استبشر سكان مدينة الرياض خيراً بصدور توجيهات سمو ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، لتحقيق التوازن في القطاع العقاري في الرياض، وتوفير منتجات عقارية متنوعة، بأسعار معقولة، تلبي حاجة المواطن والقطاع الخاص. رفع الإيقاف عن مساحات موقوفة، وتوفير أراضٍ سكنية مطورة، و تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء، و ضبط العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين، و مراقبة أسعار العقارات، ستسهم بإذن الله، في ضبط السوق العقارية وتحقيق توازنها، ومعالجة بعض تشوهاتها، شكل ضبط السوق العقارية معضلة لهيئة العقار ولوزارة البلديات والإسكان، المعنية بتحقيق توازن السوق وزيادة المعروض السكني، فجاءت توجيهات سمو ولي العهد لتضع حلولا عاجلة وعملية لإصلاح خلل السوق وتحقيق توازنها، وللتخفيف على المواطنين.
فهل ستؤدي القرارات الجديدة إلى خفض أسعار عقارات الرياض؟
سؤال يبحث الجميع عن إجابته، وتحذر هيئة العقار الخوض فيه من غير المصرح لهم، ما حجب كثيرا من الآراء العقلانية التي ربما كان لأصحابها دور مهم في إبراز تحديات السوق العقارية وحاجتها الملحة للإصلاح، وعمق وأسباب صدور التوجيه الكريم، بشفافية وموضوعية، محققة للغايات المباركة.
تنقية السوق العقارية من غير المختصين، وأصحاب الآراء الموجهة لتحقيق مكاسب شخصية، أمر مهم ويستحق الإشادة، غير أن ترك السوق خلال فترات ماضية، لأصوات ساهمت في تغذية التضخم من خلال التحليلات والرسائل الموجهة، يرفع علامات الإستفهام.
كان بعض العقاريين الجدد، ومن يتحدثون بالنيابة عنهم في الفضاء الإلكتروني، والوسطاء يُفتون في شؤون السوق بأريحية، و(يبشرون) بموجات ارتفاع قادمة، وبعضهم استغل استضافة المملكة لإكسبو الرياض 2030، وكأس العالم 2034 لتكريس فكرة التضخم القادم للسوق العقارية، والرياض على وجه الخصوص، دون أن نجد تحركا من هيئة العقار لحماية السوق العقارية، أو نصرة المتضررين، الباحثين عن تملك، أو استئجار شقة صغيرة، لا منزلا في الرياض.
صحيفة الاقتصادية، أشارت إلى تراجع أسعار الأراضي السكنية في 23 حيا بالرياض، تراوحت بين 11-15 في المائة بعد الإجراءات الخمسة التي وجه بها سمو ولي العهد لتحقيق التوازن في القطاع العقاري في العاصمة.
من المؤكد أن تؤدي زيادة المعروض العقاري إلى إطفاء جذوة الأسعار المستعرة، وهي لا تحتاج إلى عمق تحليلي، أو مختص لقول ذلك، فلا ضير من إعطاء حق إبداء الرأي الإيجابي للمستبشرين بقرار سمو ولي العهد الذي أسعد سكان الرياض، فاعتبروه «عيدية» قدمت لهم من ولي الأمر في عيد الفطر السعيد.
وزير المالية محمد الجدعان ذكر بأن «التوازن في السوق العقاري يُسهم في تقليل الفجوة بين العرض والطلب، والحد من الارتفاعات غير المبررة في الأسعار.. وأن «الحد من التذبذب والسيطرة على ارتفاع الأسعار يحد من التضخم، ويدعم النمو الاقتصادي».
وزير التجارة ماجد القصبي، أكد بأن «القرارات الجديدة ستساهم في زيادة المعروض العقاري في الرياض، مما يمكن الأسر من تملك واستئجار المساكن بأسعار معقولة».
وهذه آراء معتبرة تفسر أهداف القرارات، وعزم الحكومة على معالجة تضخم السوق وتحقيق توازنها. تنفيذ القرارات الجديدة سيسهم في زيادة المعروض العقاري ويحد من التضخم وإرتفاع الأسعار، وسيسهم، بإذن الله، في ضبط السوق المنفلتة التي يدفعها قلة من المستفيدين، نحو الهاوية.
بل ومن الممكن قراءة قرار توفير أراضي سكنية مطورة بأسعار لا تتجاوز 1500 ريال للمتر المربع، من جانبين مهمين، الأول، وهو ما نص عليه القرار الرسمي، بتوفير أراضي مطورة للمواطنين بأسعار معقولة، لمعالجة أزمة الأسعار المتضخمة، ولا زيادة، أو تأويل في نصه أو معناه.
والثاني، وهو ما يتداوله البعض من أن السعر المُعلن في القرار يُمكن أن يتخذ منه العقلاء، والسوق، مؤشرا استرشاديا لما يجب أن يكون عليه سعر المتر السكني في الرياض.
قد يكون المؤشر الإسترشادي من الأمنيات التي تنقصها الدقة، وغير المفضلة للعقاريين، إلا أنها أمنية المستفيدين المتضررين من تضخم السوق وعدم قدرتهم على الشراء أو الإستئجار.
أختم بالتأكيد على أهمية قيام وزارة البلديات والإسكان بدور محوري لتحقيق توازن السوق العقارية المستدام، وضخ مزيد من المنتجات السكنية في جميع مدن المملكة وليس الرياض فحسب، فتضخم الأسعار طال الجميع، ولا مناص من اتخاذ قرار إستراتيجي بدعوة الشركات الصينية الكبرى للسوق السعودية، وإسناد بعض أراضي الوزارة الشاسعة، لها، كي تقوم بتطويرها وبناء تجمعات سكانية أشبه بالضواحي القريبة من المدن.
للصين تجربة عالمية هي الأضخم، والأكثر كفاءة وجودة، والأقل تكلفة، والأسرع في الإنجاز، وهي القادرة على تنفيذ تجمعات سكانية كبرى في فترة زمنية قصيرة، فبالإضافة إلى شراكات الوزارة مع المطورين السعوديين، يفترض أن تكون لها شراكة إستراتيجية مع الشركات الصينية الكبرى لمعالجة أزمة تضخم الأسعار وشح المعروض السكني وتدني جودة المخرجات، وبطء التنفيذ.
نقلا عن الجزيرة