في الاقتصاد وربما في نواح أخرى من الحياة السياق أهم من الحالات حتى من بعض العناصر. التستر آفة مالية نتجت عن وضع اقتصادي معين. رغبة المملكة في تكبير الاقتصاد بأكثر من قوى الإنتاج المتوافرة وطنيا جرت إلى تسهيل الاستقدام، مع وفرة مالية ونزعة استهلاكية عالمية أصبحنا جزءا منها تكون منظومة فريدة في الأغلب تتحدى التحليل الاقتصادي التقليدي. الحالة العامة غلبت عليها أدوار مختلفة للمواطنين مقارنة بالوافدين، مع الوقت حدثت فجوات أغلبها في الفاعلية وأخرى في الإدارة تسببت في ظاهرة التستر. الظاهرة مكلفة ولا أعرف إذا هناك دراسة موثوقة عنها ولكن شواهدها معروفة ومنها عزوف المواطنين عن بعض المهن والتسرب المالي للخارج وقلة الاستثمارات النوعية، لأن المتستر عليه في حالة عدم يقين والمتستر عادة في أضعف حلقة اقتصادية، ولكن بينهما أطياف. التكلفة الاقتصادية دائما صعبة القياس والتأطير لأن النموذج الاقتصادي لم يستقر والمعلومة إما ناقصة وإما لم توظف في الإطار المناسب اقتصاديا. المنطق الاقتصادي للتستر جاء بسبب الحاجة إلى سد الفجوة في الحراك الاقتصادي من قبل المواطنين. محاولة مكافحة الظاهرة تنظيميا تطور إيجابي وخطوة مكملة لمحاربة الفساد الإداري والمالي ولكنها عبء إداري غير متوقع.
في رأيي أن يكون التركيز على النواحي الاقتصادية والقانونية معا دون تركيز على إحداهما على حساب الأخرى، مع أهمية وجود تعريف اقتصادي للظاهرة. كما جاء في النظام أن أعلى عقوبة مالية خمسة ملايين ريال ما يبدو قليلا لبعض الأنشطة، بل الأحرى الربط بالعوائد المترتبة على التستر بينما العقوبة العامة كنسبة منها.
وأحد أوجه التحدي تكاثر الوافدين أحيانا بمبررات اقتصادية وأحيانا دون مبرر واضح. وجد التستر بيئة مواتية في عدم الوضوح، فمثلا هناك وافدون لديهم المبادرة في الأعمال إلى حد استغلال عمالة وافدة أحيانا دون إقامات صالحة، وهناك مناطق رمادية حيث يجد مواطن مبادر أن المسؤول المباشر عن العمل أقرب وأكثر معرفة فنية، فتدريجيا تتحول القيمة الاقتصادية من المالك إلى المدير الفعلي. لفت نظري من مواد النظام دور مسؤولي الضبط الجنائي والحاجة إلى إعداد هؤلاء لفهم النماذج الاقتصادية لظاهرة التستر وتبعاتها، لأن التستر يأخذ أشكالا وصيغا متنوعة وقد يخادع المراقب فنيا وتحليليا، ما قد تنتج عنه إعاقة لبعض الأعمال أو سلسلة الأعمال في بعض حلقاتها.
ولا بد من النظرة إلى النظام كإحدى الخطوات المهمة لإصلاح وتحديث المنظومة التنظيمية والإدارية في المملكة وألا يحمل تبعات تراكمات اقتصادية وسلوكية. تحليليا يصعب فصل التستر عن السياسة البشرية، خاصة الاستقدام، وبالتالي حل التستر جزء من تحدي التوطين. يطمح النظام إلى إصلاح ما أفرزته ظروف استثنائية استمرت حتى أصبحت عادة ولكن يصعب أن نعول على "النظام" وحده لإصلاح واقع اقتصادي. ربما من الأفضل التركيز قطاعيا، فلنبدأ بالتجارة، خاصة الجزئية، مثل الصيدليات. وجه العملة الآخر من التستر هو دور المواطن ومستوى رغبته في العمل ومثابرته وقدرة المجتمع على تحفيزه. يبدو لي أن النظام إذا طبق سينجح في تقليل الظاهرة خاصة في ظل الحرب على الفساد ولكنه لن يستطيع تغيير الحالة الاقتصادية، فهذه تتطلب حلولا اقتصادية لأن التحدي الجوهري ليس في وجود الوافد ولكن في التركيبة البشرية والعمالية والنهج التعليمي ومستوى الإنتاجية. ربما يخدمنا النظام لأعوام قليلة ومن ثم يتطور لمعالجة تحديات اقتصادية أكثر علاقة بسلم القيمة المضافة في الاقتصاد.
نقلا عن الاقتصادية
استاذ فواز اهم سبب لمشكلة التستر هو وجود اعداد ( هائله ) من الوافدين لدرجة ان بعضهم عاطل عن العمل ويبحث عن عمل !! صراحه شئ يدعو للعجب ويضحك الثكلى كما يقال !! لماذا لايذهب العاطل ويتعطل في بلده ؟! اول خطوه لمكافحة داء التستر هو تقليص هذه الاعداد الهائله التي تصل الى اكثر من 12 مليون وافد نظامي هذا بخلاف ملايين اخرى قدرها بعض اعضاء مجلس الشورى بخمسة ملايين لايحملون اي اقامه او رخصة عمل ويعملون ويعيشون بيننا !! ولكن كيف السبيل لذالك ووزارة الموارد البشريه ( الموقره ) العام الماضي 2019 في الربع الثالث اصدرت اكثر من 600 الف تأشيرة عمل وهذا الرقم تم نشره في موقع ارقام ؟!
شكرا اخي عامر ربما من اهم الاشكاليات في الموارد البشرية ضعف نسبة مشاركة السعوديين في سوق العمل و عوج في دور المواطنين.
هناك حل لكل مشكلة متى ما كان الهدف الأساسي هو حلها وليس استغلالها لتحقيق أهداف أخرى وتبقى المشكلة كما هي او نجد انفسنا وقعنا بمشكلة أخرى وذلك بسبب التركيز على تحقيق الأهداف الأخرى دون حل مشكلتنا الاساسية.
شكرا لك اخ Abdullah0144 ماهي مشكلتنا الاساسية من وجه نظرك ؟
المطلوب: التركيز على إيجاد الحلول المناسبة لجذور المشكلة والعمل على وضع استراتيجيات طويلة الأمد بخطط قصيره الأمد لتنظيمات من شأنها منع أسباب المشكلة الجذرية. الواقع الحالي: يتم البحث عن حلول تخدم اهداف أخرى قد تعطي الإيحاء بانها حل للمشكلة الأساسية غير انها ارتباطها يكون بقشور المشكلة وليس بجذورها وبالتالي تكون غير فعالة وبدون فاعلية. او البحث عن حلول سريعة التطبيق وتعطي نفس الإيحاء السابق. او يتم وضع حلول من الأساس واضحة وجلية انها لا يمكن ان تكون سبب بحل المشكلة وانما وضعت بسبب انه طُلب حل المشكلة وتم تنفيذ هذا الحل لإرضاء الطالب. ومن الممكن ان تكون هناك سيناريوات أخرى لم تتبادر الى ذهني في الوقت الحالي.