كيف نحسن منتج دافوس؟

01/02/2021 0
د. خالد رمضان عبد اللطيف

يراودني سؤال محير حول قدرة منتدى شهير بحجم دافوس على التجاوب بفاعلية مع الأحداث المروِّعة التي وقعت خلال الاثني عشر شهرًا الماضية، فيما لا تزال ذاكراتي تحرضني على إثارة السؤال الأصعب حول فرص نجاح المنتدى العالمي في أداء مهمته هذه المرة، وهو الذي ينعقد افتراضياً هذا العام عبر الإنترنت، فخسر بذلك أبناء المدينة السويسرية ماكينة نقود هائلة، حيث بلغت مكاسبهم الصافية العام الماضي نحو 80 مليون فرنك (90 مليون دولار)، والآن فقدوها، وبما أن التاريخ يخبرنا أن حقبة الأربعينيات فقط هي التي شهدت استجابة مناسبة للأزمات العالمية، فإن التساؤل الأكبر يدور حول ما الذي يمكن أن يُحدِث هذه المرة؟، وكيف نحسن منتج دافوس؟.

يعترف خبراء المنتدى الاقتصادي بأن المطلوب لمعالجة الأزمات يتجاوز بكثير الإصلاحات الاقتصادية أو التدابير المناخية أو طرق معالجة تداعيات الجائحة، فالعمل العالمي يحتاج إلى تغيير المجتمعات، لجعله أكثر شمولاً وتماسكاً؛ حتى يستطيع مواكبة الاستدامة البيئية والاجتماعية، ولا شك أن الحاجة باتت ملحة لإعادة بناء الثقة الشعبية التي تتعرض للتآكل بفعل سوء التعامل مع الجائحة في كثير من دول العالم، وهو ما اعترفت به المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في كلمتها أمام المنتدى، قائلة: "لقد ارتكبنا جميعًا أخطاء"، وأخشى أن تكون معظم اجتماعات دافوس بلا جدوى.

تشير السوابق التاريخية إلى فشل ماكينة التنبؤات الاقتصادية لخبراء للمنتدى، وهناك أربعة أمثلة حية على هذا الفشل، فعندما اندلعت أزمة الرهن العقاري في يناير 2008، استبعد خبراء دافوس ركوداً عالمياً وشيكاً، وفي يناير2016، لم يتوقع المنتدي حدثين هامين غيرا مجرى الأحداث في أوروبا والولايات المتحدة، الأول هو فوز أنصار بريكست بالاستفتاء، والثاني وصول دونالد ترامب إلي سدة البيت الأبيض، وفي يناير 2020، وبينما كان العالم يتناقل أخبار ضحايا كورونا، وعمليات الإغلاق في الصين والكمامات الإجبارية، ووصول الفيروس للولايات المتحدة، لم يتناول الرئيس الأمريكي السابق ترامب أو أي متحدث آخر في دافوس هذه الموضوعات.

في العرف الاقتصادي، يمكن للخبراء المهرة إطلاق توقعات على المدى القصير، وتحديدا من 3 أشهر إلى 18 شهرا، لكن خبراء دافوس فشلوا مراراً في عملية التوقع، والأدهى أنهم مستمرون في التعاطي مع الأمور بشكل خاطئ، وعلى ما يبدو، فإنهم مهتمون أكثر من أي شيء آخر بالترويج لكتبهم، بينما هم بعيدون كل البعد عن العمل الفعلي، وربما ينبغي لخبراء دافوس أن يتعلموا الدرس من خبير التكنولوجيا أرييه كوفلر، الذي تابع بشغف التجمعات الغاضبة المؤيدة لترامب على الإنترنت، ثم كتب تغريدة في 21 ديسمبر، توقع فيها ما حدث بالفعل، وجاء فيها: "في السادس من يناير، ستحتشد الميليشيات المسلحة بناء على أوامر ترامب في العاصمة واشنطن، ومن المحتمل جداً أنهم سيحاولون اقتحام مبنى الكونجرس بعد المصادقة على فوز الرئيس جو بايدن". 

 

خاص_الفابيتا