علم نفس المال «6»

16/03/2021 0
فواز حمد الفواز

نواصل طرح أفكار الكتاب، خاصة أن الأجزاء مترابطة لكنها مختلفة، ما يجعل المتابعة سهلة. الفكرة التاسعة: أغلب النجاح في استثمار الأسهم يأتي بسبب القدرة على مخالفة المألوف contrarian thinking، لكن غالبا البحث عن غير المألوف يقود للمألوف، فهناك نحو 40 ألف مستثمر يتزاحمون سنويا لحضور اجتماع مساهمي بيركشاير "شركة وارن بافت" معتقدين أنهم من مدرسة الاستثمار المخالفة للمألوف، لكنهم لا يعتقدون ما يقودهم هو المعروف والمألوف، فلم يعد العائد على شركة بافت هو الأعلى. أي شيء ذي علاقة بالنقود عالي الأهمية، ولذلك هناك مخاطر من القرار الخطأ، خسارة المال دائما مسألة عاطفية، ولذلك محاولة تفادي الأخطاء تقود إلى محاولة إيجاد من يتفق معك. القبول الاجتماعي قوة مؤثرة في تصرفات الناس، حين تجد من يتفق معك غالبا لا يحتاج إلى بحث عن الحقائق والقرائن العلمية. أغلب وجهات نظر الناس فيها نواقص وعيوب بعضها بغير وعي. اهتمام الجمهور والقبول الاجتماعي يعوضان عن هذه النواقص.

الإشكالية أن هناك غالبا علاقة عكسية بين الإقبال على استثمار معين والفرصة. العائد غالبا يأتي من إعادة التقييم "إقبال كثير على الدخول فيه" بعد أن يصبح الاستثمار مألوفا ومقبولا وبالتالي العائد الاستثنائي تحقق من قبل المخالف للمألوف قبل إقبال الناس. أغلب ما يندرج تحت البحث عن المألوف ما هو إلا شكوك غير عقلانية، بينما الاختلاف عن المألوف عادة غير مريح ويستهجن من كثير ويقود للشك. قليل من الناس يتحمل هذه الاستقلالية. ولذلك النجاح في الاستثمار دائما قليل.

الفكرة العاشرة: توجه أكاديمي لحقل لا يخضع لقوانين محددة بل توجهات يصعب التنبؤ بها. فاز ماركوتز Markowitz بجائزة نوبل للاقتصاد لتوصله إلى معادلة تستطيع فرضا تحديد دقيق لتوزيع المحفظة بين الأسهم والسندات لكل مستوى مخاطره. لكن حين سألته صحيفة مالية عن طريقته في إدارة أمواله كان رده: أتخيل حزني لو ارتفعت السوق، وليس لدي مركز مالي، أو انخفضت السوق وكل أموالي فيها. هدفي أن أقلل احتمالات الحزن. لذلك استثمر 50/50 بين الأسهم والسندات. هناك كثير في المالية الأكاديمية صحيح فنيا لكنها تفشل في وصف تصرفات الناس في الواقع العملي. بعض التنظير المالي مفيد، لكن أغلبه يصب في إبهار أكاديميين لبعض، يقول الكاتب: لا أقول هذا للوم أو القدح، لكن لمعرفة الحقيقة فقط. يقول: إنه اطلع على دراسة توصي المستثمر الشاب بأن يقبل رافعة مالية مضاعفة "ضعفي رأسماله في قروض" للاستثمار في الأسهم حتى لو خسر وكررها ففي الأخير سيكسب، يصعب أن يفلس الشاب ويعيد التجربة واقعيا.

الإشكالية هنا أن الطرح الأكاديمي يطالب بدرجة عالية من الدقة من خلال النماذج والمعادلات، ومن ثم يحاول البعض توظيفها على أرض الواقع، لكنها غالبا لا تفيد لأن عالم المال يخضع للعواطف وغير المتوقع. لا يمكن تفسير العواطف وغير المتوقع بواسطة معادلات رياضية دقيقة. أحد الجوانب المهمة أن الناس تنجذب نحو الشهادات العليا والمظاهر الإعلامية، في دراسة لجامعة هارفارد أن الناس تعطي أهمية حين يتم اقتباس من ضيف تلفزيوني على قناة مالية. الحقيقة المرة أن العلوم المالية تحتاج إلى جائزة نوبل في التواضع.

 

نقلا عن الاقتصادية