هذا جاء نتيجة دخول أكبر ضخ للتمويل العقاري على السوق من مطلع 2019 وكان الأضخم في تاريخ جميع قطاعات الاقتصاد الوطني وليس السوق العقارية فحسب، وخلال فترة قصيرة جدا.. ومع بطء رسوم الأراضي خلال نفس الفترة، كان محتوما حدوث هذا الارتفاع والتضخم الكبير في الأسعار، وكما ذكرت أعلاه للأخ الموقر مخاوي الذيب فالأمور نتمنى جميعا أن تتأثر إيجابياً بالتطورات التي بدأ العمل عليها هذا العام وما سيليه، وأن يتم تصحيح هذه الأسعار المتضخمة واستمراره لفترة أطول وتعود الأسعار إلى مستويات عادلة وقريبة من قدرة الأفراد والأُسر.. وبالله التوفيق وشكرا جزيلا لك
الزبدة: " سيكون مهما بالنسبة إلينا، أن تتكاتف الجهود من الأطراف ذات العلاقة بالشأن العقاري والإسكاني محليا، والعمل وفق منظومة متكاملة على خفض مكرر متوسط سعر الوحدة السكنية إلى إجمالي الدخل السنوي للفرد"
حياك الله أخي الموقر المستسمر، وإن شاء الله تعالى يتم هذا الذي نتمناه جميعاً، وأن ينعكس إيجابياً على انخفاض مكرر/مضاعف التملك الذي لا زال عند نفس مستويات سنة الأساس إن لم يكن أعلى في أغلب مناطق المملكة.. وتفضل بقبول التحية والتقدير
فعلاً: تحقيق العدالة السعرية يزيد من الأستثمار والتطور وتقليل الديون والقروض والتكاليف ويفتح مجالات استثمارية حقيقية
لا ياسيدى الذى يحدد سعر السلعة العادل هو قيمة تكلفتها الفعلية زائدا ربحا معقولا وليس قدرة المستهلك على الشراء. ا . ب الإقتصاد لا عدمناك !
هههههه يا أخي عاشق المعلومة مفهوم عدالة أسعار هذا أبداً لا وجود له في أدبيات وحيثيات البائع لأي سلعة!! بل هذا موضوع غير وارد في ذهنه أصلاً.. هو مفهوم تسترشد به الأجهزة الرقابية والإشرافية على الأسواق لاتخاذ سياسات وإجراءات وتدابير من قبلها للمحافظة على استقرار الأسواق، ومنع أي تضخم غير مبرر قد يؤثر على استقرار الاقتصاد وقيمة العملة الوطنية، ولكي لا تتمادى آثار التضخم في التأثير سلباً على بقية النشاطات وزيادة المخاطر إلخ.. البائع يهمه تجاوز نقطة التعادل في البداية، ثم تعظيم هامش أرباحه والعائد على استثماره!! وإن لم يتحقق له ذلك خلال عامين إلى ثلاثة أو تآكل رأس ماله، فسيغلق نشاطه ويصفّيه.. والمشتري يبحث عن الجودة بأفضل وأنسب الأسعار له، وقدرته على الوفاء بالسداد إن اضطر إلى تمويل شراءه بتمويل بنكي (سيارة، مسكن إلخ).. المهم هنا أن نرى مزيد من تفعيل أدوات كبح التضخم (رسوم الأراضي) وهو الأمر الذي بدأ بحمد الله، ولا حاجة لاختراع العجلة من جديد.. أضرار تضخم الأراضي والعقار أصبحت واضحة للعيان ولمست جميع نشاطات الاقتصاد كاملا.. المستفيد الوحيد منه فقط طرف محدود جدا من حيث العدد ولم يقدّم 1 في المليار أي قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.. وهدّي أعصابك فالقادم أجمل بإذن الله!!
لا يحدد أسعار السلع إلا العرض والطلب والدولة لا تحدد سعر سلعة سوى تلك التى تدعمها. أ.ب الإقتصاد الحر
أشرت إلى (رسوم الأراضى) هل كبحت فعلا الأسعار !!؟
اعجبنى الموضع واعجبت ايضا ببعض المداخلات من الاخوة الاعضاء ولكن لدى قناعة راسخة ان هذا لن يغير من الامر شىء وستظل مشكلة امتلاك المواطن مسكن بسعر معقول يتناسب مع دخله عصية عن الحل لان المخرج عاوز كدة
وأقول الله المستعان أخي الموقر.. وإن شاء الله أنّ الأمور في هذا الخصوص تسير نحو ما يخدم اقتصادنا ومجتمعنا قبل أي طرفٍ آخر، وأن يتم تفعيل كامل أدوات كبح الأسعار بأسرع وقت.. ولك وافر تحياتي وتقديري وللجميع هنا
أخ فواز / أصبحت نسبة التملك للسكن 60% وهى نسبة فى حد ذاتها عالية أما المستهدف قيتجه نحو 70%. النكلفة لشراء السكن حسب المنهاج المطبق الآن من قبل وزارة الإسكان فهو منطقى ومعقول وإن كان يبدو مرتفعا ولكن لا تنسى المدة الطويلة لإسترداد القرض. هذه هى طبيعة القروض السكنية طويلة الأجل فى معظم دول العالم !