علم نفس المال «8»

13/04/2021 0
فواز حمد الفواز

نواصل طرح أفكار الكتاب. الفكرة الـ 13: سوء تقدير احتمال الخطأ ليس ماليا فقط، لكن أيضا فكريا ومعنويا. يقول بن جراهام - أحد منظري ومديري الاستثمار -: "الهدف من هامش الأمان إلغاء الحاجة إلى التوقعات المستقبلية". أغلب التفاعل مع هذه النصيحة يدور حول اعتزاز كثيرين بقدرتهم على التوقعات. أغلب الناس لا تعطي مساحة أمان كافية للخطأ في كل ما يتعلق بالمال لسببين، الأول: الاعتقاد أن نظرتك للمستقبل صائبة، خاصة أن قبول العكس دائما غير مريح. الثاني: الشعور بأنك تضر نفسك اقتصاديا إذا لم تأخذ قرارات بناء على توقعاتك المستقبلية. لكن هامش الأمان لا يعطى حقه غالبا. كثير ينظر إلى الهامش كعامل للتصرف المحافظ، لكن الدور الحقيقي لهامش الأمان يأتي في دوره في الصبر والديمومة، هامش الأمان يجعل المستثمر قادرا على الاستمرار وتحمل الأخطاء. المكاسب الكبيرة لا تتكون دائما لأنها لا تحدث كثيرا أو تحتاج إلى وقت للتراكم. لذلك يحتاج المستثمر إلى هامش الأمان لتحمل بعض الأخطاء وبالتالي مواصلة اللعب.

أحيانا على المستوى النظري قد يقبل الناس احتمال خسارة 30 في المائة من المحفظة لأن لديهم القدرة على دفع المتطلبات الشخصية، لكن ذهنيا ونفسيا الموضوع مختلف، الخطر على الثقة والتجربة. أعرف كثيرا من المستثمرين الذين توقفوا على أثر خسائر مؤثرة غير متوقعة. النماذج المالية "بما في ذلك السماح بخسارة مؤثرة" قد تكون مقبولة فكريا، لكن عمليا قد تنهي التجربة لأنها لا تقيس العواطف وعمق التجربة التي تغير مجرى التصرف.

الفكرة الـ 14: ظاهرة التأثر من خطوات آخرين في أدوار ومراحل مالية واستثمارية مختلفة. في عام 1999 تضاعف سعر أسهم شركة سيسكو ثلاث مرات لتصل القيمة السوقية للشركة إلى 600 مليار دولار، حينها قال بورتون مالكيل: إن نسبة ارتفاع السعر ستجعلها في خلال 20 عاما أكبر من حجم الاقتصاد الأمريكي. ارتفع السعر لأن تجار ومضاربي الأسهم اعتقدوا أن سعر السهم سيواصل الارتفاع وكان صحيحا لمدة. السعر اليوم 60 دولارا وغدا 65 دولارا، لكن لمستثمر طويل المدى في 1999، 60 دولارا هو السعر المعروض ذلك اليوم وربما تقول لنفسك، لعل المشترين يعرفون شيئا لا أعرفه، وربما أقنعت نفسك أن قرار الشراء ذكي. لكن فجأة قرر التجار والمضاربون التوقف، ما يعني نهاية اللعبة. فهؤلاء يلعبون لعبة مختلفة، فحين تبدأ أخذ التلميحات من أناس تلعب لعبة مختلفة تدخل دائرة الخديعة وتنتهي بخسارة موجعة لأنها لعبة مختلفة بأهداف مختلفة. أحد الدروس الاستثمارية مراعاة تصرفات وأحاديث أناس تلعب في مساحة أخرى ولعبة مختلفة. لكن هذه ناحية مختلفة، حيث تشمل تصرفات كثيرة قبل الاستثمار مثل القدرة على التوفير وإدارة الاستهلاك وكيفية تفكيرك حول المال وخطط التقاعد ومستوى المخاطر، في كل هذه النواحي لا بد من التمييز الدقيق بين المساحة التي تتحرك فيها والمساحات التي يلعب فيها الآخرون. ترتبط المالية الشخصية بالنواحي الشخصية العميقة وهذه تختلف، ولذلك من أصعب الأشياء أن تتعلم من أناس يمارسون لعبة مختلفة في فضاء مختلف غالبا لا يتطابق مع ظروفك الشخصية. يزداد الأمر صعوبة حين يطلب بعضهم نصيحة، لكنه غير مقدر لموقفه تماما. في الأسبوع المقبل نواصل طرح الفكرتين الـ 15 والـ 16.

 

نقلا عن الاقتصادية