في الوقت الذي يتحدث خلاله عديد من المهتمين والمراقبين عن تداعيات انتشار الجائحة العالمية لفيروس كورونا كوفيد - 19، وكيف أنها ألقت بظلالها القاتمة على مختلف قطاعات الأعمال محليا وعالميا، وتوقعات استمرار آثار تلك التداعيات لعامين، على أقل تقدير، على أداء الاقتصادات عالميا، والأخذ في الحسبان أيضا تصاعد وتيرة المخاطر المرتبطة باحتمالات تعثر كثير من الحكومات والشركات العالمية التي أشار إليها تقرير الاستقرار المالي 2020 الصادر أخيرا عن مؤسسة النقد العربي السعودي، حول ما تضمنته تلك المخاطر السلبية التي سبق تأثيرها انتشار الجائحة العالمية من تراكم الديون في المؤسسات السيادية والشركات والمؤسسات غير المصرفية التي نتجت عن الأوضاع المالية التيسيرية، والتباطؤ في النمو العالمي دون المتوقع، في ظل تصاعد التوترات التجارية والاضطرابات الاجتماعية، ما زاد بدوره حالة عدم اليقين، بينما أوضح التقرير نفسه عن الأمر ذاته محليا أن من المتوقع أن يشهد القطاع المصرفي خلال العام الجاري تراجعا في نشاطاته، وانعكاسه سلبا على ربحية القطاع، وتوقعات ارتفاع مستويات التعثر عن السداد، إلا أن أثره سيكون محدودا في القطاع لما يتمتع به من وضع جيد.
أمام الصورة المختصرة أعلاه التي تسيطر عليها حالة عدم اليقين في الأغلب عالميا ومحليا، إلا أن في المقابل يتوافر ما يمكن القول عنه إنه يحمل من الفرص الإيجابية ما يستحق الاهتمام به التي قد لا يراها إلا الأكثر جرأة وتدقيقا في تفاصيل التحولات والتطورات الراهنة والمستقبل القريب، خاصة في الاقتصاد الوطني الذي يشهد كثيرا من الإصلاحات والتطوير.
ولتسليط الضوء على الجزء الأكبر من تلك الفرص، التي إما تولد بعضها أو هو في طريقه إلى الوجود ضمن بيئة الأعمال المحلية، سيتم التركيز على جانبين رئيسين من الإصلاحات الراهنة الجاري العمل عليها خلال الفترة الراهنة. الجانب الأول: المتمثل في تشديد الحرب على كل أشكال التستر التجاري محليا التي بدأت بالتصاعد بشكل لافت منذ مطلع العام الماضي، وشهدت أخيرا توسيعا أكبر على مستوى جهود محاربته التي أشارت تقديرات سابقة حول حجمه إلى أنه يراوح بين 500 و700 مليار ريال، أسهم عديد من التشوهات الهيكلية محليا في تشكله حتى وصل إلى ما وصل إليه، ومع الاندفاع الإصلاحي الحازم لبرامج رؤية المملكة 2030 التي بدأت في منتصف 2016، وتدشين أحد أهم برامجها ممثلا في البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري مع مطلع 2019 معتمدا على أحدث التقنيات والإجراءات الصارمة، ما يعني بدوره في العموم أن الدائرة الأكبر للتشوهات الهيكلية، قد أخذت منحى لتضييقها إلى أدنى درجة ممكنة تحت مظلة رؤية المملكة 2030، وعنى أيضا خصوصا فيما يتعلق بالتستر التجاري تضييقا أكثر تركيزا وأسرع تنفيذا. يتوقع من كل ذلك أن يسفر عن توافر فرص استثمارية عالية الجدوى، سواء من الفرص التي ستنتج عن سقوط المنشآت والكيانات المتورطة في مخالفات التستر التجاري، أو التي ستنتج عن تنقية وتنظيف وتطوير بيئة الأعمال المحلية، كنتيجة مباشرة للإصلاحات الهيكلية الجاري تنفيذها خلال الفترة الراهنة ومستقبلا، ودون إغفال تأثير تداعيات انتشار الجائحة العالمية لفيروس كورونا كوفيد - 19، وما نتج عنها من تغييرات جذرية على مستوى تأسيس وتيسير أعمال المنشآت العاملة في القطاع الخاص.
الجانب الثاني: المتمثل في انسداد الطريق إلى حد بعيد جدا أمام الأموال والثروات التي تم توظيفها طوال عقود ماضية في عمليات مضاربة محمومة على الأراضي، ودون أي تطوير أو استخدام لها، تركزت بمئات المليارات من الريالات على شراء وبيع وتدوير تلك الأراضي عاما بعد عام، اجتذبها إلى تلك العمليات من المضاربة عديد من الأسباب والتشوهات كان من أبرزها الضعف الشديد لتنظيمات السوق العقارية المحلية، وعدم وجود ما يمنع تلك الممارسات البيعية، وأيضا عدم وجود أي تكلفة عليها، إضافة إلى ضيق قنوات الاستثمار المحلية في جانب، ومن جانب آخر وجود كثير من الإجراءات البيروقراطية بالغة التعقيد لأجل دخول بيئة الأعمال المحلية.
لقد أصبح أغلب تلك الأسباب والتشوهات إما في طي التاريخ، أو قطع أشواطا من الإصلاح والمعالجة والتطوير. وتأكيدا على صحة ما تقدم أظهر أحدث بيانات السوق العقارية انخفاض متوسط التعاملات الشهرية على قطع الأراضي، بعد تطبيق الزيادة الجديدة في معدل ضريبة القيمة المضافة بنحو 71 في المائة، مقارنة بما كانت عليه قبل تطبيق الزيادة، منخفضة من متوسط شهري بلغ 17.4 مليار ريال قبل التطبيق، إلى نحو 5.0 مليار ريال شهريا بعد التطبيق، ويؤمل مع تسارع استكمال تنفيذ بقية المراحل التنفيذية لنظام الرسوم على الأراضي البيضاء أن تتحسن التعاملات العقارية بدرجة أكبر على شراء وبيع الأراضي لتتركز بدرجة أكبر على تملك تلك الأراضي بهدف التطوير والاستخدام لا بهدف الاحتفاظ بها واكتنازها أو المضاربة عليها ومن ثم بيعها بأسعار أعلى.
ستؤدي هذه التحولات الجذرية إلى إحداث كثير من التغيرات في السوق العقارية المحلية، وعلى مستوى الاقتصاد الوطني عموما، فلم يعد الطريق مفتوحا إلى السوق العقارية إلا للثروات والأموال التي تستهدف التطوير والإنشاء والتعمير، وهذا سيطور كثيرا من واقع السوق ويحولها إلى قطاع أكثر إنتاجية يسهم بدرجة أكبر في تعزيز الاستقرار الاقتصادي، وإيجاد كثير من فرص العمل، عدا آثاره الإيجابية الأخرى التي من أهمها المساهمة في معالجة مشكلة تملك المساكن.
أما بالنسبة لملاك الثروات الذين قد لا يفضلون البيئة الجديدة للسوق العقارية، وما أصبح واقعا أمامهم من ضعف شديد جدا للممارسات المضاربية التي اعتادوا عليها لعقود مضت، فيمكن لهم الاستفادة بصورة كبيرة من الفرص الاستثمارية المحلية التي ستنتج عن إخلاء كثير من المنشآت المخالفة والمتورطة في التستر التجاري، أو تلك التي ستتشكل عن بقية الإصلاحات الهيكلية الجاري تنفيذها، وهي الفرص الاستثمارية الواعدة إلى حد بعيد، التي باقتناصهم لها ستنعكس على ثرواتهم بعوائد جيدة جدا - طبعا لا تقارن بعوائد ممارساتهم المضاربية السابقة - وستنعكس إيجابيا على الأداء الاقتصاد الكلي من حيث تنويع قاعدة الإنتاج، وزيادة فرص العمل، وتحسين مستويات الدخل للأفراد، وانعكاس كل ذلك إيجابيا في مراحل لاحقة على زيادة الطلب الاستهلاكي محليا الذي سيصب أغلب عوائده في أرباح منشآت القطاع الخاص حيث أصبحوا جميعا اليوم من أربابه وملاكه.
نقلا عن الاقتصادية
الاقتصادي العالمي عابر الحدود و الذي يراقبنا من الخارج يقول بأن سوقنا المحليه أكبر فرصه استثماريه لمن يبحث عن ملاذ لاستثماراته , لسنا وحدنا بل كل دول الخليج والجزيره العربيه أسواق بكر واعده ولها شأن كبير في قصص الاقتصاد العالمي مستقبلا .نمتلك امكانية امتلاك أعلى تقنيات تنمية موارد المياه وتكنولوجيا الطاقه المتجدده والطاقه الشمسيه ومنظومات الموانئ من شط العرب مرورا ببحر العرب حتى خليج السويس .. جغرافيا فتيه جديده متعطشه الى الأموال . مانضعه في بلداننا لا يخسر وإن خسر مؤقتا بقيت أصوله على ارضه .