علم نفس المال «10»

28/04/2021 0
فواز حمد الفواز

نواصل طرح أفكار الكتاب الأخيرة، الفكرة الـ 17: إنكار التناقضات بين ما نعتقد عن العالم وطبيعة الأمور لأن لدينا رغبة في اختصار ما يجري من خلال تبسيط الأحداث ومسبباتها في سياق مفهوم لنا، بينما طبيعة الواقع معقدة في كل ما يتعلق بالمال. هناك ثلاثة أجزاء لهذه الظاهرة، أولها أن هناك كما هائلا من المعلومات في العالم. ثانيا، لا تستطيع فهمها وهضمها كلها لذلك تبدأ تصفي وتختصر. ثالثا، تبدأ تصفي وتأخذ ما يتناسب مع معتقداتك عن العالم. لأن الكل يريد أن يفهم الأخبار والمعلومات في سياق مختصر تبدأ التناقضات والتعارض مع ما يحدث فعليا. فمثلا، الضرائب العالية تسهم في تباطؤ الاقتصاد كمفهوم مقبول، لكن العلاقة الرياضية يصعب تتبعها، فتقول لنفسك ربما هناك خطأ ما في المعلومات وبما هذا يكون صحيحا؟، وربما تقابل شخصا آخر يقدم سياقا آخر لا يأخذ بهذه المعلومات أو بهذا السياق، فمثلا يأخذ بسياق يقول: إن صناديق التحوط هي المسيطرة على المشهد وتسوقها رغبة التميز في الأداء، هناك أمثلة كثيرة على اختيار السياق السهل الذي نراه مناسبا بينما الشواهد في سياق آخر.

تقبل أي معلومة تتعلق بالمال بسبب العواطف وكثرة المعلومات والعوامل المتحركة إلى حد عدم قدرتنا على السيطرة عليها. بداية طيبة أن نتذكر أن دراسة التاريخ عبارة عن الأحداث التي حدثت للناس حين لم يفكروا فيها أو يعتقدوا أنها قد تحدث لهم، العلاقة مع المال ربما أقوى من هذه الحقيقة.

الفكرة الـ 18: ظاهرة دور المعتقدات السياسية في القرارات المالية والاستثمارية. يقول الكاتب: إنه حضر ندوة بدأ المتحدث بقول "تعرفون لما يتحدث الرئيس أوباما عن التمسك بالبندق والإنجيل، هذا أنا، أريد أن أشرح لكم كيف سياساته المجازفة تؤثر في الاقتصاد". معتقداتك السياسية غير مهمة حين يتعلق الأمر بأخذ قرارات عقلانية. المفهوم العام أن الجمهوريين مع سياسة السوق وتقليص الضرائب وبالتالي مع النمو الاقتصادي، وأن الديمقراطيين مع دولة الرفاهية وبالتالي ضرائب أعلى وبالتالي نمو اقتصادي أقل، لكن هذه في الأساس معتقدات سياسية وشعارية أحيانا ونادرا ما تكون المعلومات كافية لتأكيد النتيجة والحكم فضلا عن التأثير في الأسواق وتصرفات الناس في أمورهم المالية. يقول الكاتب: إن صحافيا سأله عن العلاقة وحين ذكر له أن العينة لا تكفي للخروج بحكم قاطع أصر على توظيف المعلومات ونشرها بما يتناسب مع طرحه السياسي. لذلك وجد البعض فرصة لتوظيفها بما لا يتناسب مع قيمتها الحقيقية. الفكرة الـ 19: ظاهرة توظيف آخر ثلاثة أشهر أخيرة من طفرة ما، يلجأ كثير للاعتماد على ما يحدث الآن لتوقع المستقبل القريب والمبالغة في أهمية دور الأشهر المقبلة على حالتهم المالية. البعض اعتقد أن أحداث 11 / 9 بداية لأحداث مشابهة، وبالتالي الإحجام عن الاستثمار. اعتقد البعض أن حدثا آخر وشيكا وأن الناس ستتصرف نحوه بالطريقة نفسها. حين انخفضت السوق 40 في المائة في 2008 أصر البعض على أن هناك انخفاضا مؤثرا آخر قريبا، لكن السوق استمرت في الارتفاع مع تذبذب من فترة لأخرى، وانتظرت لتصحيح مؤثر بسبب كورونا. غالبا حدوث تطور مهم لا يعني حدوثه قريبا. الاستراتيجية الحصيفة تعي أن التفاعل غالبا ينبع من الانفعال بينما الأهداف بعيدة المدى.

 

نقلا عن الاقتصادية